على أنقاض بيت مدمر، تطهو فلسطينية الطعام على نار الحطب، وتغسل الصحون بماء قليل، وتحتمي بين الزوايا المهدمة، ولا تجد كسرة خبز تقتات هي وعائلتها بها، هذه بعض من معاناة الفلسطينيين، ومنها معاناة المرأة، بعد العدوان الأخير على قطاع غزة.
فلسطينيات مناضلات
هذه المآسي والمعاناة زادت من عزم نسائنا وتمسكهن بالله وبأرض فلسطين، فلا يمكن أن ينسى التاريخ، "أم رضوان الشيخ خليل" التي سجلت نموذجاً في التضحية والفداء، فقدمت أبناءها الأربعة شهداء، لتبرهن بدماء أبنائها، أن دماءنا وأرواحنا وكل ما نملك، يرخص في سبيل الله وفلسطين.
وقدمت الأسيرة الفلسطينية عطاف عليان، التي اعتقلت عام 1987، بعد محاولتها تنفيذ عملية استشهادية، في مبنى للحكومة الصهيونية بالقدس، نموذجاً فدائياً رائعاً. فهي رائدة العمل الاستشهادي في فلسطين، وإحدى القيادات النسائية في حركة "الجهاد الإسلامي".
ولا ننسى شادية أبو غزالة أول شهيدة فلسطينية، التي استشهدت أثناء إعدادها لقنبلة في تشرين ثاني 1968، وفاطمة برناوي أول مناضلة فلسطينية اعتقلت في تشرين ثاني 1967، بعد وضعها قنبلة في "سينما" صهيوني بالقدس، وحكم عليها بالسجن مدى الحياة.
وفي هذا السياق، واستمراراً لنهج المقاومة والنضال، نشهد استمراراً في العمليات البطولية المتنوعة، ومنها: عمليات دهس مستوطنين على يد شباننا الفلسطينيين الأبطال، وهذه الأعمال البطولية نابعة من تربية النساء الفلسطينيات لأبنائهن، على حب الوطن والتمسك به والدفاع عنه.
وتتجلى معاناة المرأة الفلسطينية أيضاً، سواء في الداخل الفلسطيني، أو في الأراضي المحتلة سنة 1948، أو في المنفى، إذ تحمل المرأة في الداخل الفلسطيني مسؤولية العائلة في ظل غياب المعيل قسراً، وفي ظل ظروف اقتصادية قاسية، وبسبب ممارسات الاحتلال "الإسرائيلي". وهي ظروف لم تؤثر على المرأة من الناحية الاقتصادية فقط، بل حرمت عدداً كبيراً من الفتيات والنساء من فرص التعلم والعمل ورؤية أقاربهن وعائلاتهن.
أسيرات فلسطينيات
وتعاني الأسيرات الفلسطينيات في معتقلات الاحتلال من التنكيل والاعتقال التعسفي. وفي تقرير فلسطيني صادر في 7/3/2015، وصلت حالات اعتقال النساء في السجون منذ بدأ الاحتلال، ما يقارب 15 ألف امرأة، شملت الأمهات والزوجات والقاصرات، وسط تعرض لشتى أنواع القمع والتعذيب والإهانات والإهمال الطبي.
وتقبع 20 أسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال "الإسرائيلي" منذ سنوات، أقدمهن الأسيرة الفلسطينية لينا جربوني، والتي تقضي 13 عاماً في السجن.
وترفض سلطات الاحتلال السماح لسبع أسيرات، بلقاء أزواجهن أو أقاربهن القابعين في السجون، لتضييق الخناق عليهم.
الفلسطينية المبدعة
ولا شك أن معاناة الفلسطينيات تعد حافزاً قوياً لهن، للنهوض على درب الإبداع والنجاح، فحصدت الفلسطينية إقبال الأسعد رقمين قياسيين عالميين، الأول عندما نالت أصغر طالبة جامعية، في الثالثة عشرة من عمرها. والثاني، عندما تخرجت من كلية الطب، عن عمر يناهز العشرين عاماً، لتدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، كأصغر طبيبة في العالم.
وتصدرت الفتاة فرح أبو بكر من مخيم الشاطئ بغزة، قائمة أكثر الأشخاص تأثيراً للعام 2014، وفق تصنيف لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية الشهيرة، لتوثيقها يوميات الحرب على قطاع غزة، على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، بـ140 حرفاً.
وجسدت رسومات الفنانة التشكيلية الفلسطينية خالدة جرار، بإبداع ريشتها تراث الشعب الفلسطيني وواقع معاناته، على مدى أكثر من ستين عاماً
ووصل الإبداع الفلسطيني إلى الفضاء، حيث تشرف الفلسطينية سها القيشاوي من ناسا مباشرةً على إيصال روّاد الفضاء إلى المريخ.
وفي الختام، إن النساء الفلسطينيات تغنى بهن الشعراء، وسطر التاريخ لهن صفحات من العطاء على مر العصور، فكانت ولا زالت حارسة للمنزل والوطن، ومصنع الرجال، حتى أصبحت رائدة وطليعية ومناضلة واستشهادية، وهي الأسيرة في الوطن المحتل، والمتعلمة في أودية الجهل. فألف تحية لكل مرأة فلسطينية في "اليوم العالمي للمرأة".