القدس للأنباء - خاص
نعيش هذه الايام ذكرى أليمة حلّت في شعبنا الفلسطيني في لبنان، فهي توقظ في النفس آلام الحرب ووجع القتل والتشريد، ذكريات أليمة تهز العقول والقلوب، عندما أقدمت مجموعة من مليشيات تابعة للقوات اللبنانية بقتل اكثر من 3000 شهيد في مخيمي صبرا وشاتيلا.
ففي صباح السابع عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1982م استيقظ لاجئو "صبرا وشاتيلا" على واحدة من أكثر الفصول الدموية فى تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق شعب مظلوم. في تلك المذبحة تحالف الأعداء من صهاينة وخونة، فانضم جيش العدو "الإسرائيلي" إلى حزب "الكتائب اللبناني" ليسطروا بالدم صفحة من صفحات الظلم والبطش في مجزرة هدفت إلى تصفية الفلسطينيين وإرغامهم على الهجرة من جديد. أصدر قرار تلك المذبحة وزير الحرب "الإسرائيلي" آنذاك، آرييل شارون، ورافائيل إيتان رئيس أركان الحرب "الإسرائيلي".
وتحت القنابل المضيئة التي أطلقها جيش العدو، دخلت المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب "الكتائب اللبناني"، وما يسمى "جيش لبنان الجنوبي" إلى "صبرا وشاتيلا"، ليسرقوا بأسلحتهم الثقيلة أحلام الأطفال النائمة في أحضان أمهاتهم، فلم يسلم منهم أحد، لا الصغير ولا الكبير، والمرأة قبل الرجل، والطفل قبل الشاب.
أحكمت الآليات "الإسرائيلية" إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول، إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من أيلول/سبتمبر، حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح فى تاريخ البشرية، ليجد جثثاً مذبوحة بلا رؤوس، ورؤوساً بلا أعين، ورؤوساً أخرى محطمة، ليجد قرابة 3000 جثة ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني وجنسيات لبنانية وسورية ومصرية...
عدد الشهداء في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 3500 و5000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيين أيضا.
هناك عدة تقارير تشير إلى عدد الشهداء في المذبحة، ولكنه لا يوجد توافق بين التقارير حيث يكون الفرق بين المعطيات الواردة في كل منها كبيرا. في رسالة من ممثلي الصليب الأحمر لوزير الدفاع اللبناني إدعى أن عدد الجثث بلغ 328 جثة، ولكن لجنة التحقيق الإسرائيلية برئاسة إسحاق كاهن تلقت وثائق أخرى تشير إلى أن عدد الجثث بلغ 460 جثة. واستنتجت لجنة التحقيق "الإسرائيلية" من مصادر لبنانية و"إسرائيلية" أن عدد القتلى بلغ 800 قتيل.
وأفاد الصحافي البريطاني روبرت فيسك أن أحد ضباط الميليشيات المارونية الذي رفض كشف هويته قال إن أفراد الميليشيا قتلوا 2000 فلسطيني. أما الصحافي "الإسرائيلي" الفرنسي أمنون كابليوك فقال في كتاب نشره عن المذبحة أن الصليب الأحمر جمع 3000 جثة بينما جمع أفراد الميليشيا 2000 جثة إضافية مما يشير إلى 3000 قتيل في المذبحة على الأقل.
مجزرة صبرا وشاتيلا لم تكن الجريمة الصهيونية الأخيرة بحق الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني وأمتنا، فمسلسل المجازر اليومية لم ينته، فمن صبرا وشاتيلا إلى غزة التي شهدت الحرب الأخيرة فيها أفظع المجازر، الجرح واحد والجلاد واحد والقضية واحدة، بإختلاف الزمان والمكان.