/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

في ذكراها الثانية والأربعين..

بالصور مجزرة صبرا وشاتيلا: ذاكرة الأجيال التي لا تُمحى

2024/09/16 الساعة 09:06 ص

اليوم هو السادس عشر من أيلول/سبتمبر، تاريخ لا يمحى من ذاكرة الفلسطينيين في لبنان، تنتقل صوره وأحداثه ومآسيه من جيل الى جيل..

من شهد مجزرة صبرا وشاتيلا عاش أحداثها، ومآسيها، ورأى بأم العين جثثاً تقطعت بالحراب والسلاح الأبيض، وأجنة بقرت بطون أمهاتهن، كلها مكومة في زواريب وأزقة صبرا وشاتيلا.. والمجرمون القتلة من الميليشيات الفاشية اللبنانية، عملاء "إسرائيل" يلاحقون النساء والشيوخ والأطفال، ويتفننون في ارتكاب جريمتهم، التي تتوارث أحداثها وفصولها الأجيال الفلسطينية... أما من لم يشهد فصول الإجرام فيراها في عيون الكبار الذين نجوا من المجزرة، وقرؤوا عنها في الكثير من الكتب والتقارير، ورأوا بعض مشاهدها وصورها في الأفلام الوثائقية التي صاغها وأخرجها الناجون، والمتضامنون مع الشعب الفلسطيني.

وما يميز مجزرة صبرا وشاتيلا هذا العام، هو تلازمها مع الحرب الكونية المفتوحة التي يشنها العدو الصهيوني منذ نحو 12 شهراً ضد أهلنا في قطاع غزة، وترتكب عشرات المجازر يوميا في حرب إبادة جماعية، يشارك في ارتكابها الغرب الاستعماري بكل مكوناته ودوله، وكل المطبعين من عرب ومسلمين، وكل الذين يغمضون عيونهم، ويبتلعون ألسنتهم، ويصمون آذانهم عما يجري من مجازر يومية في غزة، التي لم يعد فيها مكانا آمناً، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي (2023)... وكذلك المجازر المفتوحة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين!..

اثنان وأربعون عاماً مرت على "مجزرة صبرا وشاتيلا"، لكن الجرح ما زال ينزف، وما زالت العائلات تتذكر شهداءها، بينما لم يحاسب أحد على كل الدماء التي سالت.. فلو تمت محاسبة المجرمين الصهاينة عن مجازر دير ياسين وكفرقاسم والعشرات من المجازر التي ارتكبت في فلسطين ولبنان وسوريا ومصر، لما تجرأ العدو الصهيوني على ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، ولا المجازر اليومية المرتكبة في قطاع غزة، والمنقولة مباشرة بالصوت والصورة، وتراها كل المعمورة!

في 16 سبتمبر/أيلول 1982، اجتاح جيش العدو "الإسرائيلي" العاصمة اللبنانية، بيروت، بعد أن اجتاح مناطق جنوبي لبنان مروراً بمدينة صيدا، وبعد حصار دام نحو ثلاثة أشهر لبيروت والمخيمات الفلسطينية، التي كانت تواجه قوات الاحتلال، خرج آلاف المقاتلين الفلسطينيين إلى دول الشتات، تونس والجزائر واليمن والسودان وغيرها تحت الحماية الدولية، في حين ظلت المخيمات الفلسطينية تحت حماية القوات الدولية، وفق الاتفاق الذي أبرمته "منظمة التحرير الفلسطينية" مع المبعوث الأميركي فيليب حبيب ، راعي الاتفاق مع قادة العدو "الإسرائيلي".

بعد أيام من خروج قوى المقاومة من لبنان، انسحبت القوات الدولية، وتركت المخيمات الفلسطينية تحت رحمة قوات الاحتلال والميليشيات العميلة. ولم يعد لدى المخيمات الفلسطينية من يحميها،

وباتفاق مع جيش الاحتلال، نفذت قوات يمينية مذبحة دامية في مخيمي صبرا وشاتيلا استمرت لمدة ثلاثة أيام، وراح ضحيتها نحو 4500 مدني، من بينهم أطفال وشيوخ ونساء، فلسطينيون ولبنانيون وعرب.

العديد من العوائل لم يتبقَّ منها أحد، وعوائل أخرى لم يبق منها إلا فرد أو فردان استطاعوا الاختباء على سطح البيت، أو في الخزانة، أو خلف الغسالة، وشاهد مئات الصغار ما حصل لأهلهم أمام ناظريهم.

بات سكان مخيم شاتيلا في الوقت الحالي خليطاً من الجنسيات، فلسطينيون وسوريون ولبنانيون، بينما تغيرت معالم مخيم صبرا تماماً، وتبدل سكانه، وصار الفلسطينيون قلة قليلة فيه، فالغالبية باعوا بيوتهم ورحلوا، واختار الأكثرية الهجرة ملاذاً آمناً لهم.

بعد كل هذه السنوات، لم ينس أهالي شاتيلا تحديداً المجزرة التي ما زالت أحداثها حية حتى اليوم، ويتوارث الأبناء روايتها حتى تبقى في ذاكرتهم، فالعدو في نظرهم يريد أن يقضي على كل الفلسطينيين بإجرامه، خصوصاً على الأطفال، كي لا يبقى أحد للمطالبة بالوطن في المستقبل، أو يتحول إلى مقاوم يقاتل لاستعادة أرضه.

أعيد إعمار البيوت المتهدمة في مخيم شاتيلا بعد أن مات أهلها، أو رحلوا عنها، في حين عاد كثيرون إلى المخيم لاحقاً ليعيدوا بناءه، والأسر التي لم يتبق أحد من أفرادها ذهب ذكرها، وسكنت في منازلها أسر أخرى. لا تخلو الحوائط اليوم من شعارات ولافتات تمجد المقاومة، وتدعو إلى عدم ترك "البارودة". يعج المخيم بالسكان، والحركة الدائبة فيه تشير إلى أن سكانه يحبون الحياة، وأنهم ينتظرون العودة إلى فلسطين.

جميع الصغار والشبان لم يشهدوا المجزرة، لكنهم عرفوا تفاصيلها من خلال حكايات أجدادهم الذين عاشوها، وهم يشاهدون حالياً المجازر والإبادة الجماعية التي يقوم به العدو "الإسرائيلي" في قطاع غزة، ولسان حالهم يقول إن الهدف من كل المجازر، الحالية والسابقة، هو إبادة الشعب الفلسطيني، وتجريده من حقه في استرداد أرضه.

ولسان حال الشعب الفلسطيني، ومعه أحرار الأمة وقواها المقاومة، ان المقاومة هي الخيار، وهي الأسلوب الوحيد لدحر الغزوة الصهيونية الغربية الاستعمارية، وإفشال مخططاتها... وها هي المقاومة تتصاعد وتتواصل في غزة والضفة ودول الإسناد.

فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة!

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/208776

اقرأ أيضا