القدس للأنباء- خاص
يعاني أهالي مخيم الجليل- بعلبك، منذ وقت غير قصير أزمة مياه خانقة، وعندما جاءت مبادرة الحل عن طريق حفر بئر، تعرض للتلوث، وخالف المواصفات المطلوبة، ما أثار ضجة شعبية واسعة، وحملة اتهامات لـ "الأونروا" والمشرفين على الحفر، لم تهدأ حتى اللحظة.
الأهالي وصفوا ما جرى بالكارثة، و"الفضيحة".
فمن المسؤول الحقيقي وراء ما حصل، ومن يحاسب عن الخطأ إذا ثبت؟
لكشف جميع الملابسات، وصولاً للحقيقة، التقت وكالة "القدس للأنباء" عددًا من المعنيين والمواطنين..
مخالفة المواصفات
رأى مسؤول جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أسامه عطواني: "أن منطقة البقاع بشكل عام تعاني هذه السنة من شح في المياه، نتيجة قلة هطول الأمطار، وما زاد الطين بلَة الأوضاع المعيشية في مخيم الجليل، إذ أنه إلى جانب عبء تكاليف المازوت في فصل الشتاء، أتت مشكلة المياه".
وأضاف: "تطالب اللجان الشعبية بحفر بئر للمياه داخل المخيم، لأن البئر المحفور خارجه استولت عليه البلدية كونه يقع بأرض لبنانية، فتم حفر بئر ثانٍ داخل المخيم بتمويل من "الأونروا"، على أن يكون بعمق 450 مترا، لكن للأسف الشديد تم حفر بئر بعمق 326 مترا، وكشف الأمر بعد الإنتهاء من حفره، وتم تبليغ "الأونروا" بذلك، وأحضر مهندس مختص بالآبار للكشف عليه، فأكد أن البئر 326 مترا، ورغم ذلك لم تحاسب "الأونروا" المتعهد ولا قسم الهندسة، زد على ذلك أن البئر ملوث، حسب الفحوصات التي أجرتها "الأونروا" في عدة مختبرات".
وأوضح أن: "اللجان الشعبية ضغطت على "الأونروا" لإنهاء مشكلة التلوث وقد استجابت لهذا الضغط بعد فترة من الزمن، وأحضرت إختصاصي آبار، وتبيّن بعد الفحوصات والدراسة أنه سيتم إنهاء مشكلة التلوث على ثلاث مراحل، أولاً عبر العزل الخارجي، إذ أن التلوث ناجم عن وجود مزرعة دجاج قريبة من المخيم، وتم ضبط تسرب للمياه المستخدمة من المزرعة، وثانيًا كشف العزل في المشروع الماضي للبنى التحتية بأن هناك مجاري صحية غير موصولة على آبار الصرف الصحي، وأن هناك قساطل قريبة من بئر المياه، ثالثًا تركيب محطة لتكرير مياه البئر، وقد تم تنفيذ المرحلة الأولى وجزء من المرحلة الثانية، في حين لم ينفذ الجزء الثالث".
ونعى عطواني البئر نتيجة الإختلاس والسرقة، كما أبلغ المديرة العامة الجديدة لـ"الأونروا" بالموضوع خلال لقاء في بعلبك، ووعدت بفتح تحقيق ومحاسبة كل من تثبت إدانته، لكن لم يتم أي شيء حتى الآن.
وقال: "منذ أسبوعين تفاجأنا بعملية سحب مولد الكهرباء 250 ك التابع للبئر، إلى مخيم المية ومية لأن هناك مشروع حفر بئر مياه، لكن اللجان الشعبية منعت سحبه، لحاجة أهالي الجليل له، ولا سيما أن "الأونروا" مسؤولة عن تأمين المياه بأي وسيلة للأهالي، علمًا أن الأهالي يدفعون ثمن مياه الشرب كل شهر، وطالب "الأونروا" بتحمل مسؤوليتها وتأمين المياه للمخيم بأقرب وقت ممكن".
