/مقالات/ عرض الخبر

من صنعاء.. "يافا" تنصرُ غزّة!

2024/07/20 الساعة 09:16 ص

هبة دهيني – وكالة القدس للأنباء

سنواتٌ عِجافٌ حاولَتِ الدّولُ الاستعماريّةُ فيها طَمسَ هُويّة اليَمن وإسقاطَ قدراته القتاليّة، من حصارٍ وتجويعٍ وقتلٍ أظهَرَ اليمنيّ الحافي بصورةٍ مُنَمَّطَةٍ أمامَ العالم أجمَع، يبدو فيها فقيرًا مُغَيَّبًا مُهَمَّشًا أمامَ دفاترِ إمبرياليّتهم واستغلالهم للشعب اليمنيّ المُستَضعَف، هذا المُستضعَفُ نفسهُ الّذي قال "لا" لقوى الاستعمار، وهو نفسُهُ الّذي أظهَرَ طيفَهُ في "تلّ أبيب" مصحّحًا مصطلحاتِ العدوّ، مبدّلًا شعاراتِهِم باسمِ "يافا"، مُعلِنًا إيّاها منطقةً غيرَ آمنة، ومؤكّدًا أنّ حُفاةَ الأقدام، هؤلاء البعيدونَ عن يافا أكثر من ألفيّ كيلومتر، هُم أقربُ من المتلاصقين بها جغرافيًّا، ففي معجم المقاومة، كلّما اقتربَ السّلاح، قلّتِ المسافة.

قُرب السّفارة الأميركيّة، أسقطَ اليمنيّ الحافي -نفسُهُ- غطرسَة "إسرائيل" وراعِيَتَها "أمريكا"، بمسيّرةٍ أطلقَ عليها اسمَ "يافا"، لتكونَ الحربُ عصفورَينِ بحجر، أيّ، حَربَينِ بمسيّرة! حربٌ مباشرةٌ تدكّ فيها صنعاء قلب "تلّ أبيب" وتفجّر مبنًى هناك مخلّفةً قتلى وإصابات، ثمّ حربٌ اصطلاحيّةُ تجدّدُ عهدَ العُروبةِ الحقّة، أنّ صنعاء تضرب لُغةَ العدوّ بلُغةِ الفلسطينيّ المُقاوم، إذ "يافا" تدكّ "تلّ أبيب"!

وهنا بيتُ القَصيد، إذ تذكّر يافا العالَمَ باسمِها، من منبعِ العروبةِ، فهذا ديدَنُ من يستميتُ في الدّفاعِ عن المُستضعفينَ على امتداد جُغرافيا البلاد، من هنا، فقد سبّبَتِ الضّربةُ رُعبًا لدى المستوطنين، وكشفَت هشاشة الدّفاعات الجوّيّة واالإنذارات في مواجهة المسيّرات، فجاءت الضّربةُ في أكثر لحظات حكومة العدوّ غطرسةً و"تباهيًا" بنصرٍ موهوم، وفي أكثر اللحظات سوداويّةً في ما يجري من مجازر يوميّة في أتون الحرب الّتي تشنّها آلة الحرب الإسرائيليّة، وفي توقيتٍ تزداد فيه حالة المجاعة ونقص أدنى مقوّمات العيش في القطاع، كسبيلِ ضغطٍ على المقاومة، أضف إلى تهديداتِ العدوّ بشنّ حربٍ شاملةٍ على لبنان.

كلّ هذا وأكثر، لم يُطفئ عند اليمنيّ نيرانَ نخوةٍ يُدركُ جيّدًا كيفَ يُشعلها بيديهِ على صخرةٍ شاهقةٍ في صنعاء، ويعرفُ كيف يصقل خنجرهُ ويشحَذُ سكّينهُ من خاصرته، فيجترحَ أدوات انتصاره من تحت الرّكام، بفعلِ إيمانٍ وإصرارٍ لم تَعهَدهُ بلادٌ طبَّعَت عِلاقاتِها مع من يُشعلُ كلّ يومٍ حمّام دمٍ إسرائيليّ في غزّة، في وقتٍ لا يُبايعُ اليمنيّ خصلةً واحدةً من شعرِ المستعمرين، بل يحمل بيدهِ المدمّاة لواءً فلسطينيًّا ويطوفُ به العالم، ثمّ يشهرُ خنجرهُ ويمشي مُنتصرًا في وجهِ العُتاةِ والمُستكبرينَ الّذينَ ظنّوا أنّ الحَربَ ستشوّهُ ملامحَ اليمن، وستقلبُ هُويّتَهُ ليصيرَ أداةً للطامعين الذّابحينَ لرأس العروبة، والطّائفينَ به زوايا "تلّ أبيب"، في لقاءاتٍ واستضافاتٍ يوميّة، في وقتٍ يطوفُ اليمنُ برأس واشنطن في ساحات القتال.

من الصّخرةِ العربيّةِ نفسها في صنعاء، يخطّ اليمنيّ بأبجديّتِهِ جغرافيا العروبة، ويُبصرُ أمامَهُ فخرَ الصّناعةِ اليمنيّة، بعدما داس بقدمَيهِ "فخرَ الوحشيّةِ الأميركيّة"، ثمّ يُرسلُ مسيّرتَهُ مؤكّدًا أنّ المخزون من هذا النوع من المسيّرات "كبير جدًّا"، وأنّه "ليس السلاح الأخير"، وأنّها مزوّدةٌ بأنظمة حديثة للتشويش والتسلل، ثمّ يصدَحُ صوتٌ عربيٌّ من بعيد، خسئَت دونَ قافهِ أحرفُ اللغة: "قامت قواتنا المسلحة اليمنية.."، ينقلُ لأهلِ المقاومةِ قوّةَ اليمن، وصوتَ يافا، ووعدَه النّاجز، فالقوّات المسلّحة اليمنيّة "ستقوم بالتركيز على استهداف جبهة العدو الصهيوني الداخلية والوصول إلى العمق".

هكذا إذًا، تتلقّى "تلّ أبيب" صفعاتٍ على خدٍّ أصبحَ مشوّهًا برصاصٍ مُقاومٍ ينطلقُ من جبهات الإسناد كافّة، وتُلملمُ خسائرها صاغرةً من تحت أقدامٍ حافية، مُدركةً أنّ شعار "الموت لأمريكا"، لهوَ وعدٌ يجري تحقيقُه، مُصطحبًا معه "الموت لإسرائيل"، ليُطَهَّرَ العالمَ من دَنَسِ المُستكبِرين، بأيدٍ أدرَكَت من تُبايع، ومن تُحارب، فنَبَتَ السّلاحُ من خناجرها مولّدًا رصاصًا ثائرًا، وليصدَحَ مجدّدًا بالقَول "إذا غزّة تشكونا، فكلّ بلادنا فلسطين".

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/207030

اقرأ أيضا