كسرت عملية (تل أبيب) البطولية الأربعاء الماضي، صمتاً منح قادة الكيان الصهيوني هدوءاً واطمئناناً، لتؤكد على أن صدى انتفاضة القدس المباركة لا يزال يردد في كافة أرجاء فلسطين، ما عزز من المبدأ النضالي الثوري أن "لا أمن ولا أمان لكم أيها الصهاينة في وطننا في أي وقت, وفي أي مكان".
وقتل 4 صهاينة بينهم ضابط سابق في جيش الاحتلال، وأصيب 18 آخرون، الأربعاء الماضي، في عملية إطلاق نار نفذها الفلسطينيان من قرية يطا قضاء الخليل جنوب الضفة الغربية محمد وخالد مخامرة وهما ابنا عمومة، في شارعين بـ(تل ابيب)
ووفقا للإحصائيات العبرية ان ٤٠٪ من الهجمات خلال هذه الانتفاضة كانت من محافظة الخليل، و ٢٥٪ من محافظة رام الله و البيرة و ١٢٪ من جنين و ٨.٥ ٪ في كل من محافظتي نابلس و بيت لحم و٦٪ من محافظتي طول كرم و قلقيلية.
ودخل المنفذان مطعماً يرتاده عادة ضباط قرب وزارة جيش الاحتلال، وطلبا وجبة للعشاء قبل أن يبدآ إطلاق النار.
وأكد الشيخ خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بأن عملية "تل أبيب البطولية" هي رسالة للمجرم افيغدور ليبرمان أن المقاومة حية والانتفاضة مستمرة.
وأضاف القيادي البطش في تصريح صحفي نشر مؤخراً: "عملية تل أبيب البطولية جاءت لترسل رسالة للجميع بأن شعبنا رغم الحصار والشدة قادرٌ أن يضرب قلب الكيان الصهيوني بعملياته ليعجز قادة الاحتلال وجنده عن مواجهتها".
ويواصل الاحتلال الصهيوني فرض الحصار المشدد على مدينة يطا (قضاء الخليل)، لليوم الخامس في ظل إغلاق الاحتلال كافة مداخل ومخارج المدينة ومنع المواطنين من الدخول والخروج، وسط حملة مداهمات واقتحامات واسعة.
وهدمت جرافات الاحتلال الصهيوني، فجر السبت، منزل منفذ عملية مستوطنة "عتنائيل" الاسير مراد بدر ادعيس، غرب مدينة يطا جنوب الخليل.
سريان الانتفاضة
أستاذ العلوم السياسية أحمد عوض، أكد أن عملية (تل أبيب)، جاءت لتؤكد على سريان انتفاضة القدس، ودحض مزاعم الاحتلال بأن هذه الانتفاضة قد ماتت تماماً، وأن إجراءات التشديد الأمني قد منحت الكيان الصهيوني الأمن المزعوم.
وقال عوض: "الواضح أن الجيل الفلسطيني الجديد يصر على المقاومة، وهو جيل عنيد، ويرفض حياة الذل التي يندرج تحتها عشرات الممارسات العنصرية والقمعية بحق شعبنا، لذا أعتقد أن الانتفاضة لم تمت، بل هي حالة مستمرة باستمرار عمليات الفلسطينية وإن كانت العمليات غير منتظمة أو يومية".
وأوضح, أن الاحتلال الصهيوني لم يتوقف يوماً عن ممارسة سياساته القمعية بحق الفلسطينيين، واستمر في ممارسة عمليات القتل بدم بارد بحق أبناء شعبنا، ومارس المزيد من التضييقات والاعتقالات، الأمر الذي يساهم بشكل كبير في استمرار العمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيين.
ولفت عوض النظر إلى أن تنفيذ هذه العملية في "تل أبيب" حيث العمق الصهيوني، تحمل مدلولات كبيرة، أهمها أن الفلسطينيين قادرون على الوصول إلى أي مكان في الاراضي المحتلة من أجل تنفيذ عملياتهم، وأن كافة الإجراءات الأمنية لن تفلح في وقفهم.
وأضاف: "رغم أنها ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها عملية في (تل أبيب)، إلا أنها العملية الأقسى والأشد خطورة على أمن الاحتلال الصهيوني، وهذا يزيد من فرص واحتمالات تكرار مثل هذه العمليات ضد الصهاينة".
