وكالة القدس للأنباء - خاص
تأثر برسام الكاريكاتير ناجي العلي، وبالمضمون الاجتماعي والإنساني والسياسي الذي كانت تعبر عنها رسوماته، فأصرَ على استكمال مسيرته أسلوباً ونهجاً.
عاش زواريب المخيم، فأدرك حجم معاناة شعبه الفلسطيني، أزقة ضيقة، حياة صعبة، بطالة، فكانت مجلته "زواريب" تعبيراً عن صوته وصورته، لكن ذلك لم يخف عنه ملامح الإبداع في المخيم، فمنحها زاوية من اهتمامه.
إنه رسام الكاريكاتير ماهر الحاج، إبن بلدة ترشيحا المحتلة، والذي يعيش حالياً في مخيم برج البراجنة، وقد فتح قلبه لـ"وكالة القدس للأنباء"، شارحاً تفاصيل رحلته مع الإبداع، فعند خروجه وعائلته من دولة الإمارات العربية المتحدة في التسعينيات من القرن الماضي، حيث ولد ، إلى مخيم برج البراجنة، بدأ الحاج يكتشف أموراً جديدة في حياته ، لم تكن في مخيلته، فاستقراره في المخيم واختلاطه بأهله ، جعلته يلمس الحقائق واحدة تلوى الأخرى"، وقال:" بدأت تظهر لي المعاناة في زواريب المخيم، فاكتشفت أشياء جديدة، صرت أعرف ماذا تعني كلمة لاجئ، شو يعني قضية، وإن فلسطين مغتصبة من قبل الصهاينة، وكيف بلدنا ضاعت، من الذي تآمر عليها، فصار الموضوع عندي مش بس مجرد رسم، صرت أعبر عن هذا الوجع بالرسومات الكاريكاتيرية، صرت أقرأ كتب عن تاريخ فلسطين، وعن الفنانين المبدعين ، لأن الفنان لازم يكون عنده نوع من الثقافة لأنه إذا لم يكن مثقفاً لن يبدع. "
البدايات والتأثر بحنظلة
عن بدايات علاقته بالكاريكاتير قال الحاج لـ"وكالة القدس للأنباء" :"بدأت علاقتي بالرسم الكريكاتيري منذ الطفولة، تأثرت برسم الشخصيات الكرتونية التي كنت أشاهدها على التلفاز، ثم تعرفت على فن الكريكاتير من خلال المطالعة وقراءة الجرائد ومشاهدة الرسوم الكريكاتيرية، وبمحض الصدفة، وذات يوم دخل والدي المنزل يحمل جريدة بيده، قرأتها حتى وصلت إلى الصفحة الكريكاتيرية، وكانت الرسمة لبيير صادق، فلفت نظري الرسمة الكاريكاتيرية التي كانت تعبر عن موضوع كنت سامعه بالأخبار، فحبيت هذا الفن وحسيت أنه نوع من انتقاد الحالة والحدث الذي شاهدته، وأنا بطبيعتي بحب النقد فحبيت طريقة التعبير وشعرت هالفن ملكني، وممكن من خلاله أن أعبر عن أي شيء متل ما بدي، فصرت أرسم الأحداث والمواضيع المحيطة بي، رسمت مثلاً الخضرجي الذي يرفع الأسعار، والمواطن الذي يلقي النفايات بلا شعور بالمسؤولية ".
أضاف:"لم أتعلم فن الرسم في معهد، لأن والدي كان يرفض رفضاً نهائياً بأن أتخصص في فن الرسم الكاريكاتيري، ولم أكن أعرف السبب، ولكن عندما اطلعت على رسومات الرسام ناجي العلي الكاريكاتيرية وقرأت سيرته الذاتية، وما حملته رسوماته من معاناة، وهو كان يرسم بحق ضمير الثورة الفلسطينية ونبض الشارع، ويدافع عن الفقراء، والبوصلة دائماً عنده فلسطين وممنوع تكون منقوصة التراب فتأثرت بشخصية "حنظلة" وصرت أرسم رسماته، كنت أرغب برؤية الفنان ناجي العلي ولكن عندما علمت أنه استشهد في لندن، أدركت حجم خسارة الفن الكريكاتيري الفلسطيني لهذا الفنان العظيم، فكان لا بد من إكمال مسيرته بالرسم الكاريكاتيري كون الرسامين الكاريكاتيريين الفلسطينيين في لبنان قلَة، فاجتهدت بأن أترك بصمة للشهيد ناجي في رسوماتي ."
