لا شك أن عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ضد مغتصبات غلاف غزة، قلبت الموازين، وأظهرت هشاشة "إسرائيل" وضعفها. فأذلّت العملية "إسرائيل" وأهانت كبرياءها، وأحرجت الأتظمة العربية، المطبعة، وتلك التي كانت تنتظر لحظة التطبيع، على خلفية قرب إبرام اتفاق سلام بين "إسرائيل" والسعودية.
ففي 7 تشرين الأول/أكتوبر يوم تنفيذ العملية، احتفلت المخيمات الفلسطينية كما المدن اللبنانية المجاورة كلها ببسالة المقاومة والهزيمة التي ألحقتها بالكيان الصهيوني الهش، ما أعاد إلى الواجهة طرح القضية الفلسطينية مجددًا.
ولعملية "طوفان الأقصى" تأثير مباشر على اللاجئين الفلسطينيين. فبالنسبة إليهم، معركة التحرير قد بدأت وأحيت آمالهم بالعودة. ويعتقد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أنهم معنيون بشكل مباشر بالعمليات العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية، لأنها ستحدد مستقبل القضية الفلسطينية ومصيرهم كلاجئين، لاعتقادهم أنهم تعرضوا في لبنان لمحاولات كثيرة من عدة جهات دولية لتصفية قضيتهم، من خلال محاولة تدمير مخيم عين الحلوة وإنهاء عمل "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" الشاهد الحي على نكبتهم، ناهيك عن مشاريع التوطين والترحيل التي أفشلها اللاجئون الفلسطينيون.
وقد اتخذ تضامن اللاجئين الفلسطينيين مع غزة عدة أشكال؛ منها التضامن الاجتماعي والسياسي، من خلال المسيرات والتظاهرات والوقفات التضامنية، وإرسال المذكرات إلى السفارات الأجنبية، والمتابعة الإعلامية لتطورات الأحداث الميدانية.
ومع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة وارتكابه المجازر بحق المستشفيات ومراكز الإيواء وكان آخرها استهدافه مركز إيواء في حي الدرج بمدينة غزة، والتي راح ضحيتها مئات الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ المصلين، اتشحت المخيمات الفلسطينية في لبنان بالسواد، وعمّ الحداد، استنكارًا لبشاعة المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، وأقفلت معظم المحال والمؤسسات التجارية أبوابها، فضلاً عن مؤسسات وكالة "الأونروا" المختلفة. وشارك أبناء المخيمات في النشاطات الداعمة لصمود غزة ومقاومتها، كما ظهرت حركات المقاطعة في المخيمات من ضنت مبادرات شبابية، داعية الفلسطينيين واللبنانيين، إلى مقاطعة شركات ومنتجات عالمية لدعمها العدوان "الإسرائيلي" على غزة.
طوفان الأقصى حلم طال انتظاره
وفي هذا السياق، جالت "وكالة القدس للأنباء" في مخيمات بيروت للإطلاع على آراء أبناء المخيمات، في ما يخص معركة طوفان الأقصى وما تعني لهم، وآثارها على مستقبلهم كلاجئين، وهم الذين أجمعوا على أنها قرَّبت موعد التحرير وأحيت فيهم الأمل في العودة إلى ديارهم في فلسطين.
يقول إبن مخيم برج البراجنة، ثائر الدبدوب، لـ"وكالة القدس للأنباء"، إن طوفان الأقصى حلم طال انتظاره، ولكن تحقق بالشكل المرجو رغماً عن أنف المطبعين والمتخاذلين عن نصرة فلسطين من أنظمة عربية خائنة وشعوب مخدرة تعيش بلا هدف".
وأضاف: "نحن نعيش الانتصار، نعيش في حالة تحرر وطني قربَت موعد تحرير فلسطين الحبيبة، وذلك بفضل شجاعة المجاهدين المقاومين الذين أذلوا العدو في 7 أكتوبر ويذلونه كل يوم، وهذا ما كان ليتحقق لولا صمود أهل غزة رغم كل ما يحصل لهم من مجازر وإبادة بحق نسائهم وأطفالهم إلا أنهم صامدون ومتشبثون في أرض فلسطين".
وتابع: "يعتصرنا الحزن والألم حينما نشاهد أشلاء الشهداء الأطفال والنساء بفعل القصف الصهيوني الغادر المستمر على منازلهم ومستشفياتهم والمباني والمرافق العامة، للأسف كل شيء يدمَر في غزة الحجر والشجر والبشر وذلك أمام مرأى العالم الكاذب الذي يدعي الحرية وحقوق الإنسان. ولكن غزة كشفت زيف ادعاء مؤسسات حقوق الإنسان، بأنها كاذبة وبعيدة كل البعد عن الإنسان وتعمل لمصلحة العدو الصهيوني".
