في الوقت الذي اجتمع فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمرة الأولى بعد انهيار المفاوضات، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه معني ببحث أفكار بديلة لتحريك العملية السياسية.
لكن قسماً من الأفكار البديلة عند نتنياهو يتمثل في سن المزيد من القوانين العنصرية لمجابهة احتفالات الفلسطينيين بذكرى النكبة. وقد لقي فلسطينيان مصرعهما عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار في الضفة الغربية على المحتفلين بالذكرى.
وأشار نتنياهو في حديث مع وسائل إعلام يابانية، قبيل عودته من طوكيو، إلى أنه معني بأن تبحث الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع القليلة المقبلة أفكاراً لخطوات سياسية بديلة بعد انهيار المفاوضات.
وشدد مسؤول إسرائيلي في هذا السياق، على أن نتنياهو يقصد بهذا الإعلان نيته بدء مناقشات مع وزراء ومسؤولين كبار في المؤسسة السياسية والأمنية حول سبل التعاطي مع الوضع الجديد. وليس مستبعدا أن يكون هذا الإعلان متزامناً مع لقاء كيري مع عباس، في خطوة ترمي إلى اثبات نوع من الجدية في رفض استمرار "الوضع الراهن".
وأثناء زيارته اليابان التي انتهت أمس، أعرب نتنياهو لصحيفة "ماينيشي شيمبون" عن قلقه من استمرار الجمود السياسي وعواقب ذلك على إسرائيل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "لا أظن أن الوضع القائم أمر مرغوب ولست معنياً به"، مضيفا: "انني أجري مشاورات مع شركائي الائتلافيين ومع جهات أخرى لرؤية ما إذا كانت لدينا بدائل أخرى، لأنني لا أعتقد أن الوضع القائم فكرة جيدة، وأنا لا أرغب في دولة ثنائية القومية".
وأشار نتنياهو في المقابل إلى أن "كيري سألني إن كنت على استعداد لصنع السلام فقط مع السلطة الفلسطينية، التي لا تسيطر على كل الشعب الفلسطيني، فقلت له نعم"، لافتاً الى "انني كنت مستعداً لإبرام سلام مع القسم الفلسطيني الراغب في العيش إلى جانب إسرائيل".
واعتبر أن "الوحدة الوطنية من أجل السلام أمر جيد لكن التحالف مع حماس التي تدعو علناً إلى إبادة إسرائيل وتنفذ عمليات إرهابية ضد أبناء شعبي، أمر سيئ".
وفور عودته من اليابان، قام نتنياهو بجولة في القدس المحتلة أعلن خلالها أن الرد على احتفالات يوم النكبة سيكون بإقرار قانون القومية الذي يحدد يهودية الدولة ورموزها.
وكان نتنياهو طلب من الوزراء بعد انتهاء مهلة الأشهر التسعة للمفاوضات، الاستعداد لمناقشة أفكارهم بشأن الخطوات السياسية الواجب اتباعها في ضوء تعليق المفاوضات واتفاق المصالحة بين حماس وفتح.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن نتنياهو في المداولات التي أجراها قبيل سفره لليابان تحدث بشكل مشابه حول الحاجة إلى أفكار بديلة.
لكن الصحيفة نقلت عن مشاركين في هذه المداولات قولهم إنه ليس مؤكداً إن كانت هذه رغبة جادة لتنفيذ خطوة سياسية في غياب المفاوضات أم مجرد ضريبة كلامية يدفعها لشريكيه الائتلافيين، وزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني، اللذين هددا بترك الحكومة إذا لم تقم عملية سياسية.
ومعلوم أن انهيار المفاوضات وخشية إسرائيل من عزلة دولية أو انتفاضة فلسطينية دفعا الكثيرين للحديث عن خطوات إسرائيلية. وقد دعت ليفني، مسؤولة ملف المفاوضات، إلى وجوب أن تبحث إسرائيل لنفسها عن بدائل مستقلة تجاه الفلسطينيين. وقد اجتمعت لهذه الغاية مع رؤساء حركة "مستقبل أزرق أبيض" الساعية إلى إقرار خطوات إسرائيلية من طرف واحد، لتقليص السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية. ولدى هذه الحركة برنامج يطالب بتجميد الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية وإقرار قانون تعويضات يسمح بإخلاء مستوطنين إلى داخل إسرائيل أو إلى داخل الكتل الاستيطانية.
بدوره، تحدث وزير المالية وزعيم "هناك مستقبل"، يائير لبيد عن الحاجة لصوغ خطة سياسية بديلة. لكن في المقابل، هناك جهات أشد يمينية تطالