/مقالات/ عرض الخبر

جاء رد المقاومة.. فصرخت إسرائيل ألما وصمتت.. كتب: أمين حطيط

2015/01/29 الساعة 10:42 ص

تميزت المقاومة الإسلامية خلال تاريخها الحافل بالإنجازات، تميزت بحرفيتها وارتقائها التصاعدي في مسار اكتساب الخبرات وتراكمها، وامتلاك القدرات وتطويرها، الأمر الذي مكنها من تحقيق إنجاز التحرير في العام 2000، ومنع عدوان إسرائيل في العام 2006 من تحقيق أهدافه، لكن رغم كل ما قامت به وكتبته من صفحات ناصعة في سفر الكرامة والقوة، فان عمليتها في مزارع شبعا بتاريخ الأمس 28\1\2015 جاءت في طبيعة وأسلوب وظروف تختلف عن كل ما سبق، وأحدثت أو فرضت من النتائج والتداعيات ما سيرخي بأثره على مجمل المشهد في المنطقة.

فمن حيث التوصيف، نفذت العملية على ارض لبنانية محتلة، هي مزارع شبعا ونقول لبنانية محتلة خلافا لما يحاول البعض إثارته من شكوك حول هذا الأمر ويصفها بانها متنازع عليها، وهي لم تكن يوما محل نزاع مع أحد فلا إسرائيل ذاتها ادعت أنها ارض فلسطينية، ولا سورية قالت يوما إلا بلبنانيتها ـ وبطبيعة الحال فان لبنان في العام 2006 اثبت ذلك وبتأييد ودعم كاملين من الحكومة السورية، وهو دعم لم يتغير يوما.

عملية تمت ضد هدف عسكري إسرائيلي يمارس العدوان في مزارع شبعا عبر تكريس الاحتلال، وبالتالي تكون العملية ممارسة لحق مشروع من قبل المقاومة الإسلامية التي ينظمها حزب الله وهو حق المقاومة من اجل التحرير.

أما من حيث الطبيعة فالعملية تعتبر عملا عسكريا نوعيا معقدا عالي المستوى ،  نفذ في ظل استنفار إسرائيلي شامل و تأهب و حشد للقوى و تهيئتها للدخول في حرب على كامل الجبهة الشمالية للعدو ، و مع ربط  العمل بجريمة إسرائيل في القنيطرة التي ارتفع فيها شهداء سبعة للمقاومة فيكون من المذهل في الأمر قصر المدة  التي استغرقها التحضير و التنفيذ، إذ في أسبوع واحد تم كل شيء شاملا أعمال الاستعلام و الجهد الاستخباري ثم عمليات الاستطلاع و ما يعقبها من جزئيات التنفيذ و الانتقال ثم الانقضاض و التفجير ، كل هذه الأمور نفذت في منطقة ذات جغرافية غير عادية لا بل تعتبر صعبة في ذاتها منطقة جبلية تكسوها الثلوج  يركز العدو جهده الاستخباري المتعدد الجوانب عليها بحيث انه كان يفاخر بانه يحصي الأنفاس لكل من يتحرك فيها ... و رغم كل ذلك نجح المقاومون في تنفيذ  العملية و في هذه المدة القصيرة و لم يستطع العدو اكتشافها حتى اندلعت النيران بقافلته  .

و على صعيد التصنيف العام فان العملية جمعت في ذاتها بين امرين ، العمل المقاوم و  العمل الانتقامي الردعي،  في الصفة الأولى أكدت  المقاومة حقيقة حاول البعض غرس عكسها في الأذهان حقيقة بانها لن تنسى أرضا لبنانية محتلة ، و أن ظن البعض و قولهم بان المقاومة تخلت عن وظيفتها في العمل المقاوم عندما انصرفت للدفاع عن محور المقاومة في سورية ، أن هذا الظن هراء و ادعاء أو تلفيق لا صلة له بالحقيقة و الواقع ، أما بالنسبة للثاني فقد أكدت المقاومة أن دماء شهدائها لا يمكن أن تذهب هدارا و أن الجريمة الإسرائيلية في القنيطرة لن تمر من غير عقاب ، و العقاب يكون من نوع الجريمة مع ضوابط أخلاقية و قانونية و شرعية يتقيد بها حزب الله خلافا لما تقوم به إسرائيل من انتهاك لقواعد الأخلاق و القانون . وفي هذا الأمر تكون المقاومة قد ثبتت معادلة توازن الردع التي أرادت إسرائيل أطاحتها في القنيطرة.

