قائمة الموقع

صيدليات برج البراجنة: فضائح مميتة!

2014-09-06T12:00:52+03:00

القدس للأنباء - خاص
عندما قررنا في وكالة "القدس للأنباء"، فتح ملف الصيدليات في المخيمات الفلسطينية في لبنان، على أثر الأخطاء التي إرتكبتها إحدى الصيدليات في مخيم عين الحلوة، وبيع دواء منتهي الصلاحية، لم نكن نتصور أن نصل إلى كشف فضائح مميتة ترتكبها بعض الصيدليات، بحق المواطنين.
لوضع هذا الأمر برسم المعنيين في المخيمات، أجرينا تحقيقاً ميدانياً، في مخيم برج البراجنة، وإليكم  النتيجة المؤلمة والخطيرة:
 
صيدليات أم دكاكين؟
ليس من الصعب عليك أن تكون صاحب صيدلية في مخيم برج البراجنة. كلّ ما عليك فعله هو فقط أن تفتح صيدلية وتضع فيها الكثير من الدواء بكلّ بساطة. فلا يوجد من يسأل من أين لك هذا؟! ولن يأتي أحد يُطالب برؤية شهادتك الجامعية، سواء جهات لبنانية أو فلسطينية، والأهم من هذا لن يمتحنك الزبون المريض قبل أن يعطيك "روشيتة الدواء"، فكل ما يريده هو الدواء، والدواء الأرخص سعراً، إذا أمكن.
في مخيم برج البراجنة، يوجد حوالي سبع صيدليات، ستّ منها أصحابها لا يحملون شهادة في اختصاص الصيدلة، ثلاث منها أصحابها لا يحملون شهادات جامعية أصلاً، وثلاثة آخرون يحملون شهادات جامعية إلّأ أنهم "متعدّون على المهنة والإختصاص". وعلى هذا، واحدة فقط من أصل الصيدليات السبع يمكن لأهل المخيم الذهاب إليها دون خوف من خطأ قد لا نبالغ إذا قلنا أنه قد يودي بحياتهم.

صيدليات تبيع الهلاك
وهنا سأركز على بعض الصيدليات بسبب مواقعها في المخيم، حيث أنها موجودة في واحد من أكثر الأماكن إكتظاظاً بالسكان، يجعلها أكثر إرتياداً من المرضى في المخيم.
أحد العاملين في إحدى الصيدليات يعتبر أن بعض الصيدليات، تبيع الموت ووجودها يضرّ بسكان المخيم ولا ينفع أبداً. ويقول: "بعض الصيدليات الموجودة في المخيم مميتة، فقد حدث الكثير من الأخطاء التي أدّت إلى نتائج كادت تكون قاتلة، وأحياناً لولا رحمة الله لكانت بالفعل أودت بحياة المريض". ويتابع قائلاً: "أحد هذه الحوادث عندما أرادت إحدى النساء مثبّتاً للحمل، فذهبت إلى الصيدلية، وأريد أن أنوّه هنا أنك أحياناً ستجد فتاة صغيرة في مقتبل العمر، وأحياناً إمرأة ليس لها علاقة بمهنة الصيدلة على بيع الأدوية، المهم ذهبت وأعطت الشخص الموجود في الصيدلية وصفة الطبيب، طبعاً الموجود هناك لم يستطع قراءة خط الطبيب، وقام بإعطاء الحامل خافضاً للحرارة بدلاً من المثبت مما أدّى إلى إجهاض الجنين".
ولدى سؤاله عمّا إذا كان هناك حالة أخرى من هذا القبيل أجاب بكلّ ثقة: "طبعاً هناك الكثير الكثير من هذه الحالات، وأحدث واحدة كانت منذ فترة وجيزة حيث قام "الصيدلي" في إحدى  الصيدليات بإعطاء طفل يبلغ من العمر سنتين دواء للقلب عوضاً عن دواء الإسهال المنصوص عليه في وصفة الطبيب، الأمر الذي إنتهى بالطفل الصغير إلى المستشفى، وهناك غيرها الكثير الكثير..".
ويرى أن هذه الصيدليات لا تؤذي مبيعات صيدلية عائلته بشكل مباشر، لكنها تؤذيه بشكل أو بآخر، إذ يقول: "لم أفكّر يوماً بالمبيعات وهذه الأمور، ولكن أصبح لدي الكثير من المشاكل مع مندوبي مبيعات شركات الأدوية. فقد أصبحوا يخافون دخول المخيم، وذلك بسبب تهديد بعض أصحاب الصيدليات لهم.

