وكالة القدس للأنباء - خاص
ارتكبت قوات العدو الصهيوني أمس الأول، مجزرة جديدة بحق فرسان الصورة والكلمة في غزة.. هزت الضمير الإنساني، والوسط الإعلامي في جميع أنحاء العالم، ليرتقي بذلك عدد شهداء الإعلاميين الفلسطينيين الذين سقطوا منذ بدء حرب الإبادة في قطاع غزة، حتى اليوم، إلى 238 شهيداً .
الصحافيون كانوا داخل خيمة، يمارسون عملهم المهني في نقل الحقيقة من قلب الحدث، وهم: أنس الشريف، محمد قريقع، محمد نوفل، مؤمن عليوة، محمد الخالدي، وإبراهيم ضاهر، إضافة إلى استشهاد مواطنين اثنين كانوا في محيط الخيمة الصحفية، كما أُصيب كل من الصحفيين: أحمد الحرزين، محمد صبح، محمد قيطة بجروح متفاوتة .
هذه الجريمة تأتي استمرارًا لمسلسل استهداف ممنهج ضد كل صوت حر، يعمل على إيصال الحقيقة، والأخبار الصحيحة للعالم، علها بذلك تنفرد بروايتها الكاذبة وبثها للرأي العام، وتغييب أو طمس الحقيقة وإسكات صوتها، غير أن دماء شهداء الإعلام، استطاعت أن تضيء، وتنقل للعالم طبيعة وحجم الإجرام الصهيوني الذي يعيشه أهالي غزة، بكل فئاتهم وكفاءاتهم .
"وكالة القدس للأنباء" رصدت كتابات عدد من الصحفيين الغزاويين، الذين عبّروا عن غضبهم، وحزنهم وخسارتهم، التي لحقت بجسم المؤسسات الإعلامية، فالحدث جلل، والحبر أدق توصيفاً للدموع المختزنة في الصدور، مؤكدين أن المسيرة في نقل الحقيقة وتغطية الأحداث والمجازر والارتكابات الصهيونية ستستمر.
الحقيقة لا تغتال
الصحفي عبد الله عطار قال: "أمام أنظار العالم أجمع، تتواصل الحملة الشرسة ضد الصحفيين في غزة، واليوم تم اغتيال الزميلين أنس الشريف ومحمد قريقع، مراسلي قناة الجزيرة في غزة، أثناء تأدية واجبهم المهني، دم الصحفيين شاهد على الحقيقة، والحقيقة لا تُغتال"، موضحاً أنه: "غادر قبل أن يُنهي رواية الوجع.. سيبقى صوته شاهداً على خيانة أمةٍ رأت كل شيء، وسمعت كل شيء، وسكتت".
وأضاف عطار: "للأسف.. ليست أحلامًا، بل حقيقة دامية، تم اغتيال أنس الشريف، صوت غزة وصوت المقهورين والمجوعين، في نظركم أصبح أنس “بطلًا” لأنه مات… وفي نظرنا كان بطلًا وهو حيّ يقاوم بالكلمة والصورة صار الموت مكتوبًا علينا، وصارت حياتنا رخيصة في عيونكم، حتى موتنا أصبح سهلًا لكن تذكروا… الكلمة التي حملها أنس أقوى من رصاصكم، وستبقى حيّة ما حيينا".
قسماً أن نكمل الطريق..
بدورها كتبت الصحفية، يافا أبو عكر، أن "محمد قريقع الصحفي الذي حمل الكاميرا ليحكي عن وجع غزة… كان وحيد أمه التي رحلَت تحت الحصار والجوع والخوف أمام مستشفى الشفاء أثناء حصارها، يومها قال عرفتها من نومتها… من أظافرها… أنا وحيد أمي،
تركته الدنيا يتيماً وأبقت قلبه مكسوراً… حتى جاء اليوم الذي لحق بها شهيداً في نفس المكان الذي ودّعها فيه"، متسائلة "أي ظلم هذا الذي يعيد الوجع مرتين؟
أي قهر يقتل الأم ثم ينتظر حتى يقتل ابنها في المكان ذاته؟ محمد… رحلتَ ومعك آخر ما تبقى لنا من الصبر".
وأكدت أبو عكر، أن "غزة تفتقد اليوم صوتها الأعلى، والعالم يفتقد ضميره الذي كان يوقظه أنس، لم تكن مراسلاً فقط، كنت مرآة الحقيقة وصرخة المظلوم، أنس الشريف غابت صورته، لكن بقيت حكاياته تنطق بالحق"، مبينة أنهم: "اغتالوهم لأنهم كانوا عين الحقيقة.. ستة صحفيين، ستة قلوب توقفت لكن أصواتهم لن تُسكت أبداً.. دمكم صار قسماً أن نكمل الطريق".