و يجب التوقف عند الحرب النفسية التي شكلت علامة فارقة في سلوك المقاومة بعد جريمة القنيطرة ، حيث نسجل أن حزب الله التزم الصمت المطبق حتى انه تنصل من أي قول أو تصريح  نسب لمصدر وصف أو ادعى انه من مصادره  ، ثم كانت العبارات الملفتة التي جاءت على لسان المسؤولين الذي يلون السيد حسن نصرالله في التراتبية التنظيمية ، حيث قالوا إننا "اتفقنا بان يعلن السيد حسن نصرالله الأمين العام للحزب موقف الحزب يوم الجمعة " و هو ما أوحى للعدو بان الرد لن يكون قبل يوم الجمعة ، ثم جاء التنفيذ قبل يومين من التاريخ المحدد للخطاب فشكل صاعقة مفاجئة للعدو ، و أخيرا ذاك الذكاء في اعتبار البيان الذي أصدره الحزب عن العملية تحت الرقم واحد ما شكل للعدو رسالة تذكره بما كان السيد حسن نصرالله قاله في العام 2006 " اذا أردتموها حربا مفتوحة فلتكن حربا مفتوحة " و الأن الترقيم يعني جهوزية المقاومة لكل طارئ بما في ذلك الحرب و هذا بحد ذاته عامل رادع لإسرائيل عن الانزلاق إلى أي حماقة .

و يبقى أن نسجل ما  تم تأكيد ه في العملية  لجهة وحدة الجبهة بين الجنوب و الجولان وحدة باتت  امرأ واقعا لا رجعة عنه ، فعمل إسرائيل في الجولان ضد المقاومة ترد عليه المقاومة في لبنان و في ارض محتلة ، تأكيدا  لوحدة الجبهة .و على مقلب آخر تؤكد العملية سقوط الظنون بان  المقاومة تراجعت في قدراتها بسبب انشغالها في سورية و أثبتت العملية عكس ذلك مؤكدة بانها ارتقت في القدرات و الخبرات  و من لديه شك عليه أن يقرأ جيدا ما حصل في موارع شبعا و كيفية  التنفيذ .فالمقاومة لن تتخلى عن أي ارض لبنانية محتلة ، و أنها لن تفوت فرصة مهما كانت من اجل التأكيد على قرارها بالتحرير .

أما عن ردة الفعل الإسرائيلي وما يخشاه البعض من تداعيات على لبنان، هنا نؤكد بان العملية جمعت في ذاتها بين عناصر ثلاثة، الرد الموجع، ومنع تشكيل الذريعة للاعتداء على لبنان، وعدم منح نتنياهو فرصة الاستفادة من عدوان القنيطرة، لا بل أن الحصيلة النهائية سترتد عليه سلبا في صندوق الاقتراع ما قد يذكر بما حل بسلفيه بيرس وأولمرت بعد حربي 1996 و2006، وبهذا وضع نتنياهو بين خيارين خيار التصعيد والذهاب إلى الحرب أو خيار الانحناء والقبول بمنطق ضربة بضربة.

و بالنسبة للحرب فأننا نستبعد إقدام إسرائيل على هذا الخيار لان الحرب بذاتها لا يمكن أن تكون قرارا إسرائيليا منفردا بل هو قرار أميركي قبل كل شيء و لا يمكن لإسرائيل أن تذهب إلى الحرب من غير قرار أميركي ، و أميركا اليوم ليست أميركا 2006 ، فهي في حالة انحسار عن المنطقة خلافا لما كانت عليه يومذاك ، و هي لا تحتمل حربا في منطقة باتت فيها الشعوب مسلحة إلى جانب الجيوش التقليدية حيث ترسخت ثنائية القوى المدافعة عن الأوطان ثنائية بين الجيش و الشعب بمقاومته أو دفاعه الوطني أو الحشد الشعبي أو التعبئة الشعبية . فالحرب إن وقعت في ظل هذا الواقع ستطيح بالمصالح الغربية ولن تستفيد منها إسرائيل لذلك نستبعدها. أما الخيار المتبقي أمام نتنياهو فهو الرد الموضعي المصحوب باستعراضات تهويلية تنفيسية مع تهديد بأمور يعلم نفسه أنها غير قابلة للتنفيذ وغير قادر على احتمال ردة الفعل عليها. نقول ذلك دون أن نتأثر بما صدر عن أميركا عن أن العملية لا تستوجب حربا أو ما صدر عن إسرائيل من تصريح بان الرد على العملية انتهى واقتصر على ما أطلقته من قذائف لان هذه المواقف قد تكون ضربا من الخداع بذاتها لكننا موضوعيا نعتقد بما ذكرنا.

لقد صمتت المقاومة عندما ارتكبت إسرائيل جريمتها ولم تئن، ثم فعلت المقاومة في المكان الصحيح وفي الوقت المناسب وضد الهدف المناسب فصرخ العدو واختل توازنه، وكان فعلها موجعا مثبتا لحقها في المقاومة، ومثبتا لمعادلة أراد العدو إجهاضها هي معادلة توزان الردع، ومطيحا بأهداف كان العدو يبتغي تحقيقها بجريمته فجاء الرد بليغا زاجرا رادعا مؤلما افهم إسرائيل أن المقاومة هي التي لا تقهر.
 

 

 المصدر: صحيفة البناء

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/69877

اقرأ أيضا