يبدو أن أجواء عين الحلوة هذه الأيام لا تعكرها سوى إشكالات محدودة، قابلة للعلاج والحل كقطع طريق هنا أو إغلاق مكتب هناك، أو أطلاق نار عشوائي، أو تحرك ذات طابع مطلبي يحصل مثله في اي مدينة أو قرية لبنانية... اما الحدث الأبرز الذي حصل في المخيم وشكل حالة تستدعي المتابعة الأمنية والسياسية على حد سواء، فهي عملية اغتيال الكادر الفتحاوي خالد مصطفى رحال الذي وجد جثة هامدة بعد عشرين يوماً من اختفائه. وهذا الأمر يستدعي متابعة أمنية وسياسية من قبل لجنة المتابعة الأمنية العليا، في سعي حثيث منها لكشف الملابسات التي تحيط بالجريمة، واليد الآثمة التي استهدفت الضحية.
ولا شك ان هذا الهدوء النسبي الذي يسود عين الحلوة وبقية المخيمات الفلسطينية، هو بشكل اساسي نتيجة السياسة المعتمدة من قبل لجنة المتابعة الأمنية العليا التي تضم كافة الأطياف الفلسطينية من قوى وطنية وإسلامية، ومتابعتها اليومية وإجراءاتها التي تعكس توجه الفصائل وسياسة الحياد الإيجابي التي تتبعها بشأن الخلافات اللبنانية الداخلية، وعدم السماح بزج المخيمات في اي اشكال لبناني داخلي بما يحفظ أمن واستقرار المخيمات والجوار...
ولقد عزز هذا الاستقرار الأمني الذي عكس نفسه تهدئة وانخفاضاً في مستوى المتابعة الصحفية اليومية، أجواء الحوار الجاري في الساحة اللبنانية بين عدد من القوى السياسية الرئيسية على خطي الثامن والرابع عشر من آذار: "حزب الله - المستقبل" و"التيار الوطني الحر - والقوات اللبنانية"... والتي توافقت على تهدئة الساحة اللبنانية قولاً بانخفاض سقف الخطاب السياسي والتصريحات اليومية، وعمليا بازالة كافة المظاهر الحزبية من اعلام وصور وشعارات من الشوارع في المدن الرئيسية: بيروت، طرابلس وصيدا.
إن هذه الأجواء تستوجب من اللجنة الأمنية العليا والمعنيين السياسيين والأمنيين في المخيمات كافة السهر على دعم هذا الإستقرار وتحصينه بالتنسيق السياسي والأمني مع المراجع والمسؤسسات اللبنانية، وتحصينه بإجراءات ومتابعات يومية للملفات العالقة كإطلاق النار العشوائي في الهواء... وموضوع المخدرات الذي يشكل آفة إجتماعية مخيفة ومرعبة تهدد الأجيال الفلسطينية الصاعدة. وهو ما يستدعي ملاحقة واعتقال المروجين وتسليمهم للسلطات اللبنانية، ومعالجة المتورطين.
وقد عكست صحيفة "السفير" في مقال لمراسلها في صيدا محمد صالح بعنوان: "حرص على استقرار عين الحلوة"، أجواء اللقاء الذي عقدته اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا مع النائب بهية الحريري وغيرها من المرجعيات الصيداوية.
ونقلت الصحيفة عن النائب الحريري قولها "أن التواصل مع مخيمات صيدا هو أكثر من ضرورة لأنها جزء لا يتجزأ من هذه المدينة، مجددة الحرص على أن يبقى الوضع الأمني في المخيمات، ولا سيما عين الحلوة مستقرا لما يشكل ذلك من تثبيت للاستقرار في صيدا ودعم لاستقرار لبنان ككل".
وأعربت الحريري عن ثقتها "بوعي القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية في المخيم لخطورة ودقة المرحلة التي نعيشها في لبنان والمنطقة بما يجعلهم أكثر حرصا على عدم السماح باستخدام ساحتهم ممرا أو منطلقا لأي عمل يضر بلبنان وأمنه".
كما أكدت على دعم القضايا الحياتية والإنسانية التي تشكل إلى جانب الاستقرار الأمني أولوية بالنسبة لأبناء المخيمات، مشددة على ضرورة التواصل والتنسيق بين الأطر الفلسطينية الجامعة لكل الأفرقاء وبين السلطات اللبنانية الرسمية والأمنية والعسكرية، بما يصب في مصلحة تعزيز حالة الاستقرار في المخيم وجواره اللبناني.
وفي سياق مختلف، أكدّت "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" في بيان أصدرته عقب انتهاء زيارة وفدها الذي ضم أمين عام الحركة رمضان عبدالله شلح ونائبه زياد نخالة، "أنه من منطلق حرص الحركة على تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني والحفاظ على مصالحه، قام الوفد بإجراء العديد من الاتصالات واللقاءات أسفرت عن تأكيد حركة "حماس" وحرصها على ضبط الحدود مع مصر، بما يمنع أي اختراق أو مساس بالأمن المصري".
ونقل البيان عن المسؤولين المصريين، حرصهم على مصالح الشعب الفلسطيني وتفهمهم لحاجاته ومعاناته، وعزمهم على تقديم التسهيلات والإجراءات اللازمة لذلك خلال الفترة القادمة.
في موازاة ذلك، أعلن مكتب هنية أنه تلقى اتصالاً هاتفياً، هو الثاني في غضون اليومين الأخيرين، من الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" رمضان شلح وأطلعه على جهود وفد حركته في القاهرة.
وقال بيان صادر عن مكتب هنية إن شلح تحدث في اللقاء عن نتائج لقاءاته مع القيادة المصرية التي وصفها بالإيجابية والمثمرة، وأنها أدت إلى فتح معبر رفح ليومين هذا الأسبوع. وذكر البيان أن شلح توقع نتائج أخرى مستقبلية للزيارة، فيما ثمّن هنية هذه الجهود، مؤكداً على أهمية استمرار الجهود لتنقية الأجواء، وفق ما ذكر البيان.