رائحة صفقة مشبوهة
واعتبرعضو اللجنة الشعبية في مخيم الجليل فؤاد حسين أن "أزمة المياه في مخيم الجليل معضلة حقيقية، تطال كل أبناء المخيم، لأن السبب المباشر وراء هذه الأزمة هو حالة الفساد داخل "الأونروا"، التي أوصلت الأهالي إلى تحمل المزيد من الأعباء المعيشية، فمنذ حفر البئر قبل عدة سنين، تبين بعد إنجازه بأنه كذبة كبيرة عاش الأهالي على أملها، فالبئر الذي يفترض أن يكون بعمق 450 متر لم يتعد عمقه بعد الإنتهاء من حفره الـ 326 متر، كما تبين بعد ذلك أنه ملوث وغير صالح لا للشرب ولا للإغتسال، وما قامت به "الأونروا" من محاولات لإنهاء أزمة التلوث تبين لاحقًا أنها صفقات مشبوهة إنتفع منها البعض، وبقي حال البئر كما هو، وبقيت معاناة الناس على حالها".
وقال: "خلال أزمة النزوح تزايدت كمية استهلاك المياه، في ظل مضاعفة عدد العائلات وأهالي المخيم الذين يدفعون بدل مياه الشرب حوالي 75 ألف ليرة لبنانية شهريًا، ونجم عن إستخدام النازحين للمياه الملوثة مشاكل صحية عند الأطفال والكبار".
وأوضح حسين:"إننا في اللجان الشعبية ندعو "الأونروا" إلى تحمل مسؤوليتها اتجاه شعبنا، وبالتالي ضرورة الإسراع لإنهاء أزمة المياه، عبر حفر بئر جوفي حقيقي داخل المخيم، وتأمين الضمانة الكاملة بعدم السماح بإي تلاعب ومحسوبيات يدفع ثمنها أهالي المخيم، كما نؤكد حاجة الأهالي لمولد الكهرباء 250 ك، لأنه يشكل جزءًا أساسيًا من الخطة البديلة، لتأمين المياه خلال الأزمات، وهذا ما أثبتته التجربة، وعلى "الأونروا" أن لا تربط مصير مياه مخيم المية ومية بمولد كهرباء المخيم، فهي مسؤولة عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي لا يجوز حل مشكلة في مخيم وإيجاد مشكلة أخرى، بل عليها أن تحل مشكلة المياه في أي مخيم كان، وأن تجد الخطط البديلة عند أي أزمة كانت، بأقرب وقت ممكن ودون تقاعس".
أزمة إنسانية
وقال أحمد كايد، وهو أحد الحالات المتضررة من المياه: "نحن اليوم بالفعل نعيش أزمة إنسانية كبيرة داخل المخيم، والسبب هو تقصير "الأونروا"، مطالبًا كل الجهات المعنية من لجان شعبية و"أونروا" العمل على إيجاد حل فوري للأزمة.
وأكد مصدر مطلع على موضوع البئر لوكالة "القدس للأنباء"، أن "الأونروا" تسعى جاهدة لتأمين المياه لسكان المخيم بأقرب وقت، وتم إحضار مهندس مختص بالآبار لهذه الغاية، وستقوم بإصلاح البئر.
وطالب المصدر الأهالي بضرورة التحرك السريع، وتحميل "الأونروا" مسؤولية حل مشكلة المياه، لأن الكمية التي تعطى لكل منزل لا تكفي حاجة شخص واحد من العائلة، كما طالب اللجان الشعبية والجمعيات بالمخيم بالتحرك الفوري لإيجاد حل، كي لا نقع بكارثة إنسانية حقيقية .فالمياه أساس الحياة، وإن لم تحل مشكلتها في الجليل، فهي ستؤدي إلى كارثة، والقضية برسم المعنيين الآن.