/مقالات/ عرض الخبر

الطائفة المنصورة وعبيد العبودية..

2024/10/08 الساعة 03:15 م

بقلم: أحمد عمر*

 على مر التاريخ وتقلبات الزمان، كانت عبودية البشر لبشر أمثالهم، عارا ونقصا في حق العبيد، وكان العبد يبذل كل ما في وسعه للتحرر من عبوديته ولنزع هذه الصفة عن نفسه ليتذوق طعم الحياة في كنف الحرية التي تفكك عنه ثقل القيود والأغلال..

ولكن!! انقلبت الموازين وانتكست الفطرة في زمن الغثاء الذي تحياه الأمة، حتى صرنا نشاهد عبيدا يدفعون بكل قوة نحو البقاء مكبلين في العبودية تتحكم في حاضرهم ومستقبلهم وتفاصيل حياتهم مخاوف فقدان كراسي حكمهم المصنوعة في أروقة أسيادهم الصهاينة ورعاة الصليبية!!

إن من قمة العار الذي يغشى أمة قوامها يفوق المليار نسمة، أن يُحرموا شرفَ الانضمام إلى مواكب النور الممهدة للطائفة المنصورة التي بشَّر بها نبي البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، بل وأن يرضوا فوق كل ذلك الوهن والهوان، بحياة بهيمية يؤمن أتباعها كل الإيمان بالعيش كقطيع من الخراف يُقاد بالخوف تحت نبح الكلاب، ظنا منهم أنهم لا طاقة لهم بالإف 16 والميركافاة!!

ليس مستغربا لقارئ التاريخ والعقيدة والسيرة أن يرى غثاء السيل وما يلفظه من الزبد، يقف متفرجا، وشامتا أحيانا، على ثلة قليلة من الغرباء، طوبى لهم، وهم يرفضون العيش بين قطيع البهائم، ويخرجون على كل قوانين العبودية الحديثة، يضربون بفأس الإيمان بالوعد الإلهي، أصنام المنهزمين الظانين بالله ظن السوء، ليصدحوا ملأ حناجرهم:  إن الباطل كان زهوقا.

 من وسط أمواج الغثاء الفاني، تخرج سهام وسيوف الطائفة المنصورة الباقية، لا يضرهم من خالفهم ولا من عاداهم، تجتمع عليهم كل قوى الشر، كما تجتمع الأكلة على قصعتها، فما يزيدهم ذلك إلا إيمانا وتسليما، وتصديقا بوعد الله..

 لم يذكر التاريخ أن صاحب حق انتصر على عدوه مرة بكثرة عدة أو عتاد أو عدد، ولم نرَ في كتاب الله آية واحدة تمدح الكثرة أو تثني خيرا على الكثير، بل ما ذُكرت الكثرة إلا في ذم ونقص، ومن ذلك قوله تعالى:  وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" وقوله تعالى:  وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" وقوله تعالى في أكثر من موضع في كتابه:  وكثير منهم فاسقون"، ويوم حُنين أعجبت المؤمنين كثرتهم، فلم تغنِ عنهم شيئا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت..

وعلى نقيض ذلك، مدح الله القلة المؤمنة، وأجرى على يدها النصر والتمكين، وصدّق ذلك بقوله:  "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين"، وقضى ربنا في كتابه:  فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين".

إذاً..  تحقيق وعد الله لا يحتاج إلى كثرة عدد أو عتاد، بقدر حاجته إلى فئة قليلة تمردت على القطيع الذي تحيط به الكلاب تخويفا له وإرهابا، تلك الفئة القليلة هي الطائفة المنصورة، تفرقها الحدود والمسافات، ويجمعها الإيمان الراسخ بنصر الله.. لا يكفيهم قراءة التاريخ والأمجاد التي رسمها الأفذاذ والأبطال، بل يصنعون ذلك التاريخ ويعيدون بناء تلك الأمجاد، بدمائهم وأشلائهم، وصبرهم على أذىً سيزول مع أول تكبيرة تعلن النصر الكبير..

لقد حالَ الحولُ على الطوفان، وبلغ السلاحُ نِصاباً يفرض على حامليه إخراج زكاته، وزكاته لا تكون إلا في تل أبيب وحيفا وعكا وكريات شمونة.. ولكن!! الدافعون قلة، طوبى لهم، والمانعون كثرةٌ، تعساً لهم..

*كاتب فلسطيني

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/209426