قائمة الموقع

غزّة بين مخالب "إسرائيل" والخطّ الأصفر!

2025-12-11T09:31:00+02:00
هبة دهيني

قصفٌ يوميّ وخروقاتٌ لا متناهية يتغنّى الاحتلال باستكمالها في غزّة، بالتّوازي مع منع إدخال المساعدات، والحصار المشدّد على القطاع، والقتل بأسلحةٍ أميركيّة. عائلاتٌ بأكملها تُباد رغم اتّفاق "وقف إطلاق النّار"، بالتّجويع الممنهج والإبادة الّتي يهندسُها الاحتلال بحياكةٍ أميركيّةٍ جليّة.

"يُهَندسُ" الاحتلال الإبادة في غزَة من خلال هجماتٍ يقوم بها بأسلوبٍ ممنهج، يهدف إلى تدمير البنية المادّيّة والاجتماعية في القطاع، ويشمل ذلك التخطيط المسبق لاستهداف الأحياء المدنيّة والبنى الأساسيّة، وتقسيم المناطق ودفع السكان للنزوح القسري إلى أماكن مزدحمة وغير آمنة، ومن ثم قصفهم هناك مجدّدًا.

كما يتضمّن استخدام أدوات "الهندسة العسكرية" لتغيير شكل القطاع عبر القصف والتجريف وتسوية أحياء كاملة، ما يؤدي إلى إعادة تشكيل البيئة السكانية، جغرافيا وديموغرافيا، ومنع عودة الناس إلى مناطقهم. كما يشير مصطلح "هندسة الإبادة" أيضًا إلى فرض ظروف حياة غير قابلة للاستمرار من خلال ضرب مصادر الماء والغذاء والكهرباء والمستشفيات، كما يفعل الاحتلال اليومَ تمامًا، مع منع دخول المساعدات.

هذا كلّه يهدف إلى أن يصبح البقاء نفسه صعبًا في القطاع، من أجل إعادة تشكيل غزة عبر تدمير ممنهج وكامل للقطاع، وهذا تحديدًا يأتي بالتّوازي مع الخطط الواهية لتبديل مكان "الخطّ الأصفر" مجدّدًا واستكمال "التّحكّم" بالقطاع وكأنّه بإدارةٍ أميركيّة – "إسرائيليّة" .

بعد اتّفاق وقف إطلاق النّار، فرضت "إسرائيلَ" الخطَّ الأصفر الّذي يستحوذ على قرابة 58% من مساحة القطاع، لكنّ هذا جعلَ الإبادة مُغَطّاةً بـ "قَبولٍ" دوليّ، فالجزء الشّرقيّ الّذي يُضَمُّ بالخطّ الأصفر هو منطقة تعتيمٍ عسكريّ، أجبر الاحتلال السّكّان على التهجير القسريّ من أجل إنشائها!

يُمنع الفلسطينيون من العودة إلى أحيائهم في هذه المنطقة، وأيّ محاولةٍ للعودة تعني القتل المباشر، ويحملها الاحتلال كذريعةٍ واهيةٍ للقصف واستكمال الإبادة، بل ومضاعفتها.

أمّا الجزء الغربيّ فيمثّل 42% من مساحة القطاع تقريبًا، وفيه، "يسمح" الاحتلال لأكثر من مليونيّ إنسان بـ "العيش"، تحت التّهديد. هذا الخطّ الأصفر يتغيّر يوميًّا وفقًا لما تريده "إسرائيل" وداعمتها الأولى "أميركا"، فيمثّل بذلك شريطًا يعزل النّاس عن بيوتهم، إذ رغم الاتفاق، يحظر العدوّ دخول المناطق السكنية والزراعية الواقعة خلف هذا الخط.

يُستخدم "الخط الأصفر" كذريعة "إسرائيلية" منهجية لانتهاك وقف إطلاق النار، وإخفاء أكبر عمليّة استيطانيّة "وقِحة" تعتمدها "إسرائيل"، ولتكريس احتلالها الدائم لغزّة، تحت مسمّى "الاتّفاق"، إذ يمثّل هذا الفعلُ مرحلة انسحاب وهميّ يبقى معه الاحتلال مسيطرًا على أكثر من نصف القطاع!

غزّة اليوم، بين مخالب الكيان الّذي يستمرّ بقصفها وتحويل حياة ساكنيها إلى جحيم، خاصّةً في أيّام الشّتاء هذه، والّتي تغرق الخيام إثر عواصفها، ولا يجد الغزّيون ملبسًا ولا مأكلًا ولا أيّ مقوّماتٍ للحياة، إذ يمنع الاحتلال كلّ شيءٍ عنهم. وفي الوقتِ نفسه، لا يقتصر الغرق على العواصف، بل ويُغرقُ الاحتلال غزّة بخططه الممنهجة وخطّه الأصفر الّذي يعدّ استيطانًا واضحًا واحتلالًا مضاعفًا بغطاءٍ "دوليّ"!

اخبار ذات صلة