كافة الخيارات والسيناريوهات يمكن حدوثها في سجون الاحتلال (الإسرائيلي)، بعد إعلان الأسرى المحكومين وخاصة كبار الأسماء منهم ومن قضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، الدخول في إضراب إسنادي لإضراب الأسرى الإداريين الذين يطالبون بوقف سياسة الاحتلال في ممارسة الاعتقال الإداري.
وأكدت الهيئة القيادية العليا للأسرى في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) صباح السبت الماضي، أن معركة الأسرى في إضرابهم المفتوح عن الطعام مع السجان (الإسرائيلي) في مراحلها الحرجة والخطيرة، مشيرة إلى انضمام 50 أسيرا من سجن "نفحة" الصحراوي اليوم للإضراب.
وشددت الهيئة في بيان، على أنه بات من الضروري التقدم بأفواج المتطوعين وبأعداد كبيرة من الأسرى لنصرة الأسرى الإداريين المضربين.
ودعت الأسرى في كل السجون للوقوف أمام مسؤولياتهم الأخلاقية والدينية والوطنية والدفع بثقلهم لترجيح كفة الأسرى المضربين عن الطعام لتحقيق مطالبهم العادلة وأن يحذوا حذو سجن "النقب الصحراوي" الذي بدأ حملته يوم الخميس ودفع بأكثر من 40 أسيرا لساحة معركة الإضراب.
ولفتت الهيئة إلى أن دفعا من الأسرى في سجن "ريمون" ستنضم بشكل متلاحق للإضراب الذي يخوضه الأسرى منذ 31 يومًا.
وجددت تأكيدها العزم على تحقيق مطالب الأسرى العادلة والمشروعة، مضيفة "لبسنا أكفاننا غير مبالين بصلف الجلاد ورقة المتخاذلين متسلحين بالتوكل على الله بإرادة فولاذية لا تعرف إلا طريق الانتصار".
هذا وأعلن أسرى سجن ريمون أمس الأحد بدء معركة "بقعة زيت" تضامنا مع إضراب الإداريين بدخول فوج الشهيد ميسرة أبو حمدية الإضراب والمكون من 15 أسيرٍ.
وقد أعلن أسرى ريمون في بيان صحفي، بدء معركة أطلقوا عليها اسم ’بقعة زيت’، يشارك فيها عدد من الأسرى الفلسطينيين.
وقال الأسرى: ’نعلن من سجن ريمون المركزي بدء معركة بقعة زيت للتضامن مع المضربين، بدخول مجموعة من الأسرى الإضراب تضامناً مع إخوانهم، مطلقين صرخة لكل الأحرار أن هبوا لإنقاذ الأسرى’.
كما وجه الأسرى المضربون عن الطعام رسالة إلى الرئيس محمود عباس والبابا فرنسيس الأول والملك الأردني والقيادة المصرية لإنقاذهم من السجان (الإسرائيلي) قبل أن يُحمل الأسرى على الأكتاف شهداء.
أفواج متلاحقة
الأسير المحرر نائب البرغوثي صاحب أطول مدة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة في عهده، أكد أن أفواج الأسرى ستستمر في الدخول في هذا الإضراب المفتوح عن الطعام، وصولاً إلى إضراب شامل يعم كافة السجون بهدف تحقيق المطالب حول وقف العمل بسياسة الاعتقال الإداري.
وقال البرغوثي: "هذا التضامن غير مسبوق لأنه يأتي في سياق كسر قانون الاعتقال الإداري المطبق على الفلسطينيين منذ الاستعمار البريطاني، فهي معركة من أجل حماية كل الفلسطينيين وليس فئة محددة من الشعب".
وأوضح أن المعتقلين الإداريين أرادوا قلب الطاولة على الاحتلال بعد أن ذاقوا ويلات هذا النوع من الاعتقال الذي يجعلهم في غياهب السجون لسنوات طويلة دون تهمة أو مدة محكومية محددة، مشيراً إلى أن هذه المعركة هي معركة دفاع عن الأسرى أنفسهم وعن إخوانهم المعرضين للاعتقال الإداري في أي لحظة.
وشدد على أن هذه التضحيات الكبيرة التي يضحى بها يجب أن تحظى بإسناد كبير من قبل الجميع، وخاصة المستويين السياسي والقانوني، بحيث يتم تدويل قضيتهم أمام العالم وفي المحاكم الدولية من أجل إحداث الضغط الكافي لمصلحة السجون لإنهاء معاناتهم.
