القدس للأنباء-خاص
لم يتمالك أحد المذيعين نفسه وهو يتحدث عن وفاة طفلين فلسطينيين في مخيم اليرموك بسوريا، بسبب البرد الشديد، الناجم عن العاصفة "هدى"، فبكى بحرقة على الهواء، ما أثار مشاعر الملايين الذين كانوا يتابعون نشرة الأخبار، مؤكداً أن الخيم انهارت على قاطنيها، بعد تدفق سيول الأمطار إليها، والطفولة فقدت بهجتها.
هذه الصورة لخصت المعاناة الحقيقية التي يعيشها سكان هذا المخيم، في ظل غياب المساعدات، وتجاهل المطالب الإنسانية لـ 25 ألف ما زالوا يعيشون هناك، من أصل 170 ألفاً كانوا يقطنونه.
وكشفت مصادر طبية من داخل المخيم المذكور، أن عدد الأطفال الذين قضوا جراء العاصفة، ارتفع الى خمسة بينهم طفل رضيع، موضحة أن أوضاع الاجئين في اليرموك بات يهدد بكوارث إنسانية، إذا لم تدارك الوضع، وذلك نتيجة نقص الأدوية، والغذاء، والتدفئة اللازمة.
الموت جوعاً وبرداً
ما يحصل اليوم في مخيم اليرموك، مؤشر لما حل بهؤلاء الاجئين على مستويات عدة، وكأن المأساة قدرهم، تطاردهم من مكان الى آخر، ومن زاوية الى أخرى. بدءً من إبعادهم عن وطنهم فلسطين، مروراً باليرموك، ثم إلقائهم ثانية في مهب رياح النزوح نحو لبنان.
وأفضل وصف لواقع فلسطينيي الشتات، جاء على لسان إحدى النازحات، عندما قالت:" إننا أبناء البطة السوداء"، في إشارة الى الظروف القاسية التي يمر بها الاجئون، وأكدت أنه ما تبقى في مخيم اليرموك، يعاني من سوء تغذية، وبرد شديد، ووصل الأمر ببعض الشيوخ والنساء الى أن تحولوا مل يشبه الهياكل العظمية.
وسبق لوكالة الغوث وتشغيل الاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، أن ذكرت بأن 15 فلسطينياً قضوا جوعاً في المخيم، نتيجة الفقر وعدم تأمين المواد الغذائية لهم، وتوفير أدنى الرعاية الصحية المطلوبة.
وأكد سكان المخيم، أنهم يشعرون بأنهم متروكون لقدرهم، دون أن يلقوا عناية، أو تجاوباً مع نداءاتهم ومناشداتهم الإنسانية، والعاصفة الحالية جاءت لتكمل ما بدأته المأساة التي حلت بهم منذ اندلاع الأحداث في سوريا.
وطالب الأهالي، المؤسسات والمنظمات الإنسانية الدولية، بالإسراع في تقديم المساعدات العاجلة والضرورية قبل استفحال مضاعفات العاصفة.
المعاناة تحتاج تحركاً سريعاً
وتحدثت مراجع فلسطينية من داخل مخيم اليرموك، عن وضع غير محتمل على الإطلاق، مؤكدة أن العائلات الفلسطينية تعيش ظروفاً قاسية جراء المنخفض الجوي، بخاصة أن مستلزمات الصمود في مثل هذه الحالات غير متوافرة، لأسباب وعوامل عدة.
وقالت هذه المراجع لـ"وكالة القدس للأنباء" : أن معاناة أهلنا في اليرموك تطلب تحركاً عاجلاً، لرفع الأذى عن كاهلهم، وتقديم العون لهم، بخاصة في المجالات الصحية ووسائل التدفئة، وترميم المخيم أو المنازل الآلية للسقوط أو المتشققة، بسبب رداءة الطقس وغزارة الأمطار وتساقط الثلوج.
ونتيجة هذا الوضع الصعب، شهدت عواصم دولية عدة، موجات احتجاج لما يجري في اليرموك، معلنة وقوفها ومساندتها لللاجئين، غير أن الكثير من الضمائر العربية والاسلامية مازالت مخدرة، أو غير مبالية، رغم صرف المليارات الدولارات في مجالات ثانوية!!
معاناة مخيم اليرموك في ظل العاصفة، شبيهة بالمعاناة التي تعيشها بقية المخيمات الفلسطينية في سوريا، كما في مخيمات الشتات الأخرى. فهل من عاصفة يقظة في مواجهة عاصفة الطبيعة، تعيد الروح والبسمة الى الأطفال الذين يرتجفون من البرد، لعدم توفر الغطاء!؟