/مقالات/ عرض الخبر

ترامب و"إسرائيل"... الفصل الثاني

2025/01/20 الساعة 12:06 م

وكالة القدس للأنباء – ترجمة

مأساة؟ كوميديا؟ ولمن؟

في ولايته الأولى، حقق دونالد ترامب في الشرق الأوسط شيئا لم يستطع سوى قِلة من الرؤساء الذين سبقوه أن يضاهوه: اتفاقيات إبراهام. فقد نقل السفارة الأميركية في "إسرائيل" إلى القدس، وهي الخطوة التي تعهد الرؤساء الذين سبقوه بالقيام بها ثم لم يفعلوا. ولم يوقف ــ أكرر، لم يوقف ــ اندفاع إيران نحو القنبلة. ولم يتقدم بحل للصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني.

الرؤساء لديهم غرائز، ولديهم سياسات، ولديهم فرص. وبينما ننظر إلى تأثير ولاية ترامب الثانية على "إسرائيل" والمنطقة، في أفضل السيناريوهات وأسوأها، من منظور "إسرائيل"، يتعين علينا أن نأخذ كل السيناريوهات الثلاثة في الاعتبار. ويتعين علينا أيضاً أن نضع في اعتبارنا حقيقة مفادها أن "الأفضل" و"الأسوأ" كلمات محملة بمعاني أيديولوجية وتفسيرية. فلنقل إن ترامب يشجع "إسرائيل" على ضم نصف "يهودا والسامرة" ــ الضفة الغربية. فهل هذا هو أفضل السيناريوهات أم أسوأها، أو ربما شيء بينهما؟ ولنقل إن ترامب يوقع اتفاقاً نووياً مع إيران. هل هذا هو السيناريو الأفضل (لأنه يجنّب الحرب) أم الأسوأ (لأن الثقة في الاتفاقيات مع إيران حماقة)؟

لنبدأ بالغرائز. يحب ترامب أن يكون محبوبًا، و"الإسرائيليون" - بشكل عام - يحبونه كرئيس ويقدرون دعمه. أثناء الحملة الانتخابية، كانوا من بين الدول القليلة التي كان تفضيلها له واضحًا على أي منافس. ترامب أناني أيضاً، ولا يرتبط بأي شخص سوى بنفسه. إنه يعشق السلطة؛ ولحسن الحظ بالنسبة "لإسرائيل"، بعد عام من الحرب تبدو البلاد قوية وكفؤة. إنه يعشق الفائزين؛ "إسرائيل" ليست فائزة بعد، لكن احتمالات الفوز تبدو أفضل. يميل إلى الرغبة في أن يكون جريئًا، وبعض "الإسرائيليين" على استعداد لتنفيذ أفكار جريئة، وبعضهم يقول مجنونة.

لكن ماذا عن السياسات؟ لا يريد ترامب أن تكون أميركا شرطياً عالمياً. ولا يريد استثمار الموارد في بلدان أو مناطق أخرى. قد يشكل هذا مشكلة بالنسبة "لإسرائيل". وسوف تضطر إلى إثبات أنها تستحق أن تكون استثناء. هل تستطيع إثبات ذلك؟ بالتأكيد. فإسرائيل ــ على النقيض من أوروبا، كما قد تزعم ــ لا تأخذ أموالا أميركية دون أن تستثمر في القوة العسكرية. فهي تضع أموالها وقوتها البشرية حيث تتكلم. ولا تطلب أبداً قوات أميركية على الأرض. وتنسجم سياستها مع المثل العليا لترامب: ساعدونا بالموارد، وامنحونا الغطاء السياسي، وسوف ننجز المهمة.

السيناريو الأفضل بالنسبة "لإسرائيل" قد يعني تحقيق هاتين الرغبتين: فالولايات المتحدة سوف تمنح "إسرائيل" المعدات والذخيرة التي حدت منها الإدارات السابقة

وتتجاهل شكاوى وإحباطات المنظمات الدولية وغيرها من المنظمات الإنسانية التي تهدف إلى كبح جماح "إسرائيل". تخيل (بأمل أو برعب) ما قد تفعله "إسرائيل" في إيران إذا كانت قواتها الجوية مجهزة بقاذفات استراتيجية.

وأخيرا، وهو الأهم، الفرص. بصرف النظر عن الغرائز والسياسات، فإن الاختبار النهائي لجميع الرؤساء هو قدرتهم على الاستفادة من الفرص. وفي هذا الصدد، يبدأ ترامب فترة ولايته الثانية في مواجهة مشهد الشرق الأوسط المختلف كثيراً عن المشهد الذي واجهه قبل أربع سنوات فقط. لقد دمرت الحرب والاضطرابات الاجتماعية "إسرائيل"؛ إنها دولة مختلفة.

لم تعد سوريا دولة. ولا يزال لبنان قضية لم تحل، لكن حزب الله أضعف كثيراً. وغزة في حالة خراب. واليمن مشكلة متنامية. وتركيا تكسب، وإيران تخسر. وتحاول المحاكم الدولية التدخل في الشؤون الإقليمية. والغضب المناهض "لإسرائيل" أكثر إزعاجاً من ذي قبل.

الفرص؟ قد ينظر ترامب إلى كل هذا ويقول: هذا هو أفضل وقت لترويض إيران أو إحداث تغيير في النظام. صحيح أن هذا لا يتماشى مع غرائزه أو سياساته الراسخة، ولكن الفرص غالباً ما تتفوق على كل من هذين. أو قد يقول: هذا هو أفضل وقت للسعي إلى التوصل إلى اتفاق مع إيران، لأنها ستأتي إلى الطاولة بأوراق قليلة ولديها كثير لتخسره.

قد ينظر ترامب إلى المشهد ويقول: الآن هو الوقت المناسب لإتمام اتفاقيات إبراهام من خلال التقريب بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية. هل سيكون هذا هو السيناريو الأفضل؟ من وجهة نظر الرئيس، ربما يكون كذلك. من وجهة نظر "إسرائيل"، قد يكون الأمر أكثر تعقيدًا. لماذا؟ لأن كل سياسة لها فائدة وثمن. أفضل سيناريو لا يكون خاليًا من التكاليف أبدًا، والسيناريو الأسوأ دائمًا ما يكون محملاً بفرص جديدة.

إليك مثالًا حديثًا لسيناريو أسوأ حدث: تنجح حماس في هجوم مفاجئ وتضع "إسرائيل" تحت ضغط هائل. صحيح، بعد عام دمرت حماس، ودمر نصف حزب الله، ورحل نظام الأسد. لكننا ما زلنا نقول إنه كان السيناريو الأسوأ. في أفضل السيناريوهات، لنتأمل صفقة "إسرائيلية" سعودية تعيد تشكيل الشرق الأوسط ولكنها تأتي بثمن، على سبيل المثال، منح "إسرائيل" الحكم الذاتي لتفعل ما يحلو لها في الضفة الغربية.

على مدى السنوات القليلة المقبلة، فإن أفضل سيناريو بسيط: أن ينظر ترامب إلى الفرص المحتملة العديدة في المنطقة ويفعل شيئًا جيدًا مع بعضها. السيناريو الأسوأ بسيط أيضًا: أن ينظر ترامب إلى الفرص المحتملة العديدة في المنطقة ويقول شيئًا على غرار، "أوه، أنا لا أهتم".

------------------ 

العنوان: Opinion | A Second Act for Trump and Israel

الكاتب: Shmuel Rosner

المصدر: moment

التاريخ: 20 كانون الثاني / يناير 2025

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/212239

اقرأ أيضا