ومن جهة أخرى، رأى عوض أن معظم منفذي العمليات البطولية هم من جيل اتفاقية أوسلو عام 1993، الأمر الذي يفسر رفض الشباب الفلسطيني الصاعد لاستمرار هذه الاتفاقية التي باتت تعد من أبرز معيقات القضية الفلسطينية ومشروع التحرر والتخلص من الاحتلال.
وقال: "لعلها ليست مصادقة أن تأتي هذه العملية في الوقت الذي كثرت فيه المبادرات والجهود الدولية لإعادة إحياء مسار التسوية من جديد بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، لذا اعتقد أن هذه العملية كانت بمثابة الخنجر في خاصرة عملية التسوية".
زيف ليبرمان
أما المحلل السياسي المتخصص في الشأن الصهيوني، وديع أبو نصار، رأى أن عملية (تل أبيب) كشفت زيف وزير جيش الاحتلال افيغدور ليبرمان، وفضحت كذبه في تصريحاته التي كان يطلقها للجمهور الصهيوني قبيل تولي هذا المنصب قبل عدة أسابيع.
وقال أبو نصار: "عملية تل أبيب أصابت ليبرمان بالشلل، وجعلت الصهاينة يعرفون كيف أن هذا الرجل كثير القول وقليل الفعل، وإذا تصرف يتصرف بهمجية ووحشية وغباء، لذا اعتقد أن هذه العملية لها ما بعدها فيما يتعلق بمنصب هذا الرجل".
وأوضح أن الشارع الصهيوني بات على يقين وعلم بأن حكومة نتنياهو لم ولن تستطيع توفير الأمن للمستوطنين في كافة أماكن وجودهم سواء في مستوطنات الضفة الغربية أو العمق الصهيوني، أو الذين يقيمون على حدود قطاع غزة.
وأضاف أبو نصار: "نتيجة العملية كان رد الحكومة الصهيونية هو تنفيذ سياسة عقاب جماعية ضد الفلسطينيين من خلال سحب أكثر من 80 ألف تصريح لدخول الداخل المحتل ومنع الصلاة في المسجد الأقصى وتشديد الإجراءات على الحواجز الامنية المنتشرة في الضفة الغربية، وهذا الفعل إن دل على شيء يدل على سياسة تخبط تتبعها حكومة نتنياهو ضد الفلسطينيين".
وتوقع أن تساهم هذه العملية في إفساد الجهود الفرنسية والعربية لاستئناف مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن الصهاينة باتوا على قناعة أكبر أن استخدام العنف والقتل ضد الفلسطينيين لن يقود إلا إلى قتل المزيد منهم وتنفيذ المزيد من عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار بينهم.
لا حلول سحرية
بدوره المختص في الشأن الصهيوني سفيان ابو زايدة أوضح أن هذه العملية نموذج للعمليات الفردية المتكررة منذ اندلاع " الانتفاضة " قبل ما يزيد عن الثمانية شهور بتخطيط فردي في الغالب دون وقوف اي من التنظيمات وراءها، مستدركا: "لكن الجديد الوحيد الذي حمله الهجوم اسلوب تمويه نجح في اختراق المنظومة الامنية المشددة في هذه المنطقة الحساسة، حيث كانا يرتديان البدلات و ربطات العنق و كأنهما رجلا أعمال وصلا الى المركز التجاري لكي يحصلا على قسط من الراحه و يتناولا قليلا من الطعام بعد يوم عمل شاق".
وبين أبو زايدة أن ليبرمان لا يملك في جعبته أي حلول سحرية، لوقف تلك العلميات، متوقعا اتخاذ المزيد من الاجراءات العقابية ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة.
وشدد على أن هجوم (تل ابيب) هو تذكير لقادة العالم الذين اجتمعوا في باريس قبل ايام وكل ما خرج عنهم أن الواقع على الارض أكثر تعقيدا مما تتخيلون، وكذلك تذكير لنتنياهو أن الهروب من الواقع نحو تحالفات وهمية لن يوفر له الامن و الامان في عقر داره .
المصدر : الاستقلال