القدس للأنباء - خاص
لم تكد صواريخ المقاومة الفلسطينية تلامس حدود "بقرات" الكيان الصهيوني المقدسة في تل ابيب وحيفا والقدس وبعض المواقع الستراتيجية، وقبل ان تصمت صافرات الانذار التي تدوي في سماء فلسطين المغتصبة، منذرة الصهاينة بضرورة النزول الى اقرب ملجأ، استنفر الرئيس الاميركي باراك اوباما مبديا استعداده للتوسط من اجل وقف اطلاق النار، والطلب من تركيا وقطر ومصر للتحرك بهذا الاتجاه.
ولقد تمخضت الاتصالات الاميركية عن مبادرة مصرية تطالب بوقف فوري لاطلاق النار، تلقفها الجانب "الاسرائيلي" فيما وجد بها الطرف الفلسطيني المقاوم، نسخة طبق الاصل عن اتفاق العام 2012، الذي رعته مصر، واشرفت على تنفيذه ومراقبة تطبيقه.
وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن هذه المبادرة تأتي استكمالاً للجهود المكثفة والاتصالات المستمرة التي تجريها مصر على أعلى مستوى على مدار الأسبوعين الماضيين مع مختلف الأطراف المعنية والإقليمية والدولية، وانطلاقا من مسؤولياتها تجاه أشقائها الفلسطينيين وحقناً لدمائهم والحيلولة دون تصاعد أعداد الشهداء والمصابين جراء الاعتداءات "الإسرائيلية" .
وشددت مصر على أن نجاح هذه المبادرة ووقف كافة الأعمال العدائية سوف يسهم دون شك في تهيئة المناخ لاستئناف مفاوضات جادة، وفق إطار زمني محدد وعلى أساس المرجعيات والمبادئ الدولية المتفق عليها، وتقود إلى تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الضمانة الوحيدة لاستدامة الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة .
وأكدت المبادرة ضرورة أن يلتزم الطرفان بعدم القيام بأي أعمال من شأنها التأثير بالسلب على تنفيذ التفاهمات، وتحصل مصر على ضمانات من الطرفين بالالتزام بما يتم الاتفاق عليه ومتابعة تنفيذها ومراجعة أي من الطرفين حال القيام بأي أعمال تعرقل استقرارها ...
هذا وقد بادر مجلس الجامعة العربية في اجتماعه الطاريء على مستوى وزراء الخارجية لاعلان دعمه الكامل للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وطالب الأطراف المعنية بقبولها.
وراى محللون وسياسيون فلسطينيون أن المبادرة "ولدت ميتة" على اعتبار أنها جاءت لوأد المقاومة وإنقاذ "إسرائيل"، ولم تأخذ بعين الاعتبار رفع الحصار عن قطاع غزة، ولم يستشر بشأنها أي من الفصائل التي تملك قرار التصعيد أو التهدئة.
وتنص المبادرة على أن يبدأ وقف إطلاق النار في قطاع غزة اعتبارا من الساعة السادسة بالتوقيت العالمي (التاسعة صباح امس بالتوقيت المحلي)، على أن يتم إيقاف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلانها.
المواقف الفلسطينية:
السقف الادني وقف العدوان والحصار
رحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالمبادرة المصرية ودعا جميع الأطراف إلى "الالتزام بهذه المبادرة حفاظا على دماء شعبنا والمصالح الوطنية العليا" .
في حين سارعت كتائب عزالدين القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، لاعلان رفضها المبادرة المصرية المقترحة لوقف إطلاق النار مع الاحتلال... وقالت إن أي طرف لم يعرض عليها أو يناقش معها مبادرات للتهدئة...
كما أعلنت "سرايا القدس" الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أنه "ليس لديها تعليمات إلا باستمرار المعركة".
بدوره، أكد المتحدث باسم سرايا القدس أبو أحمد أنه "ليس لدى السراي تعليمات إلا باستمرار المعركة مع الاحتلال "الإسرائيلي""، وقال أبو أحمد "إن الوضع في الميدان ما زال مفتوحا على كل الاحتمالات"، مؤكدا أن "التهدئة ليست جدية حتى الآن".
وقالت كتائب القسام في بيان، إنه "لم تتوجه إلينا أي جهة رسمية أو غير رسمية بما ورد في هذه المبادرة المزعومة"، مشيرة إلى أنه في "حال صح محتوى هذه المبادرة والذي تداولته وسائل الإعلام فإنها مبادرة ركوع وخنوع، نرفضها نحن في كتائب القسام جملة وتفصيلاً، وهي بالنسبة إلينا لا تساوي الحبر الذي كتبت به".
وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة "حماس": "نحن في "حماس" لم نطلع على المقترحات المصرية إلا عبر وسائل الإعلام ولم يتم التشاور معنا بشأن هذه المبادرة بالتالي مبادرة لم نكن طرفا في التشاور بشأنها من الطبيعي ألا نكون طرفا في الالتزام بها ولذا هي لا تلزمنا بشيء".
من جانبه أكد نائب الأمين العام لـ"حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" زياد النخالة أن إطلاق النار لن يتوقف من دون صيغة ترقى إلى نضالات المقاومة وتضحيات شعبنا الفلسطيني، وأن سقفنا الأدنى على طاولة المفاوضات هو إنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة براً وبحراً وجواً ووقف الحصار .
