قائمة الموقع

مفاوضات "تحت النار": نتنياهو لا ييأس من "نموذج 1982"

2025-08-23T08:51:00+03:00
وكالة القدس للأنباء - متابعة

تواصل حكومة الاحتلال التلويح بعملية عسكرية واسعة تستهدف مدينة غزة، بعد مصادقة «الكابينت» على خطط «عربات جدعون 2»، والتي ستتركّز، وفق التسريبات، على محاصرة المدينة من مختلف الجهات، وتدمير مبانيها الشاهقة، تمهيداً لاحتلالها. والظاهر أنّ هذه العملية تُستخدم، في المرحلة الحالية، كأداة ضغط على المقاومة الفلسطينية لدفعها إلى التراجع عن شروطها في ملف تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لا سيّما بعدما فاجأت المقاومة العدو بالموافقة على «مقترح ويتكوف» الأميركي، واضعةً إسرائيل في موقع الطرف الرافض.

وبحسب صحيفة «معاريف» العبرية، فإنّ إسرائيل تعتمد مبدأين لا تقبل التنازل عنهما في أي اتفاق محتمل، هما: إطلاق سراح خمسين أسيراً، أي جميع الأسرى المتبقّين، وتجريد حركة «حماس» من السلاح وإخراجها من قطاع غزة.

وفي قراءة أكثر عمقاً، رأى الصحافي نداف إيال، في «يديعوت أحرونوت»، أنّ حكومة نتنياهو تسعى إلى تسويق التقدير الاستخباراتي - الحقيقي - القائل بعدم رغبة «حماس» في توسيع الحرب، من أجل الإيحاء بأنّ أي صفقة مقبلة ستكون ثمرة ضغط إسرائيلي ونتيجة «ضائقة» تعيشها «حماس»، لا ضغط وضائقة تعيشهما تل أبيب. ووفق ما نقلته الصحيفة عن مصادر مطّلعة على موقف نتنياهو، فإنّ الأخير لا يزال يتشبّث بـ«نموذج بيروت 1982»، آملاً في أن تنهار «حماس» من الداخل، ويخرج مقاتلوها من الأنفاق رافعي الأيدي.

ويأتي ذلك فيما تدفع أصوات «الابتزاز» داخل حكومة نتنياهو، الأخير إلى تشديد مواقفه؛ إذ كشفت صحيفة «معاريف»، نقلاً عن مقرّبين من الوزيرَين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، أنّ كليهما «قرّرا الاستقالة من الحكومة في حال مضى نتنياهو في اتفاق جزئي مع حماس»، مؤكّدة أنّ التهديد هذه المرة «ليس مجرد ورقة ضغط بل إنذار حقيقي». أمّا دوائر المؤسسة الأمنية فتراهن، من جهتها، بحسب مصدر عسكري تحدّثت إليه «هيئة البث» الإسرائيلية، على أنّ "الحلّ التفاوضي قد يُجنّب الجيش تنفيذ الخطّة البرّية في غزة".

وكان أعلن وزير الحرب، يسرائيل كاتس، أنه صادق على خطط «حسم حماس في غزة»، عبر «نيران مكثّفة، وإخلاء السكان، وعملية برّية واسعة»، مهدّداً بأن تتحول مدينة غزة إلى رفح وبيت حانون، في حال لم توافق المقاومة على شروط الاحتلال، في حين جدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، دعمه لإسرائيل، قائلاً إنه لولاه «لكان الرهائن في غزة قد قُتلوا»، مشيراً - في كلام لافت - إلى أنه "ليست جميع عائلات الرهائن ضد احتلال غزة".

وتجيء تصريحات ترامب لتعزّز موقف نتنياهو، الذي أكّدت «القناة 12» العبرية أنّ حكومته تضغط لتقديم موعد العملية المرتقبة في غزة، في الوقت نفسه الذي تستعدّ فيه لإرسال وفد تفاوضي جديد؛ وهو ما يؤكّد نيّتها العمل على المسارين معاً، أو ما يسمّى «التفاوض بالنار». وفي هذا السياق، قالت «القناة 13» إنّ «إسرائيل لا تبدو متعجّلة للردّ على المقترح الذي وافقت عليه حماس»، في وقت يستمرّ فيه جيش الاحتلال في حشد قواته وتجهيز البنية الميدانية لعملية شاملة، تشمل نشر 3 ألوية احتياطية في غزة، مقابل توزيع بقية قوات الاحتياط بين الضفّة الغربية والحدود الشمالية مع لبنان وسوريا.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإنّ تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أنّ «حماس» عادت إلى «ترميم شبكة الأنفاق في غزة»، بما في ذلك في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية سابقة، وأنّ المدينة لا تزال تحتوي على بنى تحتية تحت أرضية «ضخمة» لم تُكتشف بعد، ما يفسّر الحاجة الملحّة إلى عملية جديدة - بحسب تقديرات الجيش -، تختلف عن سابقاتها من حيث التركيز على «تسوية» المباني بشكل كامل، بدلاً من الاكتفاء بإلحاق أضرار جزئية بها.

كما رجّح التقرير نفسه أن تبدأ العملية البرّية - إذا ما تقرّر تنفيذها - في وقت لاحق من الشهر المقبل، على أن تسبقها «خطّة لإخلاء ما يقارب مليون مدني فلسطيني من سكان المدينة نحو الجنوب»، رغم العقبات التي تعترض ذلك، وفي مقدّمها الحاجة إلى تنسيق مع «الأمم المتحدة». ومن المقرّر، أيضاً، أن تبدأ المرحلة الأولى بمحاصرة المدينة، ثم التوغّل البرّي نحو الأحياء الغربية، والذي سيتبعه تنفيذ ضربات جوّية مركّزة.

لكن في خلفية هذا التهديد وهذا التحشيد، تبدو «الروح المعنوية» لجنود جيش الاحتلال آخذة في التراجع، بحسب ما نقلته صحيفة «هآرتس»، التي أوردت شهادات لجنود وضباط احتياط عبّروا عن تردّدهم حيال الاستمرار في القتال في غزة، قائلين إنّ «الحرب طالت من دون تحقيق أهداف واضحة»، الأمر الذي أفقدهم الشعور بوجود «رسالة» يُقاتَل من أجلها.

وعلى خطّ موازٍ، تواصلت، أمس، الاحتجاجات ضد الحكومة، والتي تخلّلها إغلاق طرقات رئيسة في تل أبيب، وطالب المشاركون فيها بالموافقة على صفقة التبادل. وجاء ذلك في وقت ألغت فيه شرطة تل أبيب ترخيصاً لفاعلية مناهضة للحرب على غزة، متذرّعة بمخاوف تتعلّق بـ«النظام العام».

اخبار ذات صلة