/مقالات/ عرض الخبر

وقف إطلاق النار في غزة لا يعني انتهاء الحرب!

2025/02/01 الساعة 09:37 م

أسماء بزيع

في كل مرة تُعلن فيها هدنة أو اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، يُسوَّق ذلك على أنه خطوة أكثر سلامًا. لكن الحقيقة الواضحة، التي يدركها الذي عاش وذاق مرارة الحرب، هي أنّ ما يُسمى "وقف إطلاق النار" هو استراحة قصيرة في حرب طويلة، تظل أسبابها ودوافعها قائمةً تحت الرماد، تنتظر شرارة جديدة لتشتعل مرة أخرى. فالصراع القائم بيننا وبين العدو الصهيوني، صراع حضاري مصيري، لا مجال فيه لأنصاف الحلو.

ففي ظاهر الأمر، يبدو وقف إطلاق النار؛ فرصة لالتقاط الأنفاس، لإعادة الإعمار ولملمة الجراح. لكنه في جوهره لا يتعدى كونه "هدوءًا مؤقتًا" تستغله "إسرائيل" لترتيب صفوفها، وتثبيت احتلالها، وتعزيز قبضتها العسكرية والسياسية واستكمال مشاريعها بطرق ليست أقل إجرامًا من الإبادة بالقصف والدمار. 

فالحرب على غزة ليست مجرد معركة عسكرية تُقاس بانتصارات وخسائر، بل هي صراعٌ مركب، يتداخل فيه الاحتلال "الإسرائيلي"، والحقوق الفلسطينية المسلوبة، والمواقف الدولية المنحازة. وفي كل مرة تُعلن فيها هدنة، تستغل "إسرائيل" الوقت لتعزيز سياساتها التوسعية، وتكثيف الاستيطان، فضلًا عن فرض حصار خانق على القطاع، ساعيةً بكل قواها أن لا تمنح غزة أي فرصة للتنفس أو حتى استعادة عافيتها. 

فوقف إطلاق النار في غزة لا يعني توقف معاناة الفلسطينيين عمومًا، ولا الغزاويين خصوصًا، بل قد يعني استمرارها بوسائل أخرى. الطائرات قد تتوقف عن قصف الأبنية، لكن الحصار يبقى قائمًا، فضلًا عن مضي الاحتلال في تهويد القدس، وتوسيع المستوطنات، وقمع الفلسطينيين في الضفة الغربية، بينما يعاني سكان غزة من حصار خانق يقتلهم بصمت. أمّا الأنقاض التي خلّفتها الغارات بمجرد إعلان هدنة فلا تُزال، ولا تُرمم المنازل المدمرة بسرعة، ولا يُستجاب للنداءات الإنسانية لتوفير احتياجات سكان القطاع المحاصر. الحرب بالنسبة للفلسطينيين ليست فقط في سماءٍ تُقصف، بل في حياة يومية مثقلة بالفقر والبطالة وفقدان الأمل. 

على الجانب الآخر، تستغل "إسرائيل" ما يصفه البعض بـ"الهدوء" المؤقت لتثبيت مزاعمها دوليًا، وتصوير نفسها كضحية تسعى فقط لحماية أمنها، بينما تسوّق رواياتها السياسية على الساحة العالمية لتبرير عدوانها المقبل. بل وتواصل تقويض أي فرصة حقيقية لتحقيقه. وفي ظل غياب موقف دولي حاسم ينهي الاحتلال بشكل جذري، ويوقف شلّال الدماء بحق أهل الأرض، يبقى وقف إطلاق النار في غزة مجرد حلقة منسية في سلسلة طويلة من الصراعات، وكذبة سياسية تُباع للمجتمع الدولي، بينما يدفع الفلسطينيون وحدهم الثمن.

وفي ظل استمرار هذه الممارسات، فهذا لا يعني نهاية الحرب. إنه فقط انتقال إلى مرحلة أخرى من الحرب، وبداية لمرحلة جديدة من النضال الفلسطيني. حيث تُستبدل القذائف بالعقوبات، والعدوان المباشر بالإجراءات الإدارية والقانونية التي تُشرعن الاحتلال وتعمّق المعاناة.

لذا فإنّ الحقيقة هي أن وقف إطلاق النار لم يكن ليتم لولا الخسائر التي مني بها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بجنوده وآلياته خلال عمليات المقاومة النوعية التي تسارعت في الآونة الأخيرة، التي فاقمت الأزمة الداخلية لكيان العدو، ما اجبر حكومة نتنياهو لسلوك درب اتفاق وقف النار والتبادل..

وبالرغم من توالي تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، يواصل بعض قادة الاحتلال، ولا سيما بن غفير (المستقيل من الحكومة) وسموتريتش، ورئيس حكومة الفاشيين، التلويح الدائم بضرؤرة استئناف الحرب، مستفيدين من وجود الرئيس الأميركي الجديد في البيت الأبيض، صاحب اقتراح "تطهير" غزة من أهلها!..

 

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/212610

اقرأ أيضا