وأشار النخالة الى أن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار مع الاحتلال "الإسرائيلي" ساوت بين الضحية والجلاد ولم تلب طموحات الشعب الفلسطيني بإنهاء الحصار الصهيوني بشكل كامل.
ولفت نائب الأمين العام إلى أن المبادرة المصرية بشكلها الحالي مرفوضة وأن الحوار مع الجانب المصري مفتوح لتطوير المبادرة، مبيناً أن الحركة أبدت ملاحظتها وسترسلها إلى الجانب المصري لتطوير المبادرة.
موقف العدو الصهيوني
في المقابل، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو موافقته على المبادرة المصرية، متوعداً بالرد بعنف إذا رفضتها "حماس" .
وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الألماني فرانك فولتر إن "إسرائيل" وافقت على العرض المصري بوقف إطلاق النار لإعطاء فرصة للجهود الدولية لإخلاء غزة من الصواريخ والأنفاق بالطرق السياسية".
وشدد على أنه في حال رفضت "حماس" هذا العرض فسيكون لدى "إسرائيل" الشرعية الكاملة للرد حتى إعادة الهدوء .
واعتبر نتنياهو أن هدف العملية كان وسيبقى إعادة الهدوء من خلال ضرب "حماس" وباقي الفصائل بشكل عنيف، وقال: "وقد ضربناهم بشكل عنيف وأحبطنا محاولاتهم للمس بمواطني "إسرائيل"، وفق زعمه .
وتوعد أنه في حال رفضت "حماس" هذا العرض فسنوسع العملية العسكرية في قطاع غزة، حيث سنطلب من المجتمع الدولي دعم هذه الجهود.
ونقلت القناة الثانية عن مصادر سياسية "إسرائيلية"، أن نتنياهو روج للمبادرة المصرية باعتبارها ستعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه بعد تفاهمات "عمود السحاب". وقال نتنياهو إن الخطوة المقبلة ستكون تجنيد الدعم الدولي لنزع سلاح المقاومة. وزعم أن "حماس" تلقت ضربات كبيرة خلال العدوان، ولن تتمكن من استعادة مكانتها أو تجنيد التأييد لها في العالم العربي.
من ناحية اخرى، قال الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن "وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالي بنيت، صوتا في اجتماع المجلس الوزاري المصغر (كابينت) ضد الاقتراح المصري لوقف إطلاق النار".
وفي تعقيب له على هذا القرر، قال رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، لإذاعة الجيش "الإسرائيلي"، إن"اتفاق وقف إطلاق النار يعني أنه على حماس أن توقف نشاطها العسكري فوق وتحت الأرض".
من جهته، اعتبر نائب وزير الدفاع، داني دانون في تصريح للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أن"وقف إطلاق النار تجاه حماس يعني تآكل قوة الردع ضد الحركات الفلسطينية".
وقال "لا يمكن لنا أن نوقف الحرب في هذه اللحظات مع حماس"، مشيراً إلى أن "غالبية حزب الليكود (الحاكم) يرفض وقف إطلاق النار في غزة".
هذا وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة، إنه لم يرد بعد تفاصيل أوفى حول التصويت الذي جرى في اجتماع المجلس الوزاري المصغر، أشارت إلى أن "وزراء الجناح الأكثر يمينية في الحكومة (لم تحددهم) كانوا قد تحفظوا علناً على فكرة اعتماد اتفاق لوقف إطلاق النار في الظرف الراهن".
المواقف الدولية
كرر وزير الخارجية الألماني فرانك فولتر المقولة الاميركية التي تعتبر "ان لـ"إسرائيل" الحق في الدفاع عن مواطنيها من خطر الصواريخ، وأن الساعات القادمة ستكون حاسمة"، مبدياً أمله في نجاح الجهود الرامية لوقف إطلاق النار
فيما حث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "حماس" على قبول الاقتراح المصري لوقف إطلاق النار مع "إسرائيل" في قطاع غزة. وأضاف "نرحب بقرار الحكومة "الإسرائيلية" الموافقة على الاقتراح ونحث الأطراف الآخرين على القيام بالمثل"...
وكان وزير الخارجية المصرية سامح شكري قد تلقى اتصالاً هاتفياً، من وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، تناول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية في ضوء استمرار العمليات العسكرية "الإسرائيلية". وقالت وزارة الخارجية المصرية إن كيري أعرب خلال الاتصال عن دعم الولايات المتحدة للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، معتبراً إياها فرصة حقيقية يجب دعمها لوقف العنف واستعادة التهدئة، مؤكداً حرص الولايات المتحدة على أن تعطي كل الأطراف المعنية دعمها الكامل للمبادرة المصرية .
كما تلقى وزير الخارجية المصرية أمس اتصالين هاتفيين من وزيري الخارجية الألماني والكندي... كما أجرى اتصالات متعددة طوال الساعات الماضية مع عدد من الوزراء العرب، حيث ناقش معهم المبادرة المصرية لوقف العدوان "الإسرائيلي" على غزة. وبين أن اتصال وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، به تناول مستجدات الوضع المتدهور على الساحة الفلسطينية، وسبل وقف الاعتداءات على الأراضي الفلسطينية للحيلولة دون سقوط مزيد من الضحايا من المدنيين الأبرياء...
اما ممثل اللجنة الرباعية توني بلير، فقد دعا الأطراف إلى تنفيذ وقف لإطلاق النار لإعطاء فرصة لوضع حل مناسب شامل وطويل المدى لقطاع غزة،