بات واضحا بعد عملية الإغتيال الخامسة التي تمت في مخيم "عين الحلوة" مساء الأحد الفائت واستهدفت كسابقاتها أشخاصاً محسوبين على تيار "سرايا المقاومة"، أن ثمة جهات أو مجموعات أو افراد مصرون على توتير الأجواء داخل أكبر المخيمات الفلسطينية ومع الجوار...
وهذا المسلسل الخطير والمشبوه وضع مخيم "عين الحلوة" أمام واحد من خيارين: التفجير الذي تعمل وتسعى له تلك المجموعات المشبوهة، المرتبطة بعلاقات مع جهات إقليمية وقوى سياسية محسوبة عليها، وخيار الاستقرار والتهدئة والأمن للمخيمات الفلسطينية والجوار الذي تجمع عليه الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني ومعظم تشكيلات الطيف السياسي، من منظمة التحرير إلى التحالف الوطني إلى القوى الإسلامية المجتمعة بـ "اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا"...
ومما لاشك فيه فإن الأغلبية الشعبية والفصائلية الفلسطينية، ومعها الجهة المستهدفة، ما تزال على إصرارها في منع أخذ المخيم والجوار إلى زواريب الفتنة ومستنقعات الإقتتال، وتعمل ما بوسعها لإحباط مخططات "خفافيش الظلام" الذين يضمرون الشر لأبناء المخيم قبل أي جهة أو مجموعة أخرى... فالنيران التي يحاولون إشعالها في المخيم تطال أولا وآخراً الفلسطينيين أنفسهم وتضعهم أمام مشهد "نهر البارد" بالأمس و"اليرموك" اليوم!.. فأي مصلحة وطنية سيجنيها الفلسطينيون من وراء مسلسل الإغتيالات والتصفيات التي تجري في "عين الحلوة"؟.. ولمصلحة من يتم استدراج المخيم إلى الفتنة والإقتتال الداخلي أو مع الجوار؟
إن محاولات ضرب الإستقرار الأمني تستدعي بالضرورة إعادة النظر بطبيعة عمل "اللجنة الأمنية العليا" وبمخطط الانتشار والتحرك الميداني لـ"لقوة الأمنية المشتركة"، بما يكفل وقف الإختراقات الأمنية من جهة، والتعامل بجدية قصوى مع العناصر التي تقف وراء مسلسل الإغتيال والتوتير وجر المخيم إلى بؤرة الفتنة والإقتتال.
وهذا الأمر شددت عليه معظم الصحف والمواقع الإلكترونية التي تناولت المستجدات السياسية والأمنية في أحداث مخيم عين الحلوة.
فقد دعت "الديار" "القوى الفاعلة داخل المخيم التحرك سريعاً"، لمواجهة ما يخطط لعين الحلوة ولفتت "إلى أن هناك على ما يبدو من هو غير مدرك لخطورة ما يجري، حيث تسعى جهات كبرى إلى اللعب على الوتر الفلسطيني من أجل تفجير الأوضاع في عاصمة الجنوب".
وفي جانب متصل تشير "الديار"، الى انه "لا يبدو أن الجهات المستهدفة لديها رغبة في توتير الأوضاع... (وأنها) تاركة الموضوع عند المسؤولين الفلسطينيين ليقوموا بواجبهم، لا سيما أن تداعيات أي خطوة غير محسوبة النتائج ستكون خطيرة جداً..."، وبالتالي "ينبغي أن يكون هناك معالجة سريعة لهذا الوضع الخطير قبل انفلات الأمور على نحو لا تحمد عواقبه."
ومن جهتها تحذر "النهار" "من ان يكون تراكم الاحداث المماثلة في "عين الحلوة" محاولة استجرار متعمد لشتات الساحة الفلسطينية في لبنان الى اتون المواجهات الاقليمية المشتعلة عندما يأتي أمر العمليات لذلك".
في المقابل تشير "اللواء" الى أن "القوى الفلسطينية وبالتنسيق مع الجهات السياسية والأمنية اللبنانية تبذل كل ما في وسعها لتفويت الفرصة على توتير الأوضاع داخل المخيّمات، أو ضربها مع الجوار خاصة في ظل تكشّف العديد من مشاريع التفجير، التي تم النجاح حتى الآن في وأدها"...
وتضيف "اللواء" ان "محاولات التوتير لا تستهدف فقط مخيّم عين الحلوة، بل يسعى من خلالها إلى زج مخيّمات وتجمّعات فلسطينية في أكثر من مكان تحت عناوين متعدّدة، منها توقيفات أو بلاغات ومذكّرات بإزالة مساكن، ما يؤدي إلى تهيئة أجواء متشنّجة تساهم بتحقيق المبتغى التوتيري"!..
وفي سياق التنسيق الدائم نقلت وسائل الإعلام بعض ما جاء في اللقاء الذي عقد في ثكنة الجيش في صيدا بين رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور، ووفد «الفصائل والقوى الفلسطينية والإسلامية». حيث حذر العميد من استمرار عمليات الإغتيال والتخريب الأمني، مؤكدا على أن الوضع الأمني في باقي المخيمات ممسوك من قبل الفصائل الفلسطينية... باستثناء عين الحلوة. وحذر شحرور من «التمادي في الاغتيالات لأنه قد يستجلب الفتنة!..
وفي سياق المساعي الجادة والبحث في مخارج للوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، تتواصل اللقاءات التي يجريها وفد "السلطة الفلسطينية" برئاسة عزام الأحمد على الجانبين اللبناني والفلسطيني. كما سجل خلال الساعات القليلة الماضية وصول عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى ابو مرزوق الى بيروت، ما قد يعطي زخما للإتصالات والمشاورات التي تجري على الصعيدين اللبناني والفلسطيني.