في الثالث عشر من ايلول الجاري (2015) مرت الذكرى الثانية والعشرين للتوقيع على اتفاق "اوسلو" الذي شكل منعطفا تاريخيا خطيراً في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي" لكونه قدم للعدو الصهيوني اول اعترف فلسطيني رسمي بالكيان العدواني الذي اقيم فوق 80 بالمئة من ارض فلسطين، في 15 ايار 1948.
وشكلت هذه المحطة نهاية منطقية للمسار السياسي الذي سارت عليه قيادة "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي انتقلت في العام 1974 بالهدف الفلسطيني من تحرير كل فلسطين، الى اقامة "السلطة الفلسطينية"، على "اي جزء يتم تحريره من الارض الفلسطينية المحتلة عام 67"، من خلال تبني البرنامج المرحلي أو ما سمي حينها ببرنامج "النقاط العشر"...
وعلى وهم "اقامة الدولة"، على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس، واستعادة "الحقوق الوطنية المشروعة"، التي يتقدمها عودة اللاجئين الى ديارهم وتحرير الاسرى والمعتقلين، سارت المفاوضات "الفلسطينية" – "الإسرائيلية" منتقلة من عاصمة الى اخرى، وكانت سمتها الرئيسية تراجع متدحرج من قبل الطرف الفلسطيني المفاوض، مقابل ثبات الموقف "الإسرائيلي" على اهدافه التي زادها بنيامين نتنياهو نقطة تتعلق بضرورة اعتراف المفاوض الفلسطيني بإسرائيل "دولة يهودية"...
وكان واضحا، منذ انطلاق مؤتمر مدريد في العام 1991 ان هدف المفاوضات المباشر كما حدده رئيس حكومة العـــــــدو الصهيوني، إســــحق شامير "هو التوقيع على معاهدات سلام بين "إسرائيل" وجاراتها، والتوصل إلى اتفاق على ترتيبات مرحلية للحكم الذاتي مع العرب والفلسطينيين".، وتوجَّه إلى المؤتمرين بالقول: "إننا نناشدكم شطب ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الذي يدعو إلى القضاء على إسرائيل". (30/10/ 1991)
ومنذ ذلك الوقت ظل المفاوض "الاسرائيلي" الذي يستند الى الدعم الامريكي الغربي الثابت واللا محدود، وطوال 22 عاماً من المراوغة، متمسكا بسلة من الاهداف أبرزها:
- عدم الانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وعدم العودة الى حدود الرابع من حزيران.
- ضرورة الاعتراف بوجود المستوطنات "الاسرائيلية" المنتشرة في الضفة المحتلة... واستمرار المخطط الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
- رفض مطلق لاعادة تقسيم القدس باعتبارها "العاصمة الابدية" لكيان العدو الصهيوني...
- رفض مطلق لعودة اللاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم من خلال مشاريع التوطين في البلدان التي يقيمون فيها والتهجير الى المنافي البعيدة عن الحدود الفلسطينية.
بعد 22 عاما من المفاضوات اعترفت القيادة "الفلسطينية" بعبثية المفاوضات التي اعطت العدو الصهيوني الوقت اللازم لتكريس وجوده في الضفة المحتلة وتعزيز مخططاته التهويدية في طول فلسطين وعرضهان وفي القلب منها القدس التي تتعرض لأوسع واكبر عملية تهويد تنطلق من المسجد الأقصى لتطال كافة احيائها وحاراتها ومقابرها في عمل ممنهج لتقليص الوجود العربي الفلسطيني وتكبير حجم الصهاينة.
بعد 22 عاما من الركض وراء السراب... لا الدولة الفلسطينية اقيمت... ولا الاحتلال الصهيوني قد انحسر وانتهى... ولا المستوطنات قد ازيلت، وهي في ازدياد مطرد... ولا القدس عادت وهي تواجه مخططات التهويد وحيدة بلحم ودم ابنائها البواسل... ولا اللاجئون حزموا امتعتهم وسلكوا دروب العودة الى ارض الاباء والاجداد... ولا الاسرى تحرروا بل تضاعفت اعدادهم مئات المرات...
بعد 22 عاما من المفاوضات اكتشف البعض عبثيتها... لكن بدل التراجع عن المسار الخائب الذي الحق الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، تراه مصر على رفض نهج المقاومة وملاحقة وتعقب المقاومين والمجاهدين، ومواصلة نهجه العبثي الذي فتح ابواب العديد من الدول العربية والأجنبية التي كانت ملتزمة دعم القضية الفلسطينية وتأييد كفاح شعبها أمام توغل العدو الصهيوني والتطبيع معه...
فـ إلى أين ستقود المفاوضات في حلقاتها الجديدة؟