ألاء الغزي
"وما النصر الا من عند الله"
إفرحوا وكبروا وهللو هذه الأرض لنا مهما استبدوا، إننا من خلفهم وأمامهم ومن فوقهم ومن بين أيديهم ومن تحت الثرى.
ها قد أتت بشريات النصر مع بدايات فجر الأربعاء، كان اللبنانيون على أحر الاستعداد لهذه اللحظات بعد أكثر من عام على مواجهة تطوّرت قبل شهرين الى حرب مفتوحة إثر فتح حزب الله 'جبهة إسناد' لغزة أسفرت عن مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف وألحقت دمارا واسعا.
لم ينتظر النازحون في لبنان سريان مفعول اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" ولبنان، وفق اتفاق وقف النار، حتى هبوا بأرتال من السيارات والحافلات، متوجهين الى الجنوب والبقاع (شرق) والضاحية الجنوبية لبيروت، رغم الدمار الذي سببته آلة الحرب "الإسرائيلية"، والتحذير من العودة السريعة الى مناطقهم .
ان انتصار المقاومة اعاد الحياة لهم، ورسم الفرحة على وجوه العائدين، ورفع بعضهم شارة النصر والصمود، مزينين سياراتهم بصور الشهداء الذين قضوا بصواريخ وقذائف العدو "الإسرائيلي"، وأطلق آخرون أبواق سياراتهم، يرددون بكلمات فخر وامتنان للمقاومة الباسلة .
بعد وقوف الحزب الى جانب غزة تصاعدت المواجهة من منتصف سبتمبر وكثّفت "اسرائيل" عملياتها ضد حزب الله وغاراتها الجوية العنيفة التي استهدفت مناطق لبنانية عدة تعتبر معاقل للحزب في الجنوب والشرق وضاحية بيروت الجنوبية. كما بدأت عمليات برية في مناطق حدودية في 30 سبتمبر.
وقتلت "إسرائيل" عددا كبيرا من قيادات حزب الله من الصفّين الأول والثاني وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصرالله، وأكّدت أنها دمّرت العديد من 'البنى التحتية العسكرية' للحزب ومراكز القيادة وجزءا كبيرا من ترسانته الصاروخية. في المقابل، واصل الحزب إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة نحو كيان الاحتلال، وخاض اشتباكات ميدانية مع قواته .
وأجبرت الحرب نحو 900 ألف شخص في لبنان وعشرات الآلاف في كيان العدو على النزوح من منازلهم.
ومع ساعات الصباح الأولى شهد الخط الساحلي بين بيروت والجنوب زحمة سير خانقه وسيارات وحافلات صغيرة محمّلة بفرش النوم وأكياس وحقائب وناس تتجّه جنوبا.
وبدت معالم الفرح على وجوه العائدين ولم تزدهم الحرب الا قوة... ففي الضاحية، جال شبّان على متن دراجات نارية في الأحياء التي انتشرت فيها أكوام من ركام مبانٍ مدمّرة، حاملين رايات حزب الله ومردّدين هتافات النصر ومؤكدين تمسكهم بها رغم كل المجازر التي ارتكبها الاحتلال والدمار الذي سببته صواريخه.
وقال سائق سيارة ترفع العلم اللبناني وكان معه زوجته وأفراد عائلته على الطريق الذي يربط بين مدينتي صيدا وصور الجنوبيتين، 'شعورنا لا يوصف، انتصر لبنان، انتصرت الدولة. انتصر الشعب.
وفي قرية زبقين في قضاء صور، طغى الدمار على ما عداه في الشارع الرئيسي للبلدة. منازل ومحال تجارية مدمّرة بالكامل أو تصدّعت واجهاتها.
وفي شارع يطوقّه الركام من الجهتين، قالت الأستاذة الجامعية حوراء بزيع (35 سنة) 'نزحنا منذ 23 سبتمبر من القرية، أي منذ 64 يوما، ووصلنا الآن قبل ساعة تقريبا لنجد دمارا هائلا. لكن المهم أننا عدنا بخير وعافية'.
وقال أحد النازحين " مع الاعلان عن اتفاق وقف العدوان يجب على الاحتلال الصهيوني الالتزام بالاتفاق، متوجها بالشكر والثناء لرجال المقاومة الابطال، مؤكدا بانه لولا تضحياتهم لما رضخ العدو الصهيوني بالقبول بوقف العدوان بشروط المقاومة، بل لتوغل الى عمق الاراضي اللبنانية، مجددا شكره للمقاومين الذين افشلوا كل مخططات العدو".
وبدأ النازحون يتوجهون جنوبا على رغم تحذير من الجيش "الإسرائيلي" الذي لم تنسحب قواته بعد من مناطق حدودية دخلتها.
ودعا الجيش اللبناني من جهته المواطنين الى 'التريث' في العودة الى بلداتهم، مؤكدا أنه يعمل على 'اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الانتشار في الجنوب'.
وفي حين لم تنشر بنود الاتفاق رسميا، أفاد مسؤول أميركي بأنه ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا في غضون 60 يوما من الجنوب، وانسحاب حزب الله الى شمال نهر الليطاني، وعلى ان يخلي المناطق الواقعة جنوب النهر من أسلحته الثقيلة. ويقع نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع (فلسطين المحتلة).
وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع في جنوب لبنان، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حاليا إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وصدر قرار مجلس الأمن الدولي 1701 في العام 2006 بعد حرب بين حزب الله و"إسرائيل" استمرت 33 يوما، وينصّ على حصر الوجود العسكري في الجنوب بالجيش اللبناني واليونيفل.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اليوم بعد جلسة لمجلس الوزراء الالتزام بقرار 'تعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني'، مطالبا 'بالتزام العدو الاسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق'.
وكان بايدن أعلن مساء الثلاثاء التوصل الى الاتفاق، مشيرا إلى أنّ الهدنة تهدف 'لأن تكون دائمة'.