/مقالات/ عرض الخبر

اتّفاق غزّة.. حصاد خيبات العدوّ وداعميه

2025/01/20 الساعة 11:48 ص
نصر غزة من فوق الركام
نصر غزة من فوق الركام

هبة دهيني*

أيّامٌ عجافٌ ظنَّ فيها العدوّ أنّ باستطاعته أن يكسر صمود غزّة، وأن "يسحق" مقاومتها ويفرض شروطه ويحتلّ القطاع، حتّى أتى مناضلو البلادِ وأهلها، وكسروا صَلَف الاحتلال ونَيرَه، وفرضوا هُم شروطهم، فانساق العدوّ لما يريد أهل الأرض.

نعم، لقد قتل منّا العدوّ خمسينَ ألفًا، ثمّ دمّرَ 160 ألف وحدةٍ سكنيّةٍ بالكامل، فصار الرّكام في غزّةَ هو الدّليل، ورمى 88 ألف طن من المتفجرات، ووظّف الروبوتات المتفجّرة لكي لا يبقى طفلٌ على قيد الحياة، ثمّ دمّر المدارس والجامعات وحتى الخيام المهترئة، ليصنع بكلّ هذا صورة "نصر" واهية، ولم ينجح بذلك.

وبعد كلّ هذا الدّمار، تمرّ أعينك على غزّة، تحدّق في وجوه أهلها، الدّمعة ترافقها شارة النّصر التي لا تنكسر، "غزة فرضت شروطها وانتصرت"! هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي ظنّ العدو يومًا أنها قابلة للانكسار، لم يستطع بكلّ قوّته العسكرية وعنجهيّة "أميركا" وراءه، أن يطمسَ مقاومتها.

غزّة لم تنجُ فحسب، بل انتصرت إذ فرَضت شروطها على الاحتلال، ولم تسمح له بكسر شوكة المقاومة والقضاء عليها، وأفشلت أهدافه، ولم تعطه القدرة على استرجاع أسراه بالضغط العسكريّ أو القوّة، وحطّمت مخطط التهجير ومسح القطاع بالكامل، كما كان يطمح المحتلّ.

اليوم، تحلّق شارات النصر فوق قطاع غزة وصولًا للضفة الغربية، وتحصد بآلامها خيبات العدوّ وداعميه من عربٍ وأجانب، فاتّفاق غزّة حصادٌ لهزيمة الكيان، ودليلٌ على ضراعته واغتراره بنصرٍ واهٍ تأمَّلَ صُنعَه من خلال النكبات التي زرعها في القطاع، وعبرَ تقويضِ كلّ حجرٍ هناك.

اليوم التالي من الحرب -كما الأول- هو فلسطينيُّ خالِص، وليس تحقيقًا لحُلُمٍ "إسرائيليّ" مدعوم بتطبيعٍ عربيّ، ففلسطين اليوم أقرب للتحرير منها قبلَ ستّة عشر شهرًا، يكفي أن الاحتلال نفسه أدلى باعترافات هزيمته بقَولِ أحد معلّقي الشؤون العربية في الكيان "مشاهد الفرح في غزة هي أصعب ما يمكن رؤيته، وتتعارض تمامًا مع أهداف الحرب، وما تريد "إسرائيل" التوصل إليه"، أضف إلى تساؤل المحلل العسكري "الإسرائيلي" نوعم أمير "كيف لا تزال توجد مركبات عسكرية في القطاع بعد عام و3 أشهر من الحرب؟ هذا هو تمامًا الفشل العسكري الإسرائيلي".

غزّة، في أتون الحرب وضراوتها، وسط غرق العدوّ في خبال وحشيّته، كانت تولد مجدّدًا من تحت الرّكام كالعنقاء، وتجتثّ من الأرض نضالها المستمرّ، حتى استطاعت -على الرغم من التفوق العسكري "الإسرائيلي"- أن تنتصر أمام كلّ من خذلها ودعم حمام الدم في أرضها. للعدوّ مذابحه ووحشيّته وكلّ من دعم إبادتَه؛ ولغزّة عزّتها وفرحة أهلها ودماء شهدائها التي عبَّدَت الطريق نحو النصر بوعدها الناجز.

*وكالة القدس للأنباء

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/212236

اقرأ أيضا