/تقارير وتحقيقات/ عرض الخبر

عبد العال لـ"القدس للأنباء": "أوكسجين" هي كرامة و ذاكرة وهوية وحلم

2019/11/11 الساعة 08:37 ص

وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي

أصدر الكاتب والروائي الفلسطيني، مسؤول "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في لبنان، مروان عبد العال، مؤخرا،  روايته "أوكسجين"، التي صدرت عن "دار الفارابي للنشر والتوزيع"، وتتمثل  معظم رواياته في تصوير معاناة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل استعادة حقوقه التاريخية.

وفي هذا السياق، تحدث عبد العال لـ"وكالة القدس للأنباء"، عن روايته قائلا: "الأوكسجين هو إكسير الحياة ، وهو العنصر الوجودي الذي بدونه نتحول الى أثير"، مبينا أن "الرواية تتحدث عن حياة مجموعة من المنفيين في مكان اسمه جنة الحياة، وهو أشبه بمخيم كوني يتعرض لمشكلة نقص في الأوكسجين، وهي حالة تشبيه ترمز الى  فقدان الاحساس بالأمان والحرية، نتوقف عن الحياة ان فقدنا الطريق، والحياة تعني  تفاعل الانسان مع كل الأسئلة التي تتعلق  بالذات وبالآخر وإتجاه شعبه و نفسه"، مضيفا: " لذلك أن نتنفس يعني ان لا  نيأس ونقرر فجأة  ان نرفع الراية البيضاء ، الاوكسجين يعني أن نستمر في الحب ولن نصد  قلوبنا عن الخفقان للوطن ، شرط ان لا نفقد  الطريق الى ارض الوطن ، يجب ان نتمسك بأعمدة السماء حتى لا تسقط الحكاية.. ! وكذلك ، من سينقصه الاوكسجين حُكماً سيغمره الغباء".

وأضاف: "كما نعلم أنه لا مقاومة  بلا المعرفة، كما لا حياة بلا اوكسجين، سيكون الانكسار  مثل الاختناق صمتاً وأهمالاً ويأساً و هذا سيكون بمثابة  هزيمة ومنفى في المنفى"، مؤكدا أنه "من المهم، ولا سيما كفلسطيني،  القول  : انظروا! نحن ايضاً نستطيع ان نتنفس  ونحيا لأننا نبدع و ننتج جمالاً، الاوكسجين بالنسبة لنا  هي كرامة و ذاكرة وهوية وحلم ، حق انساني وطبيعي والحق في الحرية لا يختلف عن الحق في الوطن" .

وأوضح أن "بين "أوكسجين" و"الزعتر الأخير" هنا قاسم مشترك وهو اللاجئ او المخيم كحالة وجودية ترافق قصص الكثيرين وفي كل قصة هناك حياة مختلفة ، فرغم أن الروايتان مختلفتين ، لكن الأيقونة المشتركة هي المخيم، هي تضحية  ناس القاع  وفي سبيل بصيص ضوء او خيط أمل ، هؤلاء الذي يربطهم طموح واحدً ليس أقله الاعتراف بإنسانيتهم  وحقهم في منع الأذى والانكسار والذل، اليأس هو العار  لأنه شكل للهشاشة التاريخية".

 وأشار إلى أن " الزعتر الأخير" هي رواية التمسك بسلاح الذاكرة بكل ألوانها، و "أوكسجين" هي رواية الامل، الذي يتجسد  بالفلسطيني النموذجي الذي يختصر قضية،  دفاعاً عن دلالات أصيلة من الهوية والشخصية والوطنية، مثلاً لم نكن نحب ان نسمى "باللاجئين " وطبعاً لا نتوهم اننا في الوطن، احيانا قاومنا اي وهم وحافظنا حتى  على استقلالية خيالنا،  قد لا يروق لنا ذلك،  تماما كما لم يعجبنا ان  يقال بأننا صنف مميز من الأجانب ، فنحن لسنا منهم ! كنا نحب ان نسمى بالعائدين! ".

وأوضح أنه "يأتي أبطالي من أمكنة مختلفة ويلتقون في صدفة روائية، أجدهم أحيانا أمامي وأحيانا أعثر عليهم بعد بحث طويل ، لكنني بلا شك أتفاجئ بهم ، حيث يقفزون من احداث وتواريخ الى  مخيلتي ، ثم من ذاكرتي الى الرواية، ويكملون قصة كانوا قد بدؤوها في الحياة"، مبينا أنه " أتى بعضهم من تونس ومن فلسطين ولبنان واميركا اللاتينية،  والتقوا كمزيج موروسكي وشامي ومغربي في بيئة واحدة، تصهر بيئاتهم المختلفة هي جنة الحياة".