"لست واثقاً.. ولكنني أعتقد"
طبعاً لم يتوقف الأمر على ما قاله هذا الصيدلي، إذ قمت بأخذ دواء من الصيدلية  -وهو دواء للهورمونات النسائية- وذهبت إلى صيدلية أخرى، وادعيت أن الدواء لقريبتي وأريد أن أعرف لماذا يؤخذ.
استقبلتني الفتاة الموجودة داخل الصيدلية، ولدى سؤالي عن الدواء قالت لي من وصفه لي وهو دكتور ماذا، فأجبتها بعدم معرفتي مطلقاً أي شيء عن الدواء، فنظرت حائرة إلى العلبة وذهبت إلى رجل وراء المكتب وسألته عن العلبة. فنظر هو الآخر إلى الدواء حائراً وقال: "لست واثقاً.. ولكن أعتقد أن هذا ليس دواء بل هو فيتامينات وتأخذها المرأة الحامل، لكن سعره مرتفع جداً- 36 ألف ليرة لبنانية- ولدي دواء آخر بذات المفعول ولكن بسعر أقل، 5 آلاف ليرة لبنانية". ولدى سؤالي له عما إذا كان باستطاعة أي شخص أن يأخذ من هذا الفيتامين أجابني:" طبعاًّ! بكل تأكيد يمكن لأي شخص تناوله دون مخاطر فهو مجرد فيتامين، ولا وجود لأي أعراض جانبية له".
أبو محمد يسكن في المخيم ولدى سؤاله عن الموضوع قال: "يا عمّي اللي كاتبو الله بدو يصير.." وأردف ضاحكاً: "نحن قد نموت أو "ننعطب" من الكهرباء أو من جراء سقوط سقف على رؤوسنا.. إلّا أن جرعة دواء خاطئ  ستقتلنا ولن نشعر بها وسنموت على الفور".  
ويبقى السؤال هنا.. مهمة من هي الحفاظ على صحة الفلسطيني داخل المخيم وغيرها من المخيمات، فاللجنة الأمنية متغيبة تماماً عن هذا الأمر ولا تعتبره من أولوياتها ولو أن أفرادها معنيون بالأمر كأي شخص آخر يقطن المخيم، ولم تضعه حتى على قائمة الإهتمامات، فهي ليست داخلة في نطاق أولوياتها!!.
وفي نهاية الأمر نوجّه صرخة في وجه المسؤولين والقيّمين على أمن المخيم، فلا يكون الأمن فقط عن طريق حل المشاكل والمناوشات، بل عليهم النظر إلى أبعد من هذا، فحياة الفلسطيني ليست زهيدة وليست رخيصة.
هل هناك من يسمع أو يقرأ نداء الإستغاثة هذا، أم أن الصوت لن يكون له صدى أو إستجابة؟ وهذا النداء نفسه موجّه إلى اللجنة الشعبية – التي قد تسقط هي أيضاً، وأفراد عائلتها فريسة هذا الواقع المر¬_ إذا لم تتحرك لتدارك مخاطر هذا الأمر؟
فالأمن الصحي أحد أبرز الأخطار التي تتهدد أبناء هذا المخيم وغيره من المخيمات.

 

اخبار ذات صلة