تدميرٌ ممنهج، قتلٌ بلا قواعد، وحرب إبادة يفرضها الكيان المحتلّ على الفلسطينيين في قطاع غزّة، بمذابح يوميّة تمتدّ إلى لبنان، يستهدف خلالها طفلًا يلعب في قريَته، وأمًّا حُبلى وعجوزًا أطولُ عُمرًا من كيانه الواهي، وتمتدّ عنجهيّة المستعمر وصولًا للضفة الغربية، بوحشيّته واستيطانه اللامحدودَين، يقضم خلالها أراضٍ عربيّة فلسطينيّة، ويلوّنها بطابعٍ عِبريّ، ظنًّا منه أنّ الأرض لمن سرق، فيأتي الأشدّاءُ من رجالنا المجاهدين، وينتزعونَ من بين أسنانه كلّ أرضٍ يلوكها جنوده، لاستعادة كلّ شبرٍ من البلاد.
الأرض لمن زرع فيها زيتونَها وربّى في أحضانها سنابل القمح، الأرض لنا نحن الفلّاحونَ الّذين روَينا كلّ شبرٍ فيها بدماء الشّهداء المجاهدين، الأرض لمن يرثُ حبّها ويستشهد دفاعًا عن حدودها، ولمن يذوب في عشقها حدَّ الموت، لا لمن يسرق زواياها ليجمعَ في سجلّ وحشيّته أراضٍ أكثر، وأشلاء ودماءً ومذابح أكثر، ليست لمن يقتل أبناء الأرض كلّ يوم، فيكتشف في كلّ مرّةٍ أنّ أرحامهم تولِّدُ كلّ يومٍ فدائيّين.
لا تتوقف وحشية الاحتلال بتجريف المناطق في قطاع غزّة وهدم المنشآت والمباني الشاهقة، وتدمير البنية التّحتيّة وممتلكات الأهالي هناك، إذ دمّر أكثر من 430 ألف وحدة سكنيّة، و962 مسجدًا، و470 جامعة ومدرسة، و276 مستشفًى ومركزًا صحّيًّا، أضف إلى تدميره 206 موقعًا أثريًّا، والعدد نفسه للمنشآت الرياضية، وغيرها الكثير، بل تتمدد هذه الوحشيّةُ نحو الضفة الغربية.
بعد أكثر من عامٍ على حرب الإبادة "الإسرائيلية" في قطاع غزة، قاد العدو حملة اعتداءات على الضفة شملت 16663 اعتداء، افتعل خلالها أكثر من 275 حريقًا في ممتلكات الفلسطينيين، وهدم ما يزيد عن 689 من المنشآت، واستولى على أكثر من 52000 دونم هناك!
لم يكتفِ الاحتلال بتدمير المنشآت وقضم الأراضي، بل اقتلع مستوطنوه أكثر من 14280 شجرة، هذا الحقد مترامي الأطراف، الممتد نحو الشجر والحجر والبشر، طمَعًا بقضمِ كلّ شبرٍ في فلسطين كلّها، في قطاع غزّة والضفة الغربية وصولًا للدّاخل المحتلّ.
من حرب الإبادة التي ينهش بها الاحتلال أجساد الغزيين، إلى المجازر اليومية التي يمدّها نحو لبنانَ ويخلّف وراءها آلاف الشهداء والجرحى، يمتد حقده نحو الضفة الغربية والداخل المحتل، يعمل على إقامة مشاريع استيطانية لإكمال استعماره الذي ابتدأه من أعوامٍ طِوال، بل ويتمدد أكثر نحو منطقة غرب آسيا كلّها، طمعًا بتغيير وجه "الشرق الأوسط" ورسمِ خارطةٍ تتناسب مع استعمارهم الصّهيونيّ.
رجالنا الأشدّاء في جنوب لبنان، وفي قطاع غزة وصولًا للضفة الغربية التي تحمل كتائبَ من سرايا يقاومونَ كلّ جنديٍّ ويسعونَ لدحر العدوّ وهم يخطّون ملاحمَ وبطولاتٍ لم يشهدها التّاريخ من قبل، هؤلاء هم من سيدحضونَ عنجهيّة العدوّ واستيطانه وتوسّع أهدافه الإحلاليّة، هؤلاء هم من سيرجعونَ لفلسطينَ كلّ شبرٍ سُرقَ منها، هؤلاء المجاهدونَ على اللأرض المقدّسة، هم من سيخطّون بدمائهم حدود جغرافيا البلاد، وهم من سيكتبون، بدمائهم أيضًا، تاريخ الأمّة القادم، بإذن الله. *(وكالة القدس للأنباء)