وأضاف أن "دلالة المكان في تونس  لكشف  الخيط التاريخي  الذي يربطها كفاحياً بفلسطين، لذلك دخلت في تخوم الثورات واشتهاء التغيير الثوري ، ومن داخل عالم  الجدران التي  تحيط  بهذا المكان الافتراضي،  الذي تحوّل الى منظومات الحبس الجماعيّ، أو تقنيات المراقبة الحديثة ، ومع ذلك  لا يمكنها حجب الاوكسجين، وهناك جدران يتخيلها مثل غربة جديدة  تتكثف بالحزن والعزلة والحصار والكبت، أو لجوء جديدة وهجرة أخرى ومخيم مضاف أو معدل بصيغة جديدة ولكنه لم يفصل بينه وبين الوطن قيد شعره".

وبين أن "البطل في الرواية، شخصية واقعية ومتخيّلة وبكثير من الحنين و  بأقل قدر من الأحلام، وطليعية مع الكثير من  الخيبات.  بين الوطن الذي مضى والوطن القادم، يعيش لجوء غريب، إلتهمه سفر اختياري واضطراري ولكنه  استغرق العمر كله؛ و فيها مقاربة بين ثنائيات متخيلة  ومتناقضة بين حياة وأخرى .. بين لاجئ نموذجي، لكن لم يتم استيعابه بعد ، ولجوء  آخر في ظروف سلبية وممنوع من التنفس ! كل هذا وسط اللامبالاة والرفض وقد يكون لكل نموذج نهاية مختلفة ولكن في الحالتين يكون الوطن غربة جديدة .حيث مدينته الخليل وحارة "الشيخ علي البكاء " التي ولد فيها وترعرع وقاتل وأحب واقتلع من هناك.  يتفاعل ابطالها في غربة من نوع خاص ، غربة حداثوية ، يرى من خلالها اشياء كثيرة من تفاصيل الحياة والذكريات الممنوعة  والاحلام المبتورة  التي تمده بأسرار  البقاء والاستمرار  و بالهواء النقي".

وأكد عبد العال أن "لكل بطل  اشارته الخاصة و ظروفه القسرية ومركبات شخصيته وألغازها التي تحدد طريقته  في العيش كونه لا يملك ترف الاختيار ؛ لذلك  نجده يبحث عن وطن  بشكل جرعة الاوكسجين ، تلك الحرية التي يستمدها من الناس الأوفياء و الأذكياء والبسطاء و الأصدقاء الذين يعتبرهم  رفاق الحلم و الطريق‪".

وعن الرواية الفلسطينية قال: "هي رحلة داخل اللاوعي الفلسطيني أو الى تلك الخلفية التي تحرك الحياة الفلسطينية وتشحن الضمير الفردي والجمعي ، وهي مجرد لوحة أخرى تحاول أن تقول الكثير مما لا تقوله الأشياء الأخرى مثل التاريخ أو الفن أو القصيدة ..  وهي نوع  من رد الاعتبار للقصص التي لا تسرد في مكان آخر ولا تتكامل مع بعضها الا في مكان  آخر هو الرواية ..  ونجاحها او عدمه لا يقاس بكمية الجوائز التي تحصدها ، كونها ليست قضية ذاتية او عادية،  بل  محاولة انسانية استثنائية لتقديم أطروحة  "عقلانيّة" ، تبنى على حقائق وامكنة وشخصيات، وتطرح كرسالة  لجمهورٍ عالميٍّ واسع ومتنوعٍ،  يُدمن على السرديّات التي تحتوي  تحت  ظلالها على تلك المعضلات الأخلاقيّة؛ فنحن في مواجهة أعداءٍ لا يمتلكون أيّ حسٍ إنسانيٍّ. لذلك  نجاح الرواية في تمثلها هذه التغريبة الفلسطينية بكل مآسيها وآمالها، ومحاكاتها المستمرة لقضية الضحية ، وبإيقاظ روح الوعي و الحق والمقاومة في مكان آخر ".

وعن سؤاله حول ما اذا كان يخطط لعمل جديد، بين أن "الفكرة تأتي بعد اختمار وبحث طويل وتنضج بعد فترة زمنية…تولد الرواية عندما تتراكم الاشياء داخلي عندها ابعثرها واتأملها قبل أعيد ترتيبها لجمعها ، لحظتها يأتي أوان  كتابة رواية.  البداية  قد لا تكون مسألة عادية . كتابة الرواية  ليست مجرد تخطيط، بل طريقة في الرؤية وفي التفكير".

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/146532

اقرأ أيضا