وكالة القدس للأنباء - متابعة
في خطوة من شأنها أن تمهّد الطريق لِما هو قادم، صوّت «الكنيست» على بيان يدعم رسميّاً فرضَ «السيادة الإسرائيلية» على الضفّة الغربية المحتلّة، وذلك في ختام جدول أعمال الجلسة الأخيرة قبل خروج البرلمان إلى عطلته الصيفية. وجاء التصويت لمصلحة دعوة الحكومة إلى فرض السيادة على الضفّة، بغالبية 71 صوتاً، في مقابل معارضة 31 نائباً.
ووفقاً لنصّ القرار: «يُقرّ الكنيست أنّ لدولة إسرائيل الحقّ الطبيعي، التاريخي والقانوني على كامل أرض إسرائيل، الوطن التاريخي للشعب اليهودي. ويدعو الكنيست حكومة إسرائيل إلى الإسراع في بسط السيادة - القانون، والقضاء، والإدارة الإسرائيلية - على كافة مناطق التجمّعات الاستيطانية اليهودية بكلّ أشكالها في يهودا، السامرة وغور الأردن. هذه الخطوة ستُعزّز دولة إسرائيل وأمنها، وستمنع أيّ تشكيك بالحقّ الأساسي للشعب اليهودي في السلام والأمن في وطنه.
وباسم الشعب العبري القاطن في صهيون، ندعو أصدقاءنا في العالم إلى الوقوف إلى جانب عودة صهيون ورؤية الأنبياء، ودعم دولة إسرائيل وحقّها الطبيعي، التاريخي والقانوني على أرض إسرائيل وبسط السيادة عليها». وتعقيباً على التصويت، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير: "كلّ شيء لنا، نحن أصحاب البيت".
هذه الخطوة، وإنْ اعتبرها البعض رمزية، تهدف إلى وضع ملفّ «ضمّ الضفّة الغربية» على رأس جدول أعمال «الكنيست»، حيث يدعو المبادرون والقائمون على البيان، حكومة نتنياهو إلى «التحرّك لتطبيق السيادة في يهودا والسامرة»، وذلك بدعم من أعضاء «كنيست» في الائتلاف والمعارضة على السواء، وهو ما أثار تساؤلات أطراف ديبلوماسية دولية؛ إذ ذكرت «القناة الـ12» العبرية أنّ «جهات ديبلوماسية مارست ضغوطاً لتوضيح أنّ نص القرار الذي يجري الحديث عنه هو بمثابة دعوة للحكومة، خشية أن يُفهم كموافقة رسمية من الكنيست على خطوة الضمّ".
لكنّ البيان الذي طُرح للتصويت عليه، يتعدّى كونه رمزيّاً يراعي مطالب وتوجّهات وأحلام اليمين المتطرّف، إلى كونه أداة ضغط ناعمة على الحكومة، من شأنها أن تمهّد للضغط الجادّ والابتزاز في المرحلة المقبلة، لتكريسه واقعاً، عبر طرح مشروع قانون للتصويت عليه وتمريره بقراءاته الثلاث ليصبح ساريَ المفعول.
وإذا كان جزء كبير من الضمّ الإسرائيلي الفعلي للضفّة الغربية قد تحقّق، ولم يتبقَّ سوى الإعلان عنه والمصادقة عليه عبر تشريعه عبر قانون، فإنّ التصويت على البيان يكشف استمرار نهج اليمين الإسرائيلي، وجدّيته في الدفع نحو تكريس واقع الضمّ التدريجي، وهو ما يؤكّد أنّ خطوات أخرى ستتوالى وصولاً إلى تشريع القانون، بعدما صوّت النوّاب سابقاً بأغلبية ساحقة ضدّ إقامة دولة فلسطينية.
