وكالة القدس للأنباء - خاص
رغم اتساع البحر وعمقه، يبقى أمامهم صغيراً ومحدود الأفق.. ورغم مساحته كملعب للزوارق، يظل ضنيناً على صيادي أسماك "جل البحر" الذين يجهدون لتوفير قوت رزقهم.
قصة السكان الفلسطينيين في هذا التجمع مع البحر والصيد فيه طويلة، يعود بعضها إلى محاولات التضييق عليهم من خلال سن القوانين الجائرة، أو ملاحقتهم والضغط عليهم وتقطيع شباكهم.
يروي صيادو "تجمع جل البحر" واقعهم الصعب لـ"وكالة القدس للأنباء"، فيؤكدوا أن معاناتهم مع الصيد لا زالت قائمة ولم يطرأ أي جديد بشأنها، رغم المحاولات والاتصالات مع بلدية صور ومع جهات وأطراف فلسطينية ولبنانية عدة، وقالوا:" نحن ممنوعون من الصيد في بعد أكثر من 500 متر، ونواجه ملاحقات اذا تعمقنا في البحر من قبل دوريات البلدية، وقد نتعرض للاعتقال ودفع الغرامات المالية"، ويشير الصيادون أن هذه الحالة سببت لهم أزمة إقتصادية خانقة، حيث لا يوجد بديل لهم، وهناك من هو عاجز لا يستطيع القيام بأي عمل نتيجة وضعه الصحي، لذلك هم يعيشون معاناة كبيرة، حتى وضع شباكهم على الشاطئ، ممنوعون منه، وقد لجأوا إلى الجهات المعنية في منظمة التحرير والسفارة الفلسطينية، وكل المؤسسات لمعالجة هذه المشكلة دون جدوى، لذلك يشعرون بأنهم مهمشون ومغبونون.
ويقول محمد حسن الناصر أحد صيادي الأسماك القاطن في التجمع، ويمارس مهنة الصيد البحري منذ سنوات، أن البحر يعني له الكثير فهو يعتبره الصديق والرفيق والمعيل له في تحصيل رزقه وقوت عياله، ويؤكد أن بلدية صور كانت قد سمحت للصيادين بالصيد على عمق 500 متر من الشاطئ، ولكن صدر قرار من البلدية يقضي بأن يكون الصيادون مجهزون بكل أدوات الصيد من الكومراسير والأوكسجين، وهذا شكل عائقاً لنا كصيادين، لأننا لا نستطيع امتلاك هذه الأدوات بسهولة، معتبراً أن المسافة المسموح بها لهم بالصيد لا تلبي طموحاتهم في تحصيل الكمية المطلوبة من الأسماك، مشيراً إلى أنهم يتعرضون لعوائق كثيرة في هذا المجال، وأصبحوا ممنوعين من الإبحار للصيد نتيجة قرار من البلدية ، ومع ذلك ينزلون إلى البحر خفية ويخاطرون بأنفسهم، وهم معرضون للملاحقة والاعتقال بحال كشفهم، كما أن هناك نوعاً من العوائق التي فرضت علناً وهي تحديد نوع الشباك وسعة قطرها .
تمييز وتضييق وضغط
ورأى الصياد حسن درويش، أن البحر يمنحنا ثروة سمكية كبيرة، ولكن هذه الثروة أحياناً تكون متوفرة بشكل كبير يلبي حاجاتنا وأحياناً لا تلبي لنا مبتغانا، وبالمحصلة في معظم الأحيان البحر غني وله مردود كبير في تغطية احتياجاتنا العائلية .
أما عن العلاقة مع بقية الصيادين اللبنانيين، فقد أجمع كل من محمد حسن، وحسن درويش بأنها علاقة جيدة ولا يوجد هناك أي فتور فيها ، لأننا أصحاب مهنة واحدة، وكلنا نعرف بعضنا بعضاً. أما بالنسبة لعلاقة بلدية صور مع الصيادين الفلسطينيين، فهناك تمييز وتضييق علينا من قبل البلدية، فالصياد اللبناني مسموح له أن يبحر ويصطاد في العمق الذي يريده ويختاره، والصياد الفلسطيني لا يسمح له بتجاوز مسافة الـ500 متر، وأحياناً قد لا يستطيع الوصول إلى هذه المسافة بسبب الضغط والملاحقة من قبل البلدية .
ويصف الصياد مروان درويش حال الصيادين في "تجمع جل البحر" بأنها صعبة للغاية نتيجة التهميش الذي يعيشه التجمع ، وعدم اعتراف "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" والمؤسسات الاجتماعية بهم، ما سبب لهم أوضاعاً مأساوية وعدم القدرة على تأمين أدنى احتياجاتهم اليومية، مشيراً إلى أن معظم الصيادين لا يستطيعون القيام بأي عمل آخر، وقد اعتادو على هذه المهنة.
مساعي الحل مستمرة دون جدوى
ورأى أمين سر اللجنة الشعبية في تجمع جل البحر، حمد درويش، أن واجب اللجنة العمل لإيجاد حل لهذه المشكلة، وتخفيف هذه المعاناة عن أبناء شعبنا في هذا التجمع، وإزالة هذا التهميش وهذا الهم والمعاناة، وتقوم بالتواصل مع بلدية صور ومع بعض الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة، ولكن حتى الآن لم نلق أي تجاوب, مشيراً إلى أنه لا يوجد أي مبرر لمنع الصيادين من ممارسة الصيد وتحصيل أرزاقهم وتأمين قوت عائلاتهم المحتاجة والبسيطة.
وأكد حمد أنه "لا يوجد أي خطة لدينا لمواجهة هذه الأزمة التي نعيشها والتي يتعرض لها الصيادون، إلا بالتحرك الشامل من قبل كل القوى الفاعلة في المنطقة للضغط على البلدية، والغاء القرارات الصادرة والقرارات التي تصدر بين الحين والآخر بشأن هؤالاء الفقراء"، مطالباً كل "المعنيين بقضايا اللاجئين أن يقوموا بدورهم تجاه قضية سكان تجمع جل البحر لأنهم حقيقة يعانون معاناة شديدة".