/مقالات/ عرض الخبر

لم يعد السؤال إذا كان ترامب سينقلب علينا.. بل متى؟

2025/08/26 الساعة 10:11 م

وكالة القدس للأنباء - متابعة

نحن محقون. المحقون الأكثر في العالم. الحرب ضد منظمة الإرهاب العنصرية، المعادية للسامية، الإجرامية، هي الأكثر الحروب حقاً. لكن ما الذي ينبغي أن يحصل أكثر كي نعرف بأننا محقون لكن أغبياء. محقون لكن نهزم أنفسنا. محقون لكن نرتكب كل خطأ ممكن كي نمنح النصر لكارهي إسرائيل.

أمس، كان هذا الحدث القاسي في خان يونس. “خمسة صحافيين (استشهد سادس) بين القتلى العشرين في قصف إسرائيلي على مستشفى. هكذا كان العنوان الرئيس في الـBBC  أمس مثلما في وسائل إعلامية كثيرة أخرى في العالم. رئيس الأركان غاضب، الجيش الإسرائيلي سيحقق. بالتأكيد، كان هناك عمل تخريبي يحتاج إلى رد. هذا حصل. هذا يحصل. هذا سيحصل. حتى طائرات الناتو قصفت مستشفى في الحرب ضد حكم ميلوسوفيتش في 1999. وهذا حصل في مرات غير قليلة في الحرب ضد الإرهاب عندما قصفت طائرات الولايات المتحدة والتحالف الذي قادته بالخطأ وقتلت عدداً لا يحصى من المدنيين الأبرياء. لم يكن هذا عمداً ذات يوم. وفي كل حال، القانون الدولي لا يمنح الحصانة لمستشفى يستخدم عسكرياً.

المشكلة أن إسرائيل في مكان آخر. تحولت الحرب العادلة منذ زمن بعيد إلى حرب استنزاف. كل من كان مع إسرائيل وضد حماس في الأسابيع وحتى في الأشهر الأولى، يكاد لا يفهم ما الذي تعمله إسرائيل، حين تكون الإنجازات العسكرية هزيلة وأكثر من هزيلة، والمس بالمدنيين يتزايد. والآن، المستشفى في خان يونس. حتى ترامب كان له رد على ذلك؛ فقد اعترف بأنه لا يملك فكرة عن الحدث، لكنه أضاف أنه غير راض.

في هذه المعركة، الخسارة معروفة مسبقاً، وليس فقط الخسارة: الهزيمة. منذ أكثر من سنة والكليشيه الذي يكرر نفسه: هل علينا أن نتنازل عن تقويض حماس بسبب الرأي العام الدولي؟ لا. نحن بسبب ذلك نقوض قوتنا. إسرائيل تغرق في الفخ الاستراتيجي الذي أعدته لها حماس. السنوار يضحك من قبره. لا يمر يوم دون خطوة أخرى ضد إسرائيل. وإذا لم يكن هذا واضحاً، فإن الدولي هو العسكري أيضاً. فثمة مشكلة مع قطع الغيار بسبب حظر السلاح من ألمانيا. عملياً، إسرائيل تحت حظر سلاح من جانب دول أوروبا كلها. وهذا سيحتدم.

الحدث المؤسف في خان يونس هو إشارة طريق أخرى في الأذى الذاتي. فقد سبق أن جرت أحداث مشابهة. لا يمكن لأي “هسبرا” (إعلام رسمي) أن يغير الوضع؛ لأن المشكلة هي السياسة. دعنا من كارهي إسرائيل، فهؤلاء سيكررون دعاية حماس والدعوة إلى فرض عقوبات ضد إسرائيل. كما أن أصدقاء إسرائيل لا يعرفون أين تقودنا هذه الحكومة. أغلبية الإسرائيليين أيضاً لا يفهمون. لكن حكومة نتنياهو – بن غفير، تفعل كل ما يتعارض ومصالح إسرائيل.

هذه مجرد البداية. السيطرة على مدينة غزة وعلى مليون من سكانها، الذين كثير منهم، ربما أغلبهم، سيرفضون الإخلاء، تضم في داخلها عدداً لا يحصى من الأحداث من نوع حدث أمس. ربما يكون مبرراً أيضاً لضرب المستشفى، وكذا لأحداث كثيرة أخرى. لكن احتمال أن تبلغ عنها وسائل الإعلام العالمية يقترب من الصفر. هذا سيئ، هذا مثير للأعصاب. لكن حتى هذا الأمر السيئ يجب أن يؤخذ بالحسبان. وعليه، حين يخيل للكابنت أن إسرائيل تحاصر مدينة غزة بطوق خانق، فإن الطوق يشتد حول إسرائيل. لا حاجة لصحافيين في قطاع غزة. صور جثث الأطفال الذين يُنتشلون من تحت أنقاض المباني تدفقت إلى العالم حتى بدون صحافيين من الخارج. كل هاتف بيد غزي بمثابة صحافي ومصور صحافة أجنبية. اجتياح غزة سيؤدي إلى استعادة صور الفظاعة. وكل صورة فظاعة تساوي أكثر من ألف تفسير.

كل هذا يحصل فيما قدمت حماس رداً إيجابياً على مقترح ويتكوف. إسرائيل قالت نعم من قبل، لكن ربما طرأ تغيير استراتيجي عالمي لم يسمع به أحد في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وبدأت إسرائيل فجأة تتحفظ من الصفقة؛ الصفقة إياها. صحيح أن حماس ستبقى هي المشكلة، التي ترفض نزع سلاحها. لكن ليس كل ما هو صحيح ومحق سيؤدي إلى التسوية المرغوب فيها. وبالتأكيد، تذبذب إسرائيل لا يقنع أحداً في الساحة الدولية. وهذه المرة أيضاً الانطباع في العالم هو أن حماس تريد تسوية، وإسرائيل ترفض. كيف، بحق الجحيم، نفعل هذا لأنفسنا؟

وإذا خيل لأحد ما بأن “اليد الحرة” التي منحها ترامب لنتنياهو لأبد الآبدين، فكأنما يصب الزيت على شعلة أوهام. ترامب قصد حملة من أيام معدودة. ضربة واحدة وانتهينا. أمس، كشف بوادر نفاد صبر من أن شيئاً لا يحصل. وعليه، ليس السؤال “هل سينقلب علينا”، بل متى؟ وبدلاً من استباق المرض بالعلاج، نسير برأس مرفوع إلى مزيد من العقوبات ضد إسرائيل. المقاطعة الاقتصادية الكاملة على نمط جنوب إفريقيا باتت مسألة وقت. لا يزال ممكناً التوقف. واجب التوقف.

-------------------

 الكاتب: بن – درور يميني

المصدر: يديعوت أحرونوت

التاريخ: 26/8/2025

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/218868

اقرأ أيضا