القدس للأنباء - خاص
تدخل ازمة مخيم نهر البارد عامها الثامن، ومعها تتفاقم أوضاع النازحين الفلسطينيين الذين أعادهم تدمير المخيم الى اوضاع تشبه الى حد كبير مأساة التهجير الاولى قبل نحو 66 عاما... حيث عاش النازحون كل صنوف التشريد والقهر والظلم. فاستعاد كبار السن صور الهجرة الاولى من فلسطين الى لبنان، بكل ما فيها من أشواك وآلام، وعاش الصغار معاني "النكبة" حينما وجدوا انفسهم في الحافلات أو يرحلون سيرا بعيدا عن المخيم الذين تركوا فيه بيوتهم وذكرياتهم... وكأن الزمن عاد بهم أميالا الى الوراء بدل ان يسير بهم خطوات الى الامام كما حلم الكبار وتأمل الصغار...
لقد ترك اللاجئون بيوتهم على امل العودة اليها بعد انهاء المعركة التي زًج بها المخيم، ولم يدركوا ان المواجهة الموضعية ستنتهي بهذا الحجم من الدمار، وان الغيبة ستطول وتمتد لسنوات ومعها سيتعمق الجرح وسيزداد القهر، ويجد اللاجئون النازحون انفسهم بين سندان تأخر إعادة البناء والاعمار وبين الاهمال وتراجع خدمات "وكالة الغوث" (الانروا) التي تم أنشاؤها بالاساس من أجل "إغاثة وتعليم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"!..
ومنذ العام 2007 ما يزال قسم كبير من النازحين ينتظر انجاز الاعمار لترك البركسات والخيام والبيوت المستأجرة والعودة الى المخيم... الا ان الايام تجري والسنوات تمر والإعمار ينتظر انجاز الخرائط ونيل موافقة وزارة الثقافة اللبنانية، ووصول الاموال اللازمة والهبات التي يبدو ان طريقها الى نهر البارد – كما غزة - مسدود ووجهتها الى خارج الملف الفلسطيني!..
وامام استمرار هذه الحالة المأساوية لابناء نهر البارد التي يزيدها ثلج كانون وانخفاض درجات الحرارة معاناة، تتحول معها البركسات الى "برادات" بكل ما للكلمة من معنى، تأتي إجراءات الاونروا لتفاقم من مأساة النازحين.
وحيال هذه الاوضاع يواصل ابناء مخيم نهر البارد تحركاتهم على خطين: الاول باتجاه "الاونروا" للعودة عن قراراتها، وطلبا لعودة برنامج الطوارىء كاملا حتى انتهاء اعادة الاعمـــار. مؤكدين رفضهم سياسة تقليص الخدمات والحرمان من الاستشفاء الكامل والعبث بالمطالب المشروعة والتشديد على ضرورة دفع العويضات لسكان المخيم الجديد اسوة بالجوار اللبناني...
اما الخط الثاني، فيستهدف التسريع باعادة البناء والاعمار الذي طال امده. والبدء بتنفيذ الرزمة الخامسة التي يتوفر لها 15 مبلغ مليون دولار... والتحرك من اجل توفير الاموال اللازمة لبناء الرزم الثلاثة المتبقية...
ان سياسة التسويف والمماطلة وتأخير عجلة الاعمار، وتراجع خدمات وحضور الاونروا تعني اطالة عمر الازمة، وتفاقم معاناة النازحين، ما يستدعي يقظة دائمة ووعيا عاليا ووحدة موقف من قبل النازحين اولا، وكافة القوى والحركات والهيئات، ثانياً، وتحركا تدرك معه الجهات المعيقة لعملية اعادة البناء، ان صوت الحق سيحاصرها، ولن تهدأ جموح النازحين حتى تكتمل عملية البناء ويعود النازحون الى بيوتهم...