/مقالات/ عرض الخبر

نتنياهو الباهت والمكرّر في نيويورك... كتب: حلمي موسى

2014/10/01 الساعة 10:28 ص

رصد رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو لخطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هدفا محدداً، وهو صد حملة الاتهامات ضد "إسرائيل" وجنودها، وإثبات أن الخطر الذي يهدد العالم هو الأصولية الإسلامية في فلسطين وإيران وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ "داعش".
وحاول نتنياهو جعل خطابه واضحاً لا لبس فيه: «حماس» هي «داعش» والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) شريك «حماس»، وإيران بمشروعها النووي هي الخطر الأعظم.
كثيرون قدروا أن نتنياهو وجه خطابه أساسا إلى جمهوره في الولايات المتحدة و"إسرائيل". وبقي السؤال: هل أفلح في تحقيق هدفه من هذا الخطاب، وهل نجح في جلب مكاسب "لإسرائيل"؟ نظرة سريعة إلى المواقف والتعليقات سواء في أميركا أو "إسرائيل" لا تشير إلى هكذا نجاح.
فما إن أنهى نتنياهو خطابه حتى تلاه على المنصة وزير خارجية أيسلندا غونار سفينسون، الذي دان استمرار الاحتلال "الإسرائيلي" الطويل لدولة فلسطين، مؤكدا أنه يمثل انتهاكا للقانون الدولي. وكانت هذه أول صدمة لدى من صفقوا لنتنياهو من القلة التي بقيت تحضر خطابه. واعتبر كثيرون أن نتنياهو لم يكن مقنعا، لا للغرب ولا للأميركيين، ولا حتى للكثير من "الإسرائيليين".
واعتبر معلقون "إسرائيليون" أن كل ما فعله نتنياهو في خطابه أنه جمع شذرات من خطابات سابقة في مواضيع مختلفة، وقام بحشرها بالقوة في خطاب واحد، دمج فيه بالقوة بين إيران و«حماس» و«داعش» وأبو مازن والنازية، وتبل كل هذا الخليط ببث الذعر في النفوس. لكن النتيجة لم تكن مثيرة، ولم تترك انطباعات إلا لدى أنصاره المقربين في أميركا و"إسرائيل".
وقد خلا الخطاب تقريبا من أي رسالة تصالحية مع الفلسطينيين أو سواهم، رغم ادعائه بأن "الإسرائيليين" يصلون من أجل تحقيق السلام. وبديهي أن الحملات التي شنها على الفلسطينيين والإيرانيين ومجلس حقوق الإنسان تخدم نتنياهو داخليا، لكنها لا تضيف لمكانة "إسرائيل" العالمية شيئا. فقد بقيت الجبهتان اللتان تواجهان "إسرائيل": مشروع إيران النووي والدولة الفلسطينية، على سخونتهما، ولم تحقق "إسرائيل" أي تقدم فيهما.
فقد بادرت الإدارة الأميركية إلى التشكيك في الأطروحة الأساس التي استند إليها خطاب نتنياهو، وهي مساواة «حماس» بتنظيم «داعش». وقد أقرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بيساكي أن «التنظيمين إرهابيين» ولكن «كل واحد منهما يشكل خطرا مختلفا. داعش يشكل خطرا على الولايات المتحدة ولذلك نحن نعمل ضده عسكريا. لم أسمع أن نتنياهو، أو أي شخص آخر في "إسرائيل" ينتظر منا أن نعمل عسكريا ضد حماس".
ورفضت طهران اتهامات نتنياهو بأنها تشكل تهديدا على العالم يفوق تهديد «داعش». ووصف نائب المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة خوداداد سيفي الاتهامات بأنها جزء من حملة "إسرائيلية" لتقويض المفاوضات بشان برنامج إيران النووي وتهدف إلى تبرير الجرائم التي ارتكبها مؤخرا ضد المدنيين الفلسطينيين.
وشبه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، مضيفا إن «نتنياهو أصر على تحويل الصراع في المنطقة من صراع سياسي إلى صراع ديني".
وفي "إسرائيل" ذاتها، سارع كثيرون إلى اعتبار خطاب نتنياهو مجرد «خيبة»، لأنه عجز عن عرض أي تصور سلمي بديل. وقال زعيم «حزب العمل» اسحق هرتسوغ أن نتنياهو «يجيد الخطابة، وأتفق مع بعض ما قال، لكن المشكلة هي أن العالم لم يعد يصغي إليه. كنا نعرف قبل الخطاب أن نتنياهو كاتب قدير، لكن "إسرائيل" ليست بحاجة إلى كاتب، وإنما إلى زعيم». وكذا فعلت زعيمة «ميرتس» زهافا غالئون، التي قالت إن «خطاب نتنياهو هو الخطاب المعروف ذاته الطافح بالتهديدات وبث الذعر، وقارن بين داعش وحماس وإيران، وهي مقارنة لا أحد في العالم يقبل بها".
ورفضت بيساكي اتهامات نتنياهو لمجلس حقوق الإنسان، والذي وصفه بأنه «مجلس حقوق الإرهابيين». وقالت إن أميركا تخالف "إسرائيل" الرأي في هذا الشأن أيضا. كما لم تقبل واشنطن بكلام نتنياهو الشديد اللهجة عن إيران، مشددة على أنها تضمن «أن الاتفاق الذي سيبرم لن يستند إلى حملة اللطافة ولن يتأثر بها، وإنما سيستند إلى الوقائع والتفاصيل، ونحن لن نوقع على اتفاق شامل لا يستجيب لمعاييرنا".
ووصف مراسل صحيفة «هآرتس» في واشنطن حيمي شاليف خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة بأنه باهت ومكرر عرض «بضاعة لا تجد من يشتريها». وأبدى تقديره بأن نتنياهو سيلمس خلال لقائه في البيت الأبيض بالرئيس باراك أوباما أن هذه بضاعة كاسدة.
وفي نظره فإن «أوباما يريد الاستماع إلى مقترحات عملية حول إيران، وليس لشعارات وقرارات قاطعة بأنه ينبغي تفكيك قدرات إيران النووية». كما سيوجه أوباما لنتنياهو سؤالا «إذا ليس حماس وليس أبو مازن إذن من؟ روابط القرى؟». وأضاف أن الصورة الباهتة التي حملها نتنياهو لأطفال فلسطينيين يلعبون بجانب منصة إطلاق صواريخ تذكرنا بالكاريكاتير الإيراني الذي حمله في العام 2012، كما أن مبالغته في ادعاءاته بحرص "إسرائيل" على عدم وقوع ضحايا مدنيين، تكاد توحي بأنه يتوقع من الفلسطينيين أن يحمدوا الله على أنهم يقصفون على يد عدو إنساني بهذا الشكل.
 

 

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/64878

اقرأ أيضا