وكالة القدس للأنباء - خاص
سجل الأسرى الفلسطينيون في معتقلات الاحتلال الصهيوني، خلال تصديهم لممارسات العدو الوحشية في السجون، نماذج مقاومة فريدة، فاشتبكوا مع السجانين، ونفذوا الإضرابات والاعتصامات، وخاضوا معارك الأمعاء الخاوية، فأرعبوا العدو بروحهم المعنوية العالية، وأجبروه على الرضوخ لمطالبهم.
هذا ملخص ما رواه كل من الأسيرين الفلسطينيَين المحررَين: سعيد قاسم (مخيم الرشيدية) ومحمد شريدة (مخيم عين الحلوة) في حديثيهما لـ "وكالة القدس للأنباء".
في هذا السياق، قال محمد شريدة (60 عاما) من أهالي بلدة الصفصاف قضاء صفد، ومن سكان مخيم عين الحلوة، إن العدو الصهيوني اعتقله في المخيم يوم 26 حزيران عام 1982 أثناء الإجتياح الصهيوني للبنان، وزج به مع مئات المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين، لعدة أيام في معمل صفا لتوضيب الحمضيات، على المدخل الجنوبي لمدينة صيدا، في ظروف غير إنسانية، محرومون فيها من كل الحقوق الإنسانية في طقس حار وصعب لا يميز بين كبير وصغير.
فترات التحقيق والتعذيب
وأضاف شريدة "بعد ذلك قام العدو الصهيوني بوضعنا في باصات والذهاب بنا إلى معتقل العفولة في الضفة الغربية المحتلة لمدة شهرين ونصف، حيث وُضعنا في خيم قطرها مترين، وفي كل خيمة 30 معتقلاً، وكان النوم بالمناوبة على جنبنا الأيمن أو الأيسر، وأرض الخيمة مليئة بالبحص والحجارة وغير متناسقة أو طبيعية."
ويقول: "إنني خضعت مع المعتقلين بشكل انفرادي للتحقيق والتعذيب يومياً، وكان السجان الصهيوني يأتي إلينا في الصباح لتعدادنا ومعرفة أرقامنا، وأيدينا مشبوكين ببعض فوق رؤوسنا.
وأذكر أنه "في إحدى المرات لم أنتبه لوجود السجَّان فعاقبني مع ثلاثة معتقلين لساعات عدة من التعديب القاسي بساحة المعسكر، والضرب المبرح، بعصا الرفش على الرأس والرقبة والمفاصل والأطراف".
وتابع شريدة: "بعد العفولة تم إحضارنا الى معتقل أنصار بجنوب لبنان، لنمكث فيه عاما ونصف العام، ولقد وضع العدو الصهيوني 6 آلاف معتقل فلسطيني ولبناني في ظروف صعبة للغاية، حيث تم تقسيم المعتقل إلى معسكرات، وكل معسكر فيه عدد من الخيم، وكل خيمة قطرها 6 أمتار، وفيها مئة معتقل، وكل 3 أفراد معهم غطاء واحد فقط".
وأكد أن "التحقيق والتعذيب والإرهاب الصهيوني كان بشكل يومي، حيث الزنازين المفردة والعقاب الجماعي والحرمان من النوم".
وعن الطعام، قال شريدة: "عند الفطور إما ملعقة مربى أو بيضة، والغداء حبة بطاطا مسلوقة أو كباية فاصوليا، وعند العشاء علبة سردين لكل 3 أسرى، ولكل واحد قطعة خبز".
وأوضح أنه تم الإفراج عن معتقلي أنصار في عملية التبادل التي قامت بها "منظمة التحرير الفلسطينية" والعدو الصهيوني، حيث أفرجت المنظمة عن 6 جنود صهاينة، وأُطلق سراحنا.
وقد وجه شريدة التحية لكل المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني.
السجن 307 سنوات!
بدوره، الأسير المحرر سعيد قاسم إبن مخيم الرشيدية، الذي أمضى ١٥ عاما في سجون الاحتلال روى تجربته لـ "القدس للأنباء"، فقال: "كنت موجودا آن ذاك في قاعدة في الأردن على نهر الزرقاء وكنا نمارس الدوريات القتالية والاستطلاعية.
وفي ٢٨ من أيار/مايو عام ١٩٧٠ كنت في دورية قتالية جنوب بيسان، حيث حدث اشتباك مع كمين الاحتلال استشهد خلاله 3 وأصبت أنا واثنان آخران، وقد استطعت حينها أن أوصلهم إلى نهر الأردن، ولكني لم أستطع الخروج لأنني لم أعد أقوى على المشي، وفي صباح يوم الجمعة تم اعتقالي وأصدرت المحكمة العسكرية في اللد قرارا بسجني ٣ مؤبدأت و١٠ سنين، أي ما يعادل ٣٠٧ سنوات. وبفضل الله تعالى خرجت من السجن في العام ١٩٨٥ في صفقة الجليل".
ومنذ وصول قاسم إلى السجن اكمل مسيرته النضالية في المشاركة بالإضرابات، حيث خاض أول إضراب له في تموز ١٩٧٠ حين استشهد عبدالقادر أبو الفحم.
تعلم اللغة العبرية وفور الانتهاء منها بدأ يعلم باقي الأسرى اللغة العبرية والإنجليزية. ولم يكتف بهذا بل تفرَّغ للقراءات الإسلامية والتاريخ الإسلامي والفلسفات قديمها وحديثها.
وقال: "كل ما كان يجري في الخارج كان يؤثر علينا، وكانت المعنويات عالية وخضنا أول اضراب مدعوم بشكل كبير في فلسطين والشتات استمر 20 يوما".
وطالب قاسم بإيلاء قضية الأسرى الاهتمام الكافي على الصعد كافة.