مجلة "زواريب" والقضايا التي تبنتها
وأوضح الحاج، أن"مجلة زواريب" في المخيم كاريكاتيرية لا تنتقد الوضع في المخيمات فقط ، ولكنها تلقي الضوء على المواهب بالمخيمات باسلوب جديد، اتبعت فيها أسلوباً جديداً وبحكم خبرتي بالكرفكس كانت فكرة زواريب في المخيم، وهي مختارة من الواقع، إنها عبارة عن مجلة كاريكاتير كومكس وكرتون جمعت فيها كذا نوع من الفنون، انتقد من خلالها المواضيع الاجتماعية وبنفس الوقت أسلط الضوء على المواهب الفلسطينية، وخلال تحضيراتي للمجلة تعرفت على أناس كثيرين شفت أنه المخيم مش بؤرة فساد وفيه مسلحين و فلتان أمني، المخيم طلع منه غسان كنفاني وناجي العلي ومبدعين مهمشين بعد فيه ناس كثر مثلهم ولكن مهمشين، إننا نحاول أن ننمي الحس والوعي الفكري لدى الطفل الفلسطيني، والمجلة منوعة من التراث الفلسطيني وجغرافية فلسطين ومناخها وتاريخها".
وقال:"تعذبت كتيراً حتى انجزت المجلة، فكنت امشي في زواريب المخيم وأعمل مقابلات مع العالم وأصور لحتى أنقل الصورة متل ما هي، وكنت حابب أن تدخل المجلة على كل بيت فلسطيني بالمخيمات، لأن مواضيعها لكل فلسطين ولا تنتمي لأي طرف سياسي أو حزبي".
ولفت الحاج أنه التقى رئيسة جمعية "الفوروم" النروجية مدام صوفي رودن ، واطلعها على تفاصيل العمل، فأسفت لعدم دعم الفنانين الفلسطينيين وقالت :"نحن في النروج ندعم الفاشل كي يصل إلى قمة النجاح فكيف لو كان لدينا رسام كاريكاتيري مثلك".
التأثر بشخصية أبو حسين
وأكد أنه تأثر بشخصية حنظلة، والتي تعتبر أيقونة فلسطين، هذا الطفل الفلسطيني الذي خرج من الشقاء والمعاناة في الشتات، وللرسام بهاء البخاري شخصية أبو العبد وأم العبد تعبر عن معاناة الداخل الفلسطيني، أيضاً لأن بهاء البخاري كان عايش في فلسطين، وقال:" فكرت برسم شخصية تعبر عن الشتات فرسمت شخصية فدائي، وجفرة الطفلة الفلسطينية، ثم فكرت برسم شخصية الختيار الفلسطيني التي تمثلني في الشتات، لفت نظري شخصية كبيرة بالعمر أبو حسين كان أسيراً محرراً من عداد المفقودين فلفت نظري لباسه الفلسطيني الحطة والعقال والعكازالفلسطيني، لمست فيه نوعاً من الإصرار في مواجهة العدو الصهيوني".
ورأى أن "أبو حسين لم يكن من نسج الخيال بل هو شخصية حقيقية تعيش بيننا في المخيم، وجدت بملامحه مناضلاً صلباً رغم كل الظروف، متمسك بحق العودة، تتمتع بالحكمة وحلم العودة، لم أرغب بابتكار شخصية صغيرة في السن لكثرة استخدامها لدى رسامي الكاريكاتير، فابتكرت هذه الشخصية لأنها تحمل الوجع والهوية الفلسطينية، عيونها دافئة تحمل الحنان والإشتياق للعودة إلى ربوع الوطن".
وتابع:" لي الشرف أن أوثق "زواريب" تلفزيونياً، فالمجلة هي الأولى كريكاتيرياً على الصعيد الفلسطيني في الشتات، وأنا بعمل كل شي بإيدي، أنا اللي برسم واللي بلون وبكتب المواضيع، وكان هدفي الأساسي من المجلة فتح مركز يجمع المبدعين من الشباب الفلسطيني ان كان كتاب سيناريو، رسامين، عاملين بالغرفكس ديزين ناس تشتغل بالسوشل ميديا ولكن للأسف الامكانية المادية هي العائق الأساسي، وأنا أقبل الدعم لهذه المجلة ولكن بدون شروط، لأنها تمثل مشروعاً وطنياً فلسطينياً."