خاص - وكالة القدس للأنباء
تنتظر شريحة واسعة من سكان قطاع غزة، حلول شهر رمضان لينعموا بخيره، ويبعدهم قليلاً عن حالة الفقر التي يعيشوها طوال العام، حيث تسارع الجمعيات الخيرية، وفاعلي الخير لتقديم المساعدة لفقراء غزة، ولكن هذه المرة أصبح المحتاجون يفضلون العيش تحت نير الفقر على أن تذلهم عدسات الكاميرات.
معظم الجمعيات الخيرية، والمؤسسات المعنية بالمساعدات الإنسانية باتت تركز على التقاط صور الفقراء أثناء تسلمهم المساعدات والطرود الغذائية، لتنشرها بمجرد انتهاء الحدث متباهية بحسن صنيعها، دون الالتفات للأذى النفسي الواقع عليهم.
نشر تلك الجمعيات لصور الفقراء، أثار موجة من الغضب لدى النشطاء الشباب ، حيث تصاعد الجدل حول هذه الظاهرة منذ بداية شهر رمضان، فهم يرون أن ذلك ليس سوى إهانة للفقراء والمحتاجين، مما جعلهم يدعون إلى مقاطعة تلك المؤسسات، فيما نظم عدد آخر حملات على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ضد الظاهرة.
وتعهد النشطاء بفضح أسماء المؤسسات التي تتعمد إهانة الفقراء ونشر صورهم، لأن الأمر يكون على حساب كرامة المواطنين والمستفيدين.
يقول الثلاثيني، محمد عبد الحي إن نشر صور المستفيدين من التبرعات، والطرود الغذائية، والمساعدات الإنسانية، ليست سوى وسيلة للتفاخر الأعمى بأعمال الخير التي من المفترض أن تكون بالخفاء، وتبتعد عن تجريح الناس.
أما الستيني عوني السلّ، والذي يعتمد على هذه المساعدات بشكل كامل، يقول " في كل مرة أرجو موزعي المساعدات عدم تصويرنا، أو التظليل على وجوهنا ولكنهم يرفضون مشترطين الصور مقابل تسليم المساعَدَة".
ويشعر السلّ بكثير من الألم كلما تسلم مساعدة، إلا أنه لا يمكنه رفضها لعدم وجود بديل، سيما وأنه عاطل عن العمل منذ أكثر من عشرة أعوام.
أما المؤسسات والجمعيات الخيرية فتعزو تصويرها لهم إلى رغبة الجهات المانحة وطلبها لذلك، في حين يرى المواطنون أنها حجج واهية وأنه باستطاعتها أن تقنع المانحين بعدم الحاجة لتصوير المستفيدين من المساعدات طالما أنها ذات مصداقية عندهم.
منظمة التعاون الإسلامي بغزة التي تمثل الجمعيات الخيرية، ترى أن من انتقدوا التصوير خرجوا عن حدود النقد الموضوعي، معتبرة أن تصوير تسليم المساعدات لا علاقة له بالثقة أو إثبات أين ذهبت الأموال.
وتقول المنظمة أن عملية جمع التبرعات معقدة وليست سهلة، وتحتاج إلى مادة مصورة مُساعدة، خاصة وأن الأمر ليس مقصورًا على تبرع شخصي من فاعل خير، بل يتعداه إلى التبرعات من الحكومات والمؤسسات.
ولكنها تؤكد في الوقت ذاته أنه لا يجب نشر الصور المذلة والمهينة للمستفيدين، خاصة حين تكون المساعدة عبارة عن طرد غذائي أو وجبة إفطار.
من جهتها، أكدت مديرة الإدارة العامة للتنمية والتخطيط في وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة، اعتماد الطرشاوي، عن وجود توجه لديها لمنع المؤسسات والجمعيات ذات العلاقة بالعمل الخيري، نشر صور الأسر المحتاجة أثناء تقديم المساعدات لها.
وقالت: إن عملية نشر الصور، تمثل إهانة وإذلالاً وهي ممنوعة قانونيًا، "وسنوجه دعوات للجمعيات بعدم نشر الصور، قبل اتخاذ إجراءات فعلية لمنعها".
وأشارت الطرشاوي إلى أن عملية النشر يترتب عليها أذى نفسي ومعنوي لا يجوز التهاون فيه، مضيفة أن الوزارة وضعت خطة مع المؤسسات الخيرية ذات العلاقة، لتجنب الإشكاليات في العمل الخيري بغزة.