من جهتها، لا تبدو حكومة نتنياهو، اليوم، مقصرّة في أيٍّ من مسارات الضمّ؛ فقد كثّفت مشاريع الاستيطان، وأطلقت العنان للمستوطنين لناحية الاعتداءات والهجمات على الفلسطينيين، وسرقة الأراضي ومصادرتها، ومنحتهم غطاءً سياسيّاً واقتصاديّاً وقانونيّاً لفعل ما يريدون، وهو ما يجري يوميّاً، عبر تكريس دولة يهودا في الضفّة.
وتحوّل التصويت في «الكنيست» إلى منصّة لإطلاق النوّاب تصريحاتهم المتطرّفة؛ إذ استبقت النائبة ليمور سون هار ميليخ، التصويت، قائلةً: «أريد أن أكون واضحة - لا دولة فلسطينية، لا الآن، ولا لاحقاً، ولا بأيّ شكل من الأشكال. لا حكماً ذاتياً مطوّراً، ولا إمارات، نابلس والخليل، ولا كونفدرالية، ولا كيان من دون الدولة. لا شيء من هذا القبيل»، في حين قال النائب سمحا روتمان، لـ«القناة السابعة»: «قرار السيادة ستكون له تداعيات تاريخية، قلنا لا لدولة فلسطينية - الآن نقول نعم للسيادة»؛ علماً أنّ مَن قدّم النص، أعضاء في الائتلاف الحاكم بدعم صريح من وزراء بارزين، من بينهم وزير الطاقة إيلي كوهين، الذي قال إنه سيؤيّد القرار، واصفاً إيّاه بـ«التاريخي وقد حان وقته".
وسبق طرح القرار، حَراك من قِبَل أعضاء «الكنيست» للضغط على الحكومة للإعلان عن ضمّ الضفّة. فقد وجّه وزراء «الليكود» الـ14، ورئيس «الكنيست» أمير أوحانا، في الثاني من تموز الجاري، رسالة إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يدعونه فيها إلى التصديق الفوري على ضمّ الضفّة الغربية. كما شهد البرلمان، الأسبوع الماضي، مؤتمراً كبيراً شارك فيه وزراء ونوّاب من اليمين، إلى جانب السفير الأميركي الأسبق في تل أبيب، ديفيد فريدمان، خُصّص من أجل دعم ضمّ الضفّة.
وأَطلق وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، أثناء المؤتمر، تصريحات مؤيّدة للضمّ، قائلاً إنّ «إسرائيل أمام فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها لتطبيق السيادة الكاملة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة). نحن بحاجة إلى إجراءات سريعة، ولا ينبغي أن نستسلم. السيادة يجب أن تشمل جميع المستوطنات». أمّا وزير الطاقة، فقال: «لن تكون هناك سوى دولة واحدة بين البحر المتوسّط ونهر الأردن، هي دولة إسرائيل، والسيادة في الضفّة ضرورة أمنية، قبل أن تكون خياراً سياسيّاً".
بدوره، أفاد عضو «الكنيست»، أفيخاي بورون، وهو أحد داعمي مشروع القرار، بأنّ أكثر من 500 ألف مستوطن يعيشون تحت ما وصفه بـ«القانون الأردني»، و«يجب إخضاعهم للقانون الإسرائيلي»، مبرّراً ذلك بأنه «من أجل أمن إسرائيل، وأمن أبنائنا». أمّا فريدمان، فعبّر هو الآخر عن دعمه الخطوة، مؤكّداً أنّ عدم شروع إسرائيل في الضمّ أثناء مدّة ولايته، كان «من أصعب القرارات». وأضاف إنّ السيادة على الضفّة "ليست نزوة بل مصلحة مشتركة".
لوجود دائم في "قبر يوسف"
على هامش التصويت على القرار، وقّع 62 وزيراً وعضواً في «الكنيست» على وثيقةٍ قادَ حملةَ التوقيع عليها، عضو «الكنيست» عن «الصهيونية الدينية» تسفي سكوت، ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفّة يوسي دغان، من أجل المصادقة على الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف في مدينة نابلس، فيما يُتوقّع أن يقدّم ممثّلون عن جيش الاحتلال خطّة لضمان ذلك الوجود.