/مقالات/ عرض الخبر

كَسْرُ الصمت.. كتب:عبد الله الشاعر

2014/03/20 الساعة 11:00 ص

اتق ثورة الحليم إذا غضب، وغضبةُ الأحرار نارٌ تتّقد، وعنفوانٌ لا يهدأ، وثورةٌ لا تعرف المستحيل....وقد غضبنا.
وحين يصير الصمت وجهاً آخر للإفلاس والانتحار فلا بدّ من كسره بكل ما أوتي الأحرار من إرادة وكرامة وذخائر...وعندما تصبح المقاومة تذكرة السفر التي تسمح لنا بالدخول إلى عالم الردع، وإحداث توازنَ للرُعب، فإن كسر الصمت يغدو اللغةَ المدهشةَ التي تُرعب الطغاة، وتُعيد تشكيلَ الواقع وترتيبه حسب ما تشتهي أنفس الأحرار ووصايا الصاعدين نحو حتفهم باسمين.
إنه لا يصح بحال أن نعضَّ بالنواجذ على هدنة سرقت منا خيرة شبابنا، وعمّقت مأساتنا، وحجبت عنا شمسَ الحرية،وأعطتنا عوضاً عنها هدوءا مكتظاً بالفراغ، وشعوراً عارما بالهزيمة.!!
وأمام القتل اليوميّ تتحوّلُ الهدنة إلى صكٍّ مذلٍّ لتدجين المقاومة، وتحويلها إلى حصانٍ في إسطبل التهدئة، وكلب حراسة على تُخوم الغزاة.
أمام توالي سقوط الشهداء فإن الهدنة تدخل في العدمية المطلقة، ويصير السكوت على المعتدي موتا مكتوبا، ومن هنا كان لزاما على الأحرار أن ينسجموا مع نبض الشارع أو يستقيلوا... أن يتقدموا نحو الواجب أو يدفنوا أنفسهم في أضرحة التاريخ ويتحوّلوا إلى ذكرى موجعة أليمة.
وحين تصير الهدنة وثناً يصدّ عن وجه الحرية والكرامة فمن الضرورة أن نضربها باليمين، ونُعلّقَ الفأسَ في رأس البقرة المقدسة وجاراتها.
قد يحتاج المقاتلُ إلى استراحة محاربٍ،لكن حين تزيدُ الجرعةُ عن الحاجة فإن التهدئةَ ستتحمّلُ كل ألوان التناثر والتبعثر والتشرذم، والخلافات وتطاول السفهاء، وتصير المقاومة، حينئذٍ، الوجه الآخر للإنسان وللكرامة والحياة.
كَسْرُ الصمت هو المعادل الموضوعيّ لشرارات الحريّة، وأمطارِ الخير التي ستُنبتُ أشجارا تُعاند الرياح، ويستظل المحاربون في ظلالها.
لا يمكن لحركة تحترم نفسها أن ترفع قبعتها لهدنة مُذلةٍ قاتلة.. وتسجدَ لطائرات تجوب سماءها بحثا عن ضحية قادمة... وتردد عبارة العجز والفجور:إن الكفّ لا تلاطم المخرز.
كَسْرُ الصمت كان ضروريا ليُسقط تلك المقولة العاجزة، ويستعيض عنها بالنشيد الثوريّ:
(لأن الهمس لا يفضح... سأعجن كل أسراري بلحم الرعد... ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا بعدْ...إن الكفّ سوف تلاطم المخرز).
غضبت غزة، وشتان بين غضبٍ وغضب!!
ثمّة غضبٌ يهتك ستر "إسرائيل"،ويُسقط قُبّتَها الحديديةَ، ويُهشّمُّ غرورَها، ويدفعُ بالغزاة كالفئران إلى المخابئ، وغضب يهتك ستر القيادة الرسمية ويتركهم عراة أمام الفضائيات وأمام الحشود التي اعتادت أن تصفق وتعطي الولاء ولا تبالي.!
في غضبة غزة يتجلى الإصرار والتحدي، وتصبح المقاومة قبلة الأحرار ونشيدهم الذي يجهرون.... أما غضب الفضائيات والتنابز بالمخازي فلن يُكلل الوطن إلا بأكاليل المهانة.
كسر الصمت يجمع اليوم تحت إرادته كل الصاعدين إلى العُلا، فيما يذكرنا الساسة المتنابزون بقوله تعالى: (إذ تبرّاَ الذين اتبِعوا من الذين اتبَعوا ورأوا العذابَ وتقطّعت بهم الأسباب).
كَسْرُ الصمت صياغةٌ جديدةٌ للمعادلة، ورسالةٌ واضحةٌ سيكون لها حضورها الدائمُ في وعي الذين يريدون رسمَ حاضر الأمة ومستقبلها. دمتم بخيرٍ ومقاومة.

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/55721

اقرأ أيضا