/مقالات/ عرض الخبر

حرب إبادةٍ على الضّفّة وزيتونِها!

2025/11/19 الساعة 01:34 م

هبة دهيني

إنّ أساس قيام الفكرة الصّهيونيّة، وتأسيس الكيان الإسرائيليّ كـ "دولةٍ" مزعومة، يجعل دعم "جيش" الاحتلال لمستوطني الضّفّة في إبادتهم لشجر الزّيتون غير مستغرَب، وإنّما المستَغرَب فعلًا، هو الصّمت العربيّ أمام انتهاكات المستوطنينَ وهم يقتلعون أشجار الضّفّة بعقائدَ وذرائعَ واهية!

بُنيَ كيان الاحتلال على فكرٍ إحلاليٍّ استيطانيّ، وبالتالي، فإنّه يستهدف أراضي فلسطينَ الزّراعيّة، كما يستهدف منازل أهلها، بل وكما يستهدف أهلَها الأبرياء بحدّ ذاتهم. هذا الاستهداف إنّما هو انعكاسٌ للفكرِ الصّهيونيّ المتفشّي، والّذي يريد أن يهجّر الفلسطينيين من أرضهم، وأن يمنع عنهم قوتَ يومهم الزّراعيّ، ويبيد رمزيّة الأشجار والأرضِ والبلاد.

خلال شهرٍ واحد -آب الماضي- اقتلع المستوطنون بمساعدة سلطات الاحتلال 11,700 شجرةً في الضّفّة، منها 11,599 شجرةَ زيتون، إضافةً إلى أنّ 126,739 شجرةً دُمّرَت منذ عام 2017، ونحو 2,5 مليون شجرة اقتُلِعَت منذ النّكسة، ثُلثاها زيتون، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينيّة!

يأتي هذا في حين يمارس المستوطنون جرائمهم للضغط على السّكّانِ الفلسطينيّينَ من أجل تهجيرهم، إذ صدر قرارٌ استيطانيٌّ مؤخّرًا لالتهامِ أراضٍ في الضّفّة الغربيّة، يقضي القرار بتوزيع 770 ألف مستوطن على أكثر من 180 مستوطنة و265 بؤرة استيطانيّة، بعدما بنى المحتلّ 770 بؤرة استيطانية جديدة في الضّفّة خلال حربه على قطاع غزّة.

من إبادة الأشجار المعمّرة، إلى البؤر الاستيطانيّة، إلى استخدام آثار الضّفّة كأداة استعماريّة عبر جعلها "مواقع إسرائيليّة" كما يزعم الاحتلال، كلّ هذا وأكثر، يأتي في سياق محاولات العدوّ توسيعَ استيطانه والتّوقيع بالإبادة في الضّفّة كما وقّع بها -وما زال- في قطاع غزّة.

يقتلع الاحتلال شجر الضّفّة -وبالأخصّ زيتونها- الّذي يعدّ جزءًا أساسيًّا من قوت يومه الفلسطينيّين هناكَ، لأنّ الزراعة مهمّةٌ جدًّا في حياتهم كموروث ثقافيّ وكعاملٍ أساسيّ لتثبيتهم في أراضيهم عبر العصور، فالاحتلال لا يستهدف غصن الزّيتون الموجود في الضفّة فقط، بل يستهدف "الرّمزيّة"، وهنا مربط الفَرَس.

باقتلاعِ الأشجار، يستهدف الرّمزيّة، بتحويل الآثار إلى مسمّياتٍ صهيونيّة، يستهدف الرّمزيّة، بالقتل والقصف والتّجويع وبكلّ أدواتِ الإبادة، يستهدف الرّمزيّة، كلّ هذا من أجلِ إبادة الفلسطينيين وهُويّتهم. ولكنّ الرّدّ الدّائم من الفلسطينيّ الّذي تُستهدف رمزيّة بلاده، هو الاستمرار بالمقاومة، فأهل الضفّة وشبابها لا يكفّون عن الكفاح ولو بأقلّ القدرات الممكنة، ولو باللحم الحيّ، لأنّ أساس استكمال دربِ القضيّة هو الحفاظ على رمزيّة هذه البلاد، لكي يتمّ الحفاظ عليها.

وإنِ اقتلعوا الزّيتون، وشيَّبوا أراضي فلسطين، فأرواح أهلها لم تصبح عاجزةً بعد، بل ولن تصبحَ طالما هناكَ فكرٌ مشتبكٌ يدرك أنّ هذه الأرض لأهلها، ولو استُكملَ قطار التّخاذل والتّطبيع، فالزّيتون يعود، ويتمّ تصحيحُ مسمّياتِ الآثار، ولكنّ ما لا يجب أن يتغيّر أبدًا، هو أنّ الفلسطينيّ في الضفّة، ولو دمّرتَ "إسرائيل" منزله وقريته وأرضه وشجرته، سيظلّ يجد طريقةً ليستلّ سيفه.. ويقاوم!

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/221259

اقرأ أيضا