/مقالات/ عرض الخبر

غـــزّة بعد عامَين من الإبــــادة.. لم تُروَ القصّةُ بَعد!

2025/10/14 الساعة 12:10 م
غزة.. حكاية العودة
غزة.. حكاية العودة

هبة دهيني

تصدٍّ يوميّ كانت تقوم به غزّة بلحمها الحيّ، تجاه كلّ فعلٍ همجيّ يقوم به المحتلّ، إذ لم يستسلم أهلها خلالَ عامَين كاملَين من الإبادة أبدًا، ولم يتوقّف فعلُ الصّمود لحظةً واحدة، منذ بدء الطّوفانِ حتّى تحرير الأسرى.

مجازر وجرائم ومذابح استخدم فيها المحتلّ أكثر الطّرق وحشيّةً ونازيّةً في العالم، وتبدّى وجه عنجهيّته عبر آلة حربه وداعمته الأولى "أميركا"، بتصعيد حمام الدّم كلّ يومٍ على مدى أكثر من 730 يومًا.

من هنا، فإنّ اتّفاق وقفِ إطلاق النّار وفقًا للخطة الأميركية، لا يجب أن ينسينا أوّلًا، أنّ عامَين كاملَين مرّا على الجرائم، التي لم يرحم فيها الاحتلال حجرًا ولا بشرًا، وثانيًا، أنّ آلاف الحكايا اليوم مطموسة تحت الرّكام، لذا فإنّ الضّخّ الإعلاميّ تجاه غزّة لا يجب أن يخفت بعد وقف الإبادة، بل أن يتضاعف أمام تساؤلاتِ إعادة الإعمار وإحياء القطاع المنكوب.

كلّ هذه المحاولاتِ كانت لإضعاف إرادة أهل غزّة قبل أيّ شيءٍ آخر، ثمّ لإضفاء شعور الانهزام في نفوس الغزيّينَ قهرًا ومعاناةً، بعدما عُرضَت المذابح على شاشاتِ التّلفزة علنًا، ورآها العالم كلّه، ولم يستطع إيقافها، بل ووُصفَ فاعلها بـ "حمامة سلامٍ" متنقّلةٍ في غرب آسيا!

أمام كلّ هذه المشاهد، غزّة اليوم تفرض شروطها بمقاومتها وثبات أهلها وصمود حاضنتها الشّعبيّة، تحرّر أسراها في صفقة التحرير الثالثة ضمن معركة طوفان الأقصى، لتكسر صلف المحتلّ، وهذا الإنجاز الّذي "لم يكن ليتمّ لولا رجال المقاومة وبسالة المقاتلين في الميدان، ولولا وحدة الشعب الفلسطيني خلف مقاومته"، كما قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلاميّ في فلسطين، القائد زياد النّخّالة.

رغم كلّ ما حدث من إبادة، وبالدّماء التي بُذلت للتّحرر من صلف المستعمر، بقيت رايات المقاومة عالية ولم تُكسر، وبقيت المقاومة في الميدان، ببقاء الشعب الصامد عزيزًا كريمًا متمسّكًا بخيار الكفاح حتّى آخر رمق، وحتّى تحرير من قضوا أعمارهم خلف قضبان السّجون.

غزّة بعد عامَين من الإبادة، تقف أمام قصصٍ تبدأ اليوم، ولن تنتهِ مع انتهاء الحرب أبدًا، إذ أنّ الذّاكرة صنيعةُ الحدث، والحدث مستمرّ، الاحتلال ما زال موجودًا، ومن تبقّى من الأسرى ما زال معتقلًا، ودماء الشّهداء تملأ جغرافيا البلاد، والمفقودون تحت الرّكام، والجرحى لا يجدون مستشفًى تتسع لكلّ هذا الألم.

نحن مسؤولون اليوم عن هذه الحكايا، عن الذّاكرة الغزّاويّة، عن كتابة الحدث، عن تأريخه، عن البحث والتّقصّي والمعرفة. قصّة غزّة تبدأ اليوم، بعد وقف إطلاق النّار، وتنفيذ صفقة تحرير الأسرى، والبدء باسترجاع الأمل شيئًا فشيئًا.

هذا الأمل تسلّل من كلّ جرح، ومن كلّ قطرةِ دمٍ سالت في هذه البلاد، وكلّ طفولةٍ سُلبَت، وأشلاء قُطِّعَت، لذا، فإنّ غزّة، وبعد عامَين من الإبادة، تضع على عاتقنا أن نكتب حكايتها اليوم، قصّتها، وذاكرتها الكفاحيّة الخالدة، بخلود صمود الشعب الفلسطينيّ المجاهد!

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/220286

اقرأ أيضا