بعد مرور أكثر من شهرين على توقف العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بدأ أهالي مخيم برج البراجنة ينفضون آثار العدوان والعودة تدريجيًا للحياة الطبيعة، وذلك بسبب ما عايشوه من خوف ورعب لأصوات دوي قصف الصواريخ والأحزمة النارية التي نشرت الموت في محيط المخيم.
مخيم برج البراجنة يقع في قلب الضاحية وملاصق كثيرًا للمناطق المستهدفة في حارة حريك وبرج البراجنة، لذلك كان الأهالي على موعد مع دوّى الانفجارات اليومية التي هز دويها جميع أرجاء الضاحية الجنوبية.
لم يستوعب الأهالي ما حصل. يروي ابن مخيم برج البراجنة، أمجد بدوي، لـ"وكالة القدس للأنباء"، لحظة وقوع الانفجار الأول في منطقة العاملية الملاصقة للمخيم، قائلاً: "رأيت الصاروخ الأول يسقط من السماء يتبعه دوّى ثلاث انفجارات متتالية وما هي إلا لحظات حتى بدأ الناس بالصراخ".
أما الشاب محمود البراقجي، مالك محل العطورات، فيحمد الله أنه "لم يكن في الشارع حيث تطايرت شظايا الصواريخ إلى أطراف المخيم، ويلفت الى أنه "وفي لحظات شعر بزجاج المنزل يتكسر والدخان الأسود يتصاعد ليدرك أن ما حصل هو انفجار ناتج عن قصف"، ويقول: "للوهلة الأولى بدأت أتأمل نفسي وأتحسّس نفسي إذا كنت مصاباً"، ويضيف: "بعدها حضر بعض الشبان وحاولوا مساعدتي للخروج من المكان".
ويختم: "عشنا أيام عصيبة والموت كان يحاصرنا من كل اتجاه، ورغم شدة القصف إلا أننا ثابتون في مخيماتنا، ولن نحيد عن درب المقاومة إلى حين عودتنا إلى أرض الوطن، فلسطين".
أما الحاجة أم عبد الله عطعوط فروت لـ"وكالة القدس للأنباء" كابوس الرعب الحقيقي الذي عاشته وأفراد عائلتها، لوقوع منزلها على طرف المخيم بمسافة قريبة جدًا للأماكن المستهدفة بالقصف، فقالت: " لحظة وقوع الصاروخ الأول دب الرعب والخوف في قلوبنا، ولم نتحمل صراخ أحفادي الصغار، فخرجنا مسرعين ونحن نحمل أطفالنا باتجاه مدينة بيروت، حيث سرنا مسافة طويلة مشيًا على الأقدام".
وأضافت: "ونحن نمشي ونرى المباني تتساقط واحدة تلوى الأخرى، ولم يتوقف القصف وأحسسنا بأن الموت يلاحقنا من كل اتجاه ، حتى وصلنا إلى مركز إيواء الأونروا في منطقة طريق الجديدة، ذهب الخوف من قلوبنا وشعرنا بالأمان والطمأنينة".
ولفتت عطعوط إلى أنه "رغم معاناة القصف والنزوح إلا أننا صامدون في مخيماتنا، فمعاناتنا لا تساوي شيئًا أمام تضحيات أهلنا في غزة.. مشاهد القتل والدمار في كل مكان، أمهات ثكلى، تودع أطفالها شهداء القصف والبرد ".
ووجهت الحاجة أم عبد الله في ختام حديثها رسالة عبر وكالتنا، إلى العالم الذي يدعي الإنسانية والتحضر للتحرك فوراً لإيقاف المجازر الصهيونية في غزة وإرسال المساعدات الغذائية والطبية والبيوت الجاهزة من أجل حماية أطفال غزة من الموت بردًا"..
كما وجهت الحاجة إم عبد الله رسالة إلى عناصر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، بأن "ينضموا للمقاومين الشرفاء، وبدل الاشتباك مع المقاومين عليهم أن يوجهوا أسلحتهم نحو صدور جنود العدو الصهيوني المجرم، قاتل النساء والأطفال في غزة، قائلة: " لم تقتلنا صواريخ "إسرائيل" بل من يقتلنا هو للأسف من أبناء جلدتنا في الضفة الغربية".