بدوره الناشط الشبابي واللاجئ في مخيم برج البراجنة، أمجد بدوي، اعتبر في حديثه لوكالتنا، أنه بالرغم من كل ما يحصل في غزة من مجازر ووحشية صهيونية وتهجير لأهالي غزة، إلا أن دماء الشهداء التي تسيل على أرض غزة ستثمر نصرًا عزيزًا وستعيدنا إلى فلسطيننا الحبيبة".
من جهتها اللاجئة الفلسطينية في مخيم برج البراجنة، الحاجة أم عبد الله عطعوط (80 عامًا)، وهي تنسج علم فلسطين بيداها الهرمتين العظيمتين، فترى في طوفان الأقصى بأنه حلم راودها أكثر من 75 عامًا منذ أن هجرت قسرًا وخروجها من فلسطين بفعل هجوم العصابات الصهيونية على قريتها الكابري".
وأضات قائلة: "الحمد الله اللي خلاني عايشة حتى أشوف الجنود "الإسرائيليين" مذللين تحت أقدام المقاومين الأبطال، والله ينصرهم ويثبت أقدامهم اللي عملوا الشباب بطوفان الأقصى ما حصل بتاريخ الثورة الفلسطينية ".
مرحلة تحرر متقدمة
ويعتبر عضو اللجنة الشعبية في مخيم شاتيلا، خالد أبو النور، أن "طوفان الأقصى مرحلة تحرر متقدمة وقد عززت فينا الثقة بأن موعد تحرير فلسطين بات أقرب من أي وقت مضى، كما أعاد قضية فلسطين إلى الوجهة العالمية بقوة وفضحت الأنظمة العربية المتخاذلة والمطبعة وأمريكا ودول الغرب التي تدعي الحرية وحقوق الإنسان بأنها كاذبة وداعمة للكيان الصهيوني في قتل الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "في المقابل، طوفان الأقصى حاز على تأييد شعوب العالم للقضية الفلسطينية وأظهر مدى وحشية وإجرام العدو الصهيوني، فالكل اليوم يتكلم عن شجاعة وبطولات المقاومة الفلسطينية وتضحيات أهالي غزة ".
وختم أبو النور كلامه، مؤكدًا على حتمية النصر وتحرير كامل تراب فلسطين، فرغم المجازر وتدمير المباني وكل مرافق الحياة إلا أن "إسرائيل" سقطت في عيون شعوب العالم بأنها كيان سرطاني لم يجلب إلا القتل والدمار ولا بد من اقتلاعه وأن الحق الفلسطيني في أرضه لن يسقط طالما هناك مقاومة شريفة وباسلة تذل جنود العدو".
من جهتها، الحاجة أم محمد علي فباشرت كلامها بالدعاء للمقاومة بالنصر والثبات وبأن يلطف الله بالنساء والأطفال في غزة الذين علمونا معنى التضحية والصبر من أجل الحفاظ على أرضهم رغم كل الدمار والمجازر إلا أنهم ثابتون في أرضهم كغرس أشجار الزيتون".
أما السيد أبو خالد معروف فرأى بأن طوفان الأقصى فرصة للشعوب العربية من أجل أن تثور على حكامها المطبعين والزحف نحو تحرير فلسطين، فقد أظهرت مدى ضعف الكيان الصهيوني الهش وبأن حتمية زواله مسألة وقت، لذلك على كل شعوب الأمة فتح الجبهات والزحف نحو فلسطين".
أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية
بدوره رأى مسؤول جمعية الشفاء للخدمات الطبية في بيروت، محمد حسنين، أن طوفان الأقصى أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية التي كادت أن تمحى عربيًا ودوليًا بفعل التطبيع المخزي للنظام العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني المؤقت".
ولفت حسنين إلى أنه وبالرغم من المجازر والدمار والإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني المجرم بحق أطفال ونساء غزة إلا أننا كلنا أمل بأن المقاومة أظهرت ضعف الكيان بأنه هرم واقترب موعد زواله".
وقال: "ألله محي رجال المقاومة الذين رفعوا رؤوسنا عاليًا حينما داسوا بأقدامهم على رؤوس جنود العدو، وقد أثبتت المعركة بأننا نستطيع تحرير فلسطين والجيش الصهيوني يُقهر كل يوم بقذائف الياسين ".
وحتم حسنين كلامه موجهًا التحية للمقاومة اللبنانية واليمنية وكل جبهات محور المقاومة المساندة لغزة، داعيًا إلى توسيع رقعة المواجهة من أجل تخفيف الضغط عن جبهة غزة العزَة.