وكالة القدس للأنباء – مصطفى علي
يأتي العام الدراسي في المدارس والجامعات بلبنان في ظل تهديدات وتخوفات من شن العدو الصهيوني حرب شاملة على لبنان وذلك انتقامًا من الضربات الموجعة التي يتلقاها من قبل رجال المقاومة في غزة وجنوب لبنان ضمن معركة طوفان الأقصى المباركة، تماشيًا مع ارتفاع نسبة البطالة في صفوف اللاجئين وغلاء المعيشة وتحديدًا أسعار القرطاسية، وذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
حالة من التذمر والغضب، تسود أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تزامناً مع بدء العام الدراسي الجديد، بسبب تحوّل عملية شراء الكتب والقرطاسية إلى همّ معيشي إضافي عليهم، فأسعار الكتب والقرطاسية والنقليات تحلق عالياً، و قد ارتفعت بشكل جنوني، في ظل الأوضاع الاستثنائية الصعبة التي يمر بها لبنان، ناهيك عن أزمات خانقة عدة يعاني منها الأهالي والطلاب هذا العام.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الفلسطينيون في الشتات، جالت "وكالة القدس للأنباء" في مخيمي صبرا وشاتيلا في العاصمة بيروت مطلعة على هموم وشكاوى الأهالي القاطنين الذين يعيشون من القلَة والفقر المدقع في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، حيث أصبح الهم الأكبر ارتفاع أسعار الشنطة والقرطاسية وضعف تأمينها.
وفي هذا السياق، عبَرت السيدة أم عبد الله الحسن، وهي أم لثلاثة أبناء من سكان مخيم شاتيلا، لـ "وكالة القدس للأنباء" عن امتعاضها الشديد إزاء الغلاء وارتفاع أسعار القرطاسية والمواصلات، قائلةً: "أولادي في المرحلة الابتدائية وهذا يتطلب دفاتر وأقلام وقرطاسية وما منعرف شو بتطلب منا إدارة المدرسة من رسومات تسجيل ولباس مدرسي وغير ذلك، ولا يمكن دائمًا توفير متطلبات الأولاد لشرائهم... فالوضع المادي زفت".
وأضافت السيدة الحسن وهي متأففة من الأوضاع المعيشية التعيسة والصعوبات الجمة التي يواجهها زوجها في سبيل تحصيل لقمة العيش، قائلة: "لأسف زوجي بيشتغل يوم وعشرة لا، مدخولنا اليومي لا يكفي قوت يومنا حتى القرطاسية التي تقدمها الأونروا للتلاميذ في المدارس ليست كافية. فالمعلمين يطلبون دفاتر 5 مواضيع وتجليد كتب وغيرها وأسعارها تكاد تكون جنونية لا حمل لجيوبنا لمثلي من اللاجئات واللاجئين".
من جانبها، قالت السيدة رنا الحسون، وهي أم لـ4 أولاد في المدارس، إنها "أقبلت على إحدى المكتبات لشراء المستلزمات المدرسية لأبنائي، لاحظت إرتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، ففضلت شراء كتب مستعملة"، موضحة أنه "من القلم للدفتر للشنطة المدرسية.. الأسعار نار، فقلم الحبر الذي يستخدمه جميع الطلاب ارتفع سعره إلى أضعاف"، مبينة أنها "بكل صراحة لم أستطع شراء جميع المستلزمات دفعة واحدة كالعادة، فقط قمت بشراء الأشياء الأساسية، وبحثت على النوعية الرخيصة، وبالنسبة للشنط المدرسية، لم أشتر هذا العام لأولادي شنطاً جديدة، سوف يستخدمون شنطهم القديمة في الوقت الحالي".
بدورها، عبرت السيدة سهام العلي القاطنة في مخيم شاتيلا، عن غضبها لأنها حتى اللحظة لم تستطع تأمين باص نقل لأولادها الثلاثة ليقلهم إلى ثانوية الجليل، قائلة: "منذ شهر تقريباً وأنا أسعى لتأمين باص لأولادي، وأنا لدي 3 أولاد مسجلين في مدارس الأونروا، وعندما وجدت باصاً طلب صاحبه سعر خيالي، ما يقارب ثلاثة أرباع راتب زوجي، دون التفكير في الطعام والشراب وآجار المنزل، وباقي المتطلبات الحياتية، فالأوضاع أصبحت صعبة جداً، ولا يوجد معيل لنا، ولا نتلقى أي مساعدة من أحد"، مشيرة إلى أنها "سمعت بأسعار القرطاسية الخيالية، فهي أصبحت سيرة عند كل الناس، وحتى الآن لم أتجرأ أن أذهب إلى المكتبة، وأولادي بحاجة إلى شنط مدرسية أيضاً وأصابني اكتئاب بكل ما للكلمة من معنى عندما سمعت من أقربائي أن سعر الحقيبة الواحدة يتراوح ما بين 600 ألف والمليون ليرة".
لا يتوقف الأمر هنا، إنما تضاف إلى أقساط الجامعة مصاريف إضافية لم تكن في الحسبان كأسعار القرطاسية المرتفعة والتي صارت أقرب إلى الخيال وفق وصف الطلاب، وتكاليف المواصلات والمصروف الشخصي للطالب، وغيرها الكثير من المتطلبات الدراسية.
والحال هذه، صار مستقبل الطالب الفلسطيني على المحك، إما أن يستقبل العام الدراسي وسط قلق شديد من عدم إمكانية سداد الأقساط، أو أن ينقطع عن مقاعد الدراسة واللجوء إلى العمل الحر إن كان لا يزال متوفراً في لبنان، في وقت صارت يومية العامل المياوم مهما كانت جنسيته لا تتعدى دولاراً أمريكياً واحداً.
وهذا ما أكده صاحب مكتبة مرجان، وسيم فرحات، لـ "وكالة القدس للأنباء"، بأن أسعار القرطاسية في ارتفاع كبير مقارنة في العام الماضي حيث تزداد فواتير البضائع في الجملة ولا تبقى التسعيرة على حالها، فقد وصل سعر الحقيبة المدرسية أقلها 6 دولارات وأقصاها المئة الدولار، أما أسعار الدفاتر من 200 ألف ليرة وما فوق، وهذا يكون منهكًا جدًا لرب العائلة المكونة من 5 أفراد وخاصة بأن معظم مجتمع لاجئي المخيمات يعانون من البطالة وعدم الحصول على فرص عمل جدية".
ودعا فرحات في ختام حديثه لوكالتنا "الأونروا " إلى تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل أهالي الطلاب والطالبات في مدارسها من خلال توفير الدعم الكافي لشراء لوازم القرطاسية والمواصلات وتطوير خطط تعليمية فردية للطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة لإنجاح العام الدراسي هذا العام .