"عورة التنسيق بين الأمن الفلسطيني والإسرائيلي انفضحت وباتت مرفوضة مما وضع الضفة الغربية المحتلة على صفيح ساخن قد يثور بأي لحظة"، بهذه الكلمات لخص مراقبون ومحللون سياسيون مستقبل الضفة حال استمرار هذه السياسة التي تلفظها جميع مكونات الشعب الفلسطيني.
ويرى هؤلاء في أحاديث صحفية منفصلة أن مساعدة السلطة للاحتلال في البحث عن المستوطنين الثلاثة المختطفين كانت بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير، داعين السلطة للاعتبار مما حدث مؤخرًا في مدينة رام الله ووقف هذه السياسة الملفوظة شعبيًا.
وشهدت رام الله مؤخرًا أحداثًا دراماتيكية بدأت بمواجهات عنيفة بين شبان وأمن السلطة رفضًا للتنسيق الأمني عقب انسحاب الاحتلال منها، تبعها اختطاف مسلحين لشرطي فلسطيني والتهديد بإجراءات حال عدم الافراج عن مهاجمي مركز الشرطة، ثم مسيرة منددة بهذه السياسة.
وأثارت تصريحات الرئيس محمود عباس التي جاء فيها إن "السلطة تساعد الاحتلال في البحث عن المستوطنين، وأن التنسيق الأمني مقدس"، فيما لم يذكر بكلمة واحدة الأسرى المضربين عن الطعام منذ 60 يومًا، حالة من الاستنكار والغضب الشعبي.
وتصرف السلطة نحو 34% من موازنتها على أجهزة الأمن التي تعجز عن توفير الحماية للفلسطينيين ضد اعتداءات الاحتلال مستوطنيه، فيما تمارس دورًا تصفه فصائل المقاومة بـ"المشبوه"، من خلال اعتقال كوادرها وكشف خلاياها ومنع كافة أشكال المقاومة وحماية المستوطنين.
منحنى خطير
الناشط الشبابي نزار بنات ساق مبررات مختلفة لوقوع أحداث رام الله ضد سياسة التنسيق الأمني، مؤكداً أنه يمكن القول إن السبب الأبرز هو وجود صحوة متراكمة لدى الشارع الفلسطيني منذ ما يزيد عن 5 سنوات، ورأي عام متزايد رفضًا لها.
ويقول بنات:" إن السلطة تستخدم نظرية أما أنا أو الفوضى..اليوم اختلفت المعطيات فحجم المتضررين منه بات كبيرًا ولا ينحصر على فصيل، والوضع محتقن والتنسيق الأمني بات مكشوفا ومفضوحًا.. وبمقارنة سريعة بين معاملة الفلسطينيين والمستوطنين ستجد الفرق!".
ويلفت إلى أن استمرار سياسة التنسيق الأمني التي يعاني منها الشعب الفلسطيني الويلات سيفتح الباب أمام الشارع لمنحى خطير لإشباع رغبة الانتقام لديه وحدوث انفجار وانتفاضة عارمة ضد السلطة والاحتلال في آن واحد.
ويذهب المحلل السياسي خالد عمايرة أبعد من ذلك في توقع مستقبل التنسيق الأمني، فهي بنظره لا تعتبر سحابة صيف بل حالة من السخط العام لدى الشعب باختلاف توجهاته قد تؤدي إلى بركان شعبي وثورة غير مسبوقة.
ويعتقد عمايرة أن التنسيق الأمني بات مفضوحًا كما لم يسبق له من قبل، وأنه وإذا استمر إرهاب السلطة والاحتلال وتفاخرها بذلك ستخلق الأجواء التي تساعد على نشوب انتفاضة قدر تنفجر في وجهيهما.
ويذكر أن شريحة كبيرة من القاعدة الفتحاوية محرجة بشكل غير مسبوق ولا يستطيعون الدفاع عن قيادتهم، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة لم تكن بجديدة وأن الهجمة الإسرائيلية وتنسيق السلطة في البحث عن المفقودين كان بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير".
ويطالب عمايرة قيادة السلطة باستخلاص العبر مما حدث مؤخرًا ووقف التنسيق الأمني وتغيير قيادات أمنية حتى لا تبقى معول هدم وأداة قمع للشعب وآلة للقضاء على آماله الأمر الذي لا يقبله الشعب وسيحاول تغييره ولفظه.
ويتفق المحلل عادل سمارة مع سابقيه بنات وعمايرة في أن التنسيق الأمني الذي هو نتيجة لاتفاق أوسلو المشئوم وصل إلى درجة مفضوحة وبشكل يستفز مشاعر المواطنين، مشيرًا إلى أن العدوان الإسرائيلي راكم بشكل كبير في هبة الجماهير.
ووفق سمارة فإن "ما حدث في رام الله هو انتقال من الفعل الصامت والتعبئة إلى الفعل المباشر الذي قال فيه الشعب إن ما يحدث من تنسيق أمني بات أمرًا غير مقبول ويجب وقفه وعلى السلطة أن تعي ذلك".
وربط حدوث أية تطورات أو مواجهات بين الشارع والسلطة بالحراك الميداني على الأرض، وخاصة من قبل الشباب والتفاعلات واستمرارها، مشددًا على أنه لا يمكن التكهن بأمر كهذا لأنه مرتبط بتدرج الأمور على الأرض.
ويواصل مئات الشبان الفلسطينيون حملاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتشكيل رأي عام ضاغط على السلطة لتجريم التنسيق الأمني وتغيير عقيدة الأجهزة الأمنية، ولفظ الاعتقال السياسي ووقف ملاحقة المقاومين.
المصدر: وكالة صفا