وكالة القدس للأنباء - خاص
يبدو أن قدر الفلسطيني مع اللجوء والنزوح بات من الثوابت في هذا الزمن، بعد أن اشتدت حوله الضغوط والمؤامرات، من أجل إبادته، باعتباره حجر العثرة أمام مشاريع الهيمنة الصهيونية على المنطقة.
وفي جديد هذا المشهد، ما حدث مؤخراً مع بعض اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات جنوب لبنان، حيث شعروا بالخطر يتهددهم جراء الغارات والقصف العشوائي وسقوط العشرات من الشهداء والجرحى، فانتقلوا إلى مناطق أكثر أمناً، وكأن صورة الهجرة القسرية من فلسطين تتجدد أمام أعينهم.
فبعد تحذيرات جيش العدو الصهيوني بإخلاء قرى جنوبية، تحت وطأة القصف والاستهداف، اضطر المئات من الفلسطينيين إلى النزوح من مخيمي الرشيدية وبرج الشمالي، هرباً من الغارات التي استهدفت محيط المخيمات نتيجة التصعيد، وقد بادرت عائلات فلسطينية في مدينة صيدا إلى استقبال العشرات منهم.
وفي هذا السياق، روى أبو أحمد، من مخيم الرشيدية، رحلة الصراع مع الموت ونزوحه لـ"وكالة القدس للأنباء"، قائلاً: "يعز علينا ترك منازلنا ومخيمنا، إلا أن الوضع أصبح خطيراً جداً، خاصة وأن الأطفال لم تعد تتحمل سماع أصوات القصف العنيف الذي تعرضت له المنطقة، فهذا العدو الغاشم لا يفرق بين كبير وصغير، ونحن نرى بأعيننا ما يحصل في قطاع غزة وخاصة في الشمال".
وأضاف: "لقد عشنا لحظات مرعبة، فكنا نسمع صوت الصاروخ، وبقينا صامدين حتى آخر نفس، فمعظم الأهالي نزحوا عند أقاربهم في صيدا وطرابلس، فاضطررت بعد ذلك إلى ترك المنزل، فأخذنا أوراقنا الثبوتية وبعض الثياب، وخرجنا بعد أن هدأت الأصوات، ويا ليتنا ما خرجنا، مناظر الدمار مرعبة وحصلت غارة ونحن في السيارة، وبدأ أطفالي بالصراخ، وإبني الصغير بدأ بالتقيوء من شدة الخوف، ووصلنا إلى مدينة صيدا ومكثنا عند أقارب زوجتي، وطبعاً اضطررت إلى أخذ إبني إلى المستشفى ثاني يوم، لأنه لم ينم طوال الليل، وأصبح يرتعش بسبب ارتفاع درجة حراراته... هذا هو بنك أهداف العدو، وهذا ما يريده، رعب الأطفال".
وأشار إلى أنه" بقينا لمدة أسبوع في صيدا، وبعدها ذهبنا إلى البداوي عند أختي، حتى جاءني خبر إصابة أخي بشظية، الذي رفض ترك منزله، فاضطررت إلى العودة بعد تأمين عائلتي، فأنا لم أتحمل خسارة أحد من عائلتي، خاصة أخي الوحيد"، موضحاً أنه "رجعت بعد ذلك إلى طرابلس، وعدنا أنا وعائلتي إلى صيدا، وحاولت أن أستأجر ولو غرفة تأوينا لكن بسبب الازدحام الكثيف لم أجد، ونحن حالياً نعيش ثلاث عائلات في منزل واحد، نسأل الله تعالى أن ينصرنا ونعود إلى بيوتنا مرفوعي الرأس ومنتصرين بإذن الله".