وأخيراً... دخلت خطة «الأمن الغذائي» الفلسطيني إلى مخيّم عين الحلوة، بعدما شرّعت الحملة اللبنانية التي أطلقها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور الأبواب على تساؤلات لطالما بقيت محصورة في الأوساط الشعبية بعيداً عن الضجيج الإعلامي، ماذا يتناول أبناء المخيّم من أطعمة؟... وهل جميعها صالحة؟... أم يأكلون ما تيسّر لهم حتى وإنْ كان منتهي الصلاحية؟...
الخطة «الغذائية» التي تكاملت مع «الأمنية» لحفظ الأمن والاستقرار في المخيّم الذي يمثّل «عاصمة الشتات الفلسطيني»، جاءت تأكيداً لحرص القوى الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية على حماية المخيّم من أي مخاطر مُحدِقة وخاصة ما يتعلّق منها بالآفات الاجتماعية والأخلاقية، إذ يقطن في المخيم أكثر من 100 ألف فلسطيني، مُضافاً إليهم النازحين الفلسطينيين من سوريا، ما يعني أنّ هذه الكتلة البشرية الضخمة التي تترامى على حدود كيلومتر مربع واحد مُجبرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على تناول ما يتم بيعه دون النظر كثيراً أمام الصلاحية والنوعية وتفضيلها على ما سواها من خارج المخيّم نظراً لرخص الأسعار في ظل الضائقة الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني مع حرمانهم من حقوقهم المدنية والاجتماعية والإنسانية في لبنان...
«لـواء صيدا والجنوب» واكب انطلاق خطة «الأمن الغذائي» في مخيّم عين الحلوة وتفاصيلها والارتياح السياسي والتجاري والشعبي الذي تركته...
بداية.. الانتفاضة
بداية «الانتفاضة» انطلقت مع ضبط القوى الأمنية اللبنانية شاحنة محمّلة بالمواد الغذائية على أحد حواجز الجيش اللبناني عند مدخل المخيّم، وتبيّن أنّها غير صالحة للاستهلاك لجهة تاريخ الصناعة وطريقة النقل لا سيما أنّها من الأجبان والألبان، فأوقف السائق وأُتلِفت المنتوجات، فكانت الشرارة والإشارة لاستيقاظ المراقبة بالمخيّم، فاستنفرت القوى الفلسطينية لصد أي محاولة إدخال مواد فاسدة إلى المخيّم تخلّصاً منها في المناطق اللبنانية.
بدأت الاجتماعات الفلسطينية المكوكية المتلاحقة، إذ لم يبقَ للاجئ الفلسطيني ما يخسره سوى صحته، فتم التنسيق ما بين «القوّة الأمنية المشتركة»، «لجنة المتابعة الفلسطينية»، «المبادرات الشعبية»، «الحراك الشبابي»، «لجنة تجار عين الحلوة» وسوق الخضار، وخلصت إلى إعلان خطة أمنية غذائية كفيلة بحماية أبناء المخيّم من المواد الغذائية الفاسدة والأدوية المنتهية صلاحيتها أو التي أوشكت على الانتهاء.
تفاصيل الخطة
وأوضحت مصادر فلسطينية أنّ الخطة التي لاقت دعماً سياسياً وترحيباً شعبياً وتجاوباً تجارياً تقوم على:
- تشديد الإجراءات على المداخل والحواجز الفلسطينية عن مداخل المخيّم ومراقبة السيارات المحمّلة بمواد غذائية وأدوية وأجبان وألبان والتدقيق في الصلاحية.
- تشكيل لجنة مشتركة من «الأونروا» و«الهلال الأحمر الفلسطيني» و«القوّة الأمنية» و«لجنة المتابعة» و«لجنة تجّار عين الحلوة» لمتابعة المواد الغذائية المنتهية صلاحيتها أو التي أوشكت على الإنهاء.
- توجيه رسائل تحذير لتجّار الجملة خارج المخيّم وداخله من مغبّة إدخال أو استقبال أو محاولة إدخال مواد غذائية منتهية الصلاحية أو أوشكت على الانتهاء.
- القيام بجولات ميدانية على المحال والمؤسّسات التجارية للتأكد من خلوّها من أي مواد فاسدة.
- مصادرة وإتلاف أي مواد يظهر أنّها غير صالحة وقد تمت مصادرة كميات من العلكة، الأجبان، الشوكولا، البسكويت، وأكياس «شيبسي».
كبسات ميدانية
{ أمين سر «لجنة المتابعة» عبد مقدح «أبو بسام» اعتبر أنّ «الأمن الغذائي بات هاجساً ضرورياً ومُلحّاً إلى جانب الأمن السياسي، فالحفاظ على الصحة لا يقل أهمية من الحفاظ على الأمن، وقد قرّرنا أنْ نسير بهما بخط متوازي حتى نحقّق مصلحة أبناء المخيّم».
وأوضح أنّ «الجولة الميدانية التي قمنا بها كوفد من «لجنة المتابعة الفلسطينية»، «القوة الأمنية المشتركة» و«المبادرة الشعبية» على المحال التجارية في الشارع الفوقاني وسوق الخضار تبيّن خلالها وجود بضائع منتهية الصلاحية وخاصة تلك التي يتناولها الأطفال، وقد تم الاتفاق مع أصحاب المحال على تسليمها للقوة والأمنية بغية إتلافها».
وقال مقدح: «إنّ الخطة ستشمل جولات ميدانية على كل المحال والمؤسّسات التجارية في مخيّم عين الحلوة، على أنْ تستكمل في الشارع التحتاني، وأنّ هذه الخطة تلقى ترحيباً من أبناء المخيّم وتجاوباً من أصحاب المحال على السواء وقد بادر بعضهم إلى تسليم مواد منتهية الصلاحية لقيادة «القوّة الأمنية المشتركة» كبادرة حسن نية ولتشجيع الآخرين لحذو حذوهم في سبيل تحقيق مصلحة المخيم».
{ وفي المقلب الآخر، لاقت الخطة ترحيباً شعبياً كبيراً، إذ قالت الحاجة «إم محمود» العبد الله: «لقد انتظرنا هذه الخطوة طويلاً، وقد جاءت لتهدّئ روعنا حول ما نتناول من مواد غذائية، وماذا كنّا نُطعِم أولادنا، وهل كُنّا نقدّم لهم السم بأيدينا؟ إذ ليست هناك سلطة رداعة في المخيّم والكل يتصرّف على مزاجه وقد يطمع البعض بالربح المادي دون النظر إلى أرواح الناس».
وطالبت القوى الفلسطينية بألا تكون الخطوة موسمية تزامناً مع الحملة اللبنانية، بل يجب أن تستمر حتى يشعر من يريد أن يتلاعب بحياة الناس وهو لا يخاف الله، بل أن هناك رقابة ومحاسبة من الشعب نفسه سيفتضح أمره.
المصدر: ثريا حسن زعيتر - جريدة اللواء