وبيّن أن السيناريوهات المتوقعة في هذا السياق، تشير جميعها إلى نهاية واحدة وهي انتصار الأسير الفلسطيني على إرادة السجان، شأن جميع الإضرابات التي عاصرها داخل السجون والتي أدت إلى انتصار الأسرى وتحقيق مطالبهم.
وأضاف: "عنجهية الاحتلال الحاقدة على كل ما هو فلسطيني يجب أن تواجهها معركة قاسية وجنود صامدون لا يعرفون الانسحاب أو الهزيمة، وإلا فلن ينجح إضراب بعد اليوم، خاصة أن الإضراب هو السلاح الوحيد أمام الأسرى للتعبير عن غضبهم واسترداد حقوقهم وتنفيذ مطالبهم".
وطالب الشعب الفلسطيني بالوقوف في صف واحد خلف الأسرى من أجل مساندتهم، وزيادة مستوى فعالياتهم الشعبية احتجاجاً على تعامل مصلحة السجون لهم وسن القوانين العنصرية بحقهم.
كما أشار إلى ضرورة وجود دعم سياسي من مواقع اتخاذ القرار، وتغطية إعلامية شاملة للأحداث داخل سجون الاحتلال، الأمر الذي من شأنه أن يقوى من عضد الأسرى وتحملهم في معركتهم مع السجان.
وأكمل: "الاحتلال (الإسرائيلي) يجب أن يخضع في نهاية المطاف، لأنه هو الطرف الظالم، وقانونه جائر، بينما الأسرى الحق معهم ما يزيدهم قوة والتزاماً بالصمود"، منوهاً إلى أن الاعتقال الإداري لا يعمل به في كافة ارجاء العالم إلا أن دولة الاحتلال لا تزال مصرة على استخدامه في التعامل مع الشعب الفلسطيني لاعتقال كل من ترغب باعتقاله دون وجه حق.
خطوات نضالية
ويؤكد مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى، فؤاد الخفش، أن الأسرى المضربين عن الطعام، ماضون في خطواتهم النضالية التي بدؤوها منذ فترات متفاوتة، رغم الممارسات العنصرية التي تتخذها إدارة السجون ضدهم.
وأوضح الخفش "أنه نظراً لتدهور الحالة الصحية للأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، شرع الأسرى المحكومون للدخول في دفعات متفاوتة في إضراب إسنادي من أجل نصرة الأسرى الإداريين، مشدداً على أنهم يصرون على استمرار نضالهم حتى تحقيق مطالبهم.
وبيّن أن سلطات الاحتلال تمتنع عن التعاطي مع مطالب الأسرى، وترفض منحهم حقوقهم المشروعة، مؤكداً أن أحداً منهم لم يتلق حتى الآن أي وعود بالإفراج عنه من معتقلات الاحتلال.
وأوضح الخفش أن إدارة السجون تهدف في ممارستها تجاه الأسرى إلى وأد خطواتهم، وعدم اتساع قطرها، عبر عزلهم عن الأسرى، ونقلهم وتوزيعهم داخل سجون مختلفة، مبينا أن سجون الاحتلال تحوي 150 أسيرا تحت بند الاعتقال الإداري.
وبين أن خطوات الأسرى تسير بشكل تدريجي، فيما تحاول إدارة السجون رفع سقف قمعها لهم، معتبرًا مطالب الأسرى الإداريين عادلة وإنسانية، مؤكدًا سعي سلطات الاحتلال لمنع وصول صدى هذه المطالب إلى الفضاء الخارجي.
وأشار الخفش إلى أن الأسرى يريدون إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والتمديدات المستمرة لهم، ووفقا لملف سري تعرضه نيابة الاحتلال على قضاتها، مؤكدا أن الاعتقال الإداري يخالف كافة القوانين والمعاهدات الدولية، وأبسط الحقوق الإنسانية.
ودعا إلى ضرورة مساندة كافة الجهات السياسية والحقوقية والشعبية للأسرى الإداريين في نضالهم، وفضح سياسات الاحتلال بحقهم، وإيصال رسالة الأسرى إلى العالم والمؤسسات الحقوقية للوقوف إلى جانبهم.
ورأى الخفش أن نجاح هذه الإضرابات يحمل شروطاً، أهمها إصرار الأسير على الاستمرار في إضرابه حتى تحقيق غايته وحريته، ووجود حالة إسناد شعبي للأسرى وتضامن حقوقي وجماهيري كبير، وقرار سياسي بتفعيل تدويل قضية الأسرى الإداريين.
وعبر عن آماله في أن يلقى إضراب الأسرى نجاحاً كبيراً، مشدداً على ضرورة توفير الإسناد الشعبي والقرار السياسي لهذه المعركة البطولية التي يخوضها الأسرى.
المصدر: الاستقلال