يحيي الفلسطينيون في فلسطين المحتلة واماكن اللجوء هذه الأيام الذكرى ال 67 للنكبة. يفتحون ملفات الماضي بما فيه من مآسٍ ومجازر ارتكبها العدو الصهيوني وتهجير، وما يحتويه من صفحات مواجهة ومقاومة مشرفة للمشروع الإستعماري الصهيوني الغربي الذي لم يستهدف فلسطين لذاتها وإنما ليكون الكيان الصهيوني خنجرا ساما في جسد الأمة العربية من محيطها الى الخليج تحول دون استقلاله ووحدته وتطوره... ويؤكد الفلسطينيون في هذه المناسبة إصرارهم على رفض كل أشكال التوطين والتهجير والتسويات، وتمسكهم بمقاومتهم وبحق العودة إلى ارض الآباء والأجداد...
ولا شك أن الذكرى هذا العام كما الأعوام الاربعة السابقة، تمر في ظروف صعبة ومعقدة جراء حالة التدهور والإضطراب والفوضى التي تعم معظم أرجاء الوطن العربي، ما ساهم في تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وتحولها الى عنوان فرعي هامشي في "الأجندة" العربية الرسمية، من جهة، وانعكس سلباً على الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا تدميراً للمخيمات وتهجيراً لعشرات آلاف اللاجئين الذين "هجروا" إلى المنافي البعيدة، من جهة أخرى...
وفي هذه الذكرى تبقى العيون شاخصة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، عامة، و"عين الحلوة" خاصة... في ظل حالة من السباق غير المعلن بين التهدئة والتوتير، وبين الأمن والإستقرار الذي تنشده الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين وفصائلهم وحركاتهم على تمايزها السياسي والفكري، وبين قلة محدودة في إحدى زوايا مخيم "عين الحلوة"...
ولا شك أن موقف الإجماع الفلسطيني الذي ينشد الأمن والإستقرار والهدوء للمخيمات والجوار، وحالة التنسيق الدائم بين الجهات الفلسطينية واللبنانية على اختلاف مستوياتها انعكس ارتياحاً في الأوساط اللبنانية والفلسطينية على حد سواء، ساهم في محاصرة ردود الفعل السلبية على بعض الإختراقات الأمنية التي شهدها مخيم "عين الحلوة"...
إلا أن بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية تصر على النفخ في نار التحريض والفتنة، من خلال "نبش" صفحات من الماضي عفا عليها الزمن، وتجاوزتها التطورات والأحداث والمواقف المعلنة، وغطتها العلاقات الطيبة القائمة بين المخيمات ومحيطها.
فهذه المواقع الصفراء كالكثير من وسائل إعلام هذا الزمن تتقن فنون التحريض والدس والتعبئة العنصرية والطائفية والمذهبية، إلى جانب نشر كل أشكال الفساد والإفساد، ولا تخفي ارتباطاتها وتبعيتها للممولين الذين يبدأون بجيفري فيلتمان (السفير الأمريكي السابق في لبنان) ولا ينتهون ببعض المؤسسات والهيئات الدولية التي تغدق الهبات و"التبرعات" وأشكال التمويل المختلفة على وسائل إعلام وجمعيات بعينها.
إن المخيمات الفلسطينية تصر اليوم أكثر من أي وقت مضى على سياسة النأي بالنفس في الصراعات الدائرة في غير بلد عربي عامة ولبنان خاصة، وتدعو للحلول السياسية بين أبناء البلد الواحد، تؤكد ان أمنها واستقرارها جزء لا يتجزأ من الأمن الوطني اللبناني، وأن بوصلتها دائما وابدا متجهة الى فلسطين، ارض الآباء والأجداد...
وان الفلسطينيين مصرون على حماية أمن واستقرار مخيماتهم والجوار، والوقوف بوجه كل من يحاول الخروج على هذا الإجماع الوطني والإسلامي الفلسطيني... وبالتالي فإنهم يدعون وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية لالتزام الدقة والموضوعية عند تناول اوضاع المخيمات، وتوخي الحذر من نشر الشائعات التي قد تشعل نارا نحن في غنى عنها، خاصة وأن لهيبها لا يميز بين لبناني وفلسطيني، ولن يستفغيد منها سوى أعداء فلسطين ولبنان، وبالتالي إفساح المجال للمعالجات الهادئة البعيدة عن الأضواء التي تقوم بها وتدير دفتها الهيئات المسؤولة الفلسطينية واللبنانية.