لقدس للانباء / خاص
لم يكد قرار وقف اطلاق النار يأخد طريقه الى حيز التطبيق العملي، حتى كانت الادارة الاميركية وحلفها الاوروبي "العربي" تضع اللمسات الاخيرة على مشروع قرار ستتقدم به الى مجلس الامن الدولي لجعل غزة "منطقة خالية من السلاح والمسلحين والانفاق"...
قبل ان يبدأ الغزيون لملمة جراحهم التي خلفتها الحرب العدوانية الكونية، المتعددة الجنسيات واللغات، التي لم تترك أسلحة القتل والدمار ركنا في القطاع المحاصر الا واصابت فيه البشر والحجر والشجر والمؤسسات ودور العبادة، وقبل ان يتنسم الغزيون هواء الانتصار المبرم، ويتجرع قادة العدو الصهيوني كؤوس الهزيمة المرة، التي كرست "الارتداع الاسرائيلي" عن احتلال مناطق فلسطينية مأهولة للمرة الثالثة على التوالي؛ (ولبنانية كما كان الحال في العام 2006)... كثفت الادارة الاميركية وحلفها، جهودها التي بدأتها في خضم العدوان سعيا لتحقيق اهدافه داخل الغرف المغلقة، وفي المحافل الدولية، بعدما عجزت عنها آلة الحرب "الإسرائيلية" التي تزودت بعشرات آلاف الصواريخ والقنابل المتعددة الاسماء والانتماءات...
ورغم أطنان المتفجرات التي سقطت على قطاع غزة والتي تساوي في المحصلة مفاعيل ستة قنابل ذرية، لم يستطع قادة العدو السياسيين والعسكريين والامنيين تحقيق اي من اهداف العدوان المعلنة والمضمرة... فبقيت الصواريخ تتساقط فوق المدن والمستوطنات والمطارات والمؤسسات... واستمرت الانفاق معبرا لتنفيذ العمليات النوعية خلف خطوط العدو... وظلت الترسانة العسكرية حاضرة حتى اللحظات الاخيرة السابقة لوقف النار... وظل المقاومون على استعدادهم رغم الايام الـ 51 للحرب الكونية... وظل الشعب الفلسطيني ممسكا بمقاومته رغم آلاف الشهداء والدمار والخسائر التي طالت كل شيء في القطاع المحاصر...
فقد كشف ديبلوماسيون في الأمم المتحدة أن جهوداً تبذل لاتخاذ قرار في مجلس الأمن يكون أساساً لـ"حل بعيد المدى" يحول دون تكرار الحرب الأخيرة بين "اسرائيل" والفصائل الفلسطينية، وفي مقدمها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي"، في غزة.
وتقول المصادر ان الولايات المتحدة تقدمت بمشروع قرار ينص على:
جعل القطاع "منطقة خالية من السلاح والمسلحين" باستثناء السلطة الفلسطينية وعلى تدمير كل الأنفاق عبر الحدود مع كل من "اسرائيل" ومصر.
وقدمت البعثة الأميركية المشروع الذي يتقاطع مع نقاط "اللا ورقة" الأوروبية ومشروع القرار الأردني، بيد أنه يذهب أبعد في مسألة جعل غزة منطقة منزوعة السلاح وخالية من الأنفاق.
وجاء في المشروع المؤلف من 12 فقرة عاملة، أن مجلس الأمن "يندد بكل أعمال العنف والأعمال العدائية الموجهة ضد المدنيين وكل الأعمال الإرهابية"، داعياً كل الأطراف الى "الامتثال لواجباتهم بموجب القانون الإنساني الدولي". ويدعو الى توفير المعونات الحيوية لسكان قطاع غزة، وخصوصاً عبر وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم "الأونروا" وغيرها من المنظمات الإنسانية، كما يدعو الى "وقف نار فوري يحترمه كل الأطراف في غزة وحولها". ويطالب بـ"حل مستدام للوضع في غزة استناداً الى الآتي:
- اعادة السيطرة التامة على قطاع غزة الى السلطة الفلسطينية، وفقاً لالتزامها الملزم مبادىء الرباعية، بدءاً من نقاط العبور على حدود غزة.
- فتح آمن وسليم ومستدام لنقاط العبور على حدود غزة مع عودة سيطرة السلطة الفلسطينية، بما يتفق وقرار مجلس الأمن الرقم 1860 وتبعاً للتنسيق الأمني المناسب.
- تبدأ بإلحاح اعادة البناء وجهود التعافي الاقتصادي في قطاع غزة، من خلال برنامج لاعادة الإعمار بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية بدعم من المجتمع الدولي، وفقاً للاجراءات الأمنية المتفق عليها بما في ذلك في النهاية المراقبة والتحقق لمنع استخدام مواد البناء وغيرها من المواد المزدوجة الاستخدام لأغراض غير سلمية.
- تنفيذ تفاهمات عام 2012 لوقف النار، بما في ذلك في ما يتعلق بالصيد البحري والمناطق العازلة".
كذلك ينص المشروع الأميركي على دعوة الدول الأعضاء الى "اتخاذ اجراءات ملحة لمنع الإمدادات والمبيعات والنقليات المباشرة أو غير المباشرة للأسلحة المحظورة والمواد المرتبطة بها الى غزة، عبر أراضيها أو من خلال مواطنيها، أو باستخدام السفن والطائرات التي ترفع علمها، أكانت منطلقة أو غير منطلقة من أراضيها".
ويؤكد أن "أي عملية لحل الوضع في غزة بطريقة دائمة وذات مغزى يجب أن تؤدي في النهاية الى اقامة قطاع غزة كمنطقة خالية من أي مسلحين أو عتاد حربي أو أسلحة غير ما يخضع للسيطرة التامة والمشروعة للسلطة الفلسطينية، مع تفكيك وتدمير أي أنفاق عبر حدود قطاع غزة". ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة "انشاء آلية للمساعدة على تنفيذ مندرجات هذا القرار، بما في ذلك تيسير النقل الآمن وعلى الوقت لمواد البناء للمشاريع التي تنفذ بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ووفقاً للاجراءات الأمنية المتفق عليها بما في ذلك آلية المراقبة والتحقق من الاستخدام النهائي للمواد المزدوجة الإستخدام بالتطابق مع الغاية المعلنة لذلك".
ويدعو الى "تجديد الجهود الملحة من "اسرائيل" والفلسطينيين والمجتمع الدولي للتوصل الى سلام شامل استناداً الى رؤية دولتين ديموقراطيتين، "اسرائيل" وفلسطين، تعيشان جنباً الى جنب بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وفقاً لتصور قرار مجلس الأمن الرقم 1850".
وأكد ديبلوماسي رفيع في مجلس الأمن أن المساعي الديبلوماسية تهدف الى اصدار القرار "قبل انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات" التي ترعاها مصر بين الجانبين "الإسرائيلي" والفلسطيني.