مستمرون في التغطية رغم أنف الحاقدين
ونشر الصحفي، محمود أبو سلامة، مقطع فيديو نعى فيه صديقه أنس، ودموعه تذرف وجعاً، قائلاً فيه: "استشهد رفيق الدرب، ورفيق الحرب، الواحد غير قادر على التعبير عن كمية الخذلان، وعن كمية الوجع الذي أصابنا، بسبب العالم كله الذي شاهد على ما يحصل بنا، منذ 7 أكتوبر حتى يومنا هذا، وأنا وأنس الشريف، درب بدرب، عشنا أياماً لا يعلم بها إلا الله.. في رحيل أنس الكلمات عاجزة عن التعبير لأنه لا يوجد كلمات تصف حق أنس وتضحيته والمعاناة التي عاشها، هو ليس مجرد صحفي فهو كان جبل من جبال مخيم جباليا، وأبى جيش العدو أن يغتال زملاءنا لكننا مستمرون في التغطية رغم أنف الحاقدين، مستمرون من أجل أنس وكل الصحفيين الشهداء"
أما الصحفي أحمد البرش، قال: "بالأمس وقبل ساعات قليلة من استشهاد زميلنا الصحفي البطل أنس الشريف، التقيت به لأكثر من ساعة كاملة، تبادلنا الحديث والنقاش حول التغطية المستمرة، وفي قلبه كان شعلة من الإصرار والشجاعة،
قال لي: "يومياً تصلني تهديدات بالاغتيال من الجيش الإسرائيلي، لكنني لن أتراجع"، مضيفاً: "بصراحة يا أنس، أنت مثال يُحتذى به في الشجاعة والإصرار، بطل صحفي حقيقي يحمل راية الحقيقة ومعاناة اهالي القطاع، أنت تستحق أن تُخلد باسمك مؤسسة إعلامية تعنى بحرية الصحافة وحقوق الإعلاميين، مؤسسة أنس الشريف للحريات الإعلامية، رحمك الله يا فارس الحقيقة".
انتهت حكاية ابن غزة
بدوره، أكد الصحفي علي سالم، أن "انتهت حكاية ابن غزة، وابن مخيم جباليا.. أنس الشريف، رحيلك وجع وذكرى لن تُنسى، ما أروع كلماتك، وما أبلغ لسانك، وأجمل إتقانك للغتنا العربية… أيها الشـهيد، ستبقى حيًّا في القلوب والذاكرة.
أنتم حزننا الكبير..
وعبر الصحفي يوسف فارس عن حزنه، قائلاً: "أنس ومحمد وإبراهيم وأبو يحيى نوفل ومؤمن عليوة .. كل الشباب الحلوة راحت، حبايب القلب والروح، الله يسهل عليكم .. بكفي تعب وشقى، حملتوا غزة وهمومها ع كتافكم سنتين، في عز الخوف والجوع ما فارقت الابتسامة وجوهكم، أنتو ذخرنا، ذاكرتنا الحلوة وصوتنا، انتو غزة وناسها ووجعها وألمها وصوتها .. أنتو حزننا الكبير يا حبايب قلبي".
لم تعد مهنة سامية
أما الصحفية هلا جادلله، أكدت أن "الصحافة لم تعد مهنة سامية.. هذه مقتلة.. الصحافة محرقة تأكل أربابها.. من التالي؟! سؤال كل واحد منا..
من وداع أنس الشريف ومحمد قريقع و4 زملاء آخرين، ليش ليش ياعالم؟!!
لم تعد الصحافة حصناً..
وخلال تشييع أبطال الحقيقة، قال الصحفي، صلاح الدين، "بقلوب يعتصرها الألم، ويثقلها رحيل ثلة من الزملاء أعلام الصحافة، شيعنا من مجمع الشفاء الطبي، الزملاء: أنس الشريف، ومحمد قريقع ، مؤمن عليوة، محمد الخالدي، محمد نوفل، إبراهيم ظاهر.. لم تعد الصحافة حصنًا، ولا درعًا يحمي الصحفيين، وبهذا الاستهداف يطفىء الاحتلال عيونًا كانت ترى الوطن بصدق، تحمل جرحه وآهاته، تشرده، وجوعه، وعطشه الذي عاشوه ونقلوه للعالم.. إلى رحمة الله ورضوانه".