تحتفظ «حركة الجهاد الإسلامي» بعلاقة وثيقة مع «حزب الله»، ولعلها من أشد الحركات الإسلامية صلة بالقيادة الإيرانية، برغم تغير الظروف وتبدل بعض التحالفات على خلفية المشهد السوري النازف.
والواقع ان كثيرين يقارنون موقف الحركة وتحالفها الوثيق مع «حزب الله»، مع تلك العلاقة التي ربطت الحزب مع حركة «حماس» والتي تأثرت بالمقاربة المتناقضة لكلا الطرفين للاحداث السورية. على خلفية هذا المشهد، جاء الانتقاد الذي وجهته حركة «حماس» للحزب بسبب «تقصيره» في تحريك الحدود الجنوبية لتخفيف الضغط على الحركة في غزة، برغم الدعم الكبير الذي يقدمه الحزب للمقاومة في غزة.
من ناحيتها، لا يبدو ان «حركة الجهاد» تشارك «حماس» المقاربة نفسها لموضوع فتح أو تحريك الحدود. وعند سؤاله إن كان الجو مهيأ لفتح جبهة لبنان، يلفت مصدر مسؤول في الحركة النظر الى ان موضوع فتح الحدود يخضع لتقدير المقاومة «الأدرى بالساحة»، مؤكدا «اننا نقدر حساسية الموضوع اليوم». ويشير الى ان الأمر لا يتعلق بـ«تحريك» الجبهة لـ«دغدغة» العدو، والشعب الفلسطيني في غزة يسطر البطولات كما انه صامد برغم كل المجازر المرتكبة بحقه، وهو بحاجة الى موقف عربي شامل يتمظهر بحراك شعبي ضاغط لفتح المعابر وتوفير المواد الإغاثية والغذائية.
ويقول المصدر المطلع ان المواقف قد تكون أحيانا أبلغ في التأثير على الإسرائيلي وإشغاله. أما بالنسبة الى إشعال الحدود العربية، فهو يجدي في حالة واحدة، إذا قدر لغزة السقوط، وعندها، فإن المنطقة كلها لن تكون بمنأى عما يجري. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن «سقوط غزة لن يتحقق».
وفي رده على موقف «الجهاد» من استهداف تم للأراضي الفلسطينية للعام 1948، انطلاقا من لبنان، يشير المصدر الى ان «الجهاد» تؤيد أي استهداف لإسرائيل من أية حدود، شرط ألا يكون مرتبطا بأجندات غير وطنية أو غير قومية ولا علاقة لها بمصلحة الشعب الفلسطيني وخارجة عن الدفاع عنه.
على ان الموقف من فتح الحدود يلخص العلاقة الثابتة بين الحركة و«حزب الله»، ويشير في الوقت نفسه الى المسافة والبعد الكبير الذي بات عليه موقفا «الجهاد» و«حماس» من التطورات الأخيرة في المنطقة، باستثناء التحالف الثابت في موضوع المقاومة، التي تشكل الاولوية للحركتين، والذي تمظهر في وحدة الموقف والتنسيق «ساعة بساعة» بين الحركتين سياسيا وميدانيا، في غزة، بحسب تعبير المصدر المسؤول.
من هنا، يأتي الموقف من النظام السوري ليثبت البعد في الرؤية بين الحركتين. وبينما اتخذت «حماس» موقفا معاديا لدمشق على خلفية الأحداث السورية، فإن «الجهاد» استمرت على موقفها السابق ومؤداه «اننا مع فلسطين، ندور حيثما دارت، ولا يجب على الفلسطيني ان يتخذ اي خندق او يدخل بصراع الا بوجه العدو». ويستذكر المصدر تخندق «منظمة التحرير الفلسطينية» في السابق وما جلبه هذا الأمر من خسارة للقضية برمتها وليس فقط للمنظمة. من هنا، يضيف المصدر، «فإن علاقتنا مع كل نظام أو جهة، تأتي على خلفية دعم فلسطين المستهدفة اليوم عبر إغراق المنطقة بالصراعات».
ويلفت المصدر النظر الى ان القضية الفلسطينية اليوم قد وحدت الأمة بعيدا عن الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية، ويشدد على انه، حتى لو انتهى العدوان على غزة بشروط المقاومة، فإنه من الأهمية بمكان عدم ايقاف الصراع مع العدو.
ويتمثل التطور الأهم اليوم بالنسبة الى «الجهاد»، في وحدة الموقف الفلسطيني بوجه العدو الذي بات في أزمة اثر تورطه في عدوان على غزة «جلب له هزيمة عسكرية.. وسيجلب له هزيمة أخرى سياسية مقبلة». ويقول المصدر ان الإسرائيلي قد تكبد اليوم خسائر لم يتكبدها في أية حرب سابقة وقد أصبح جيشه مهزوما ومعنوياته في الحضيض، ذلك ان قدرته القتالية باتت ضعيفة بفضل صمود الشعب الفلسطيني الذي تمسك بمقاومته «وهذا هو السلاح الأهم».
كما يشير الى ان الإسرائيلي قد افشل المفاوضات عمداً كونه يريد كسب بعض الوقت وصولا الى فرض تهدئة من دون اتفاق مع الفلسطينيين، في الوقت الذي لم ييأس فيه من المراهنة على تعب الروح المقاومة لدى الفلسطينيين، خاصة في ظل وجود نحو 200 ألف مشرد خارج بيوتهم في غزة.. كما انه يراوغ كونه يراهن على استصدار قرار من مجلس الامن الدولي على غرار القرار 1701 العام 2006 على أثر عدوان تموز على لبنان.
لكن المقاومة لا تزال على جهوزيتها وهي قادرة على الاستمرار في حرب استنزاف طويلة تؤذي الإسرائيلي، عسكريا وماليا واقتصاديا وسياسيا، وهي مستعدة لمعركة عض أصابع طويلة معه في مفاوضات تحت النار، على أساس تحقيق مطالبها.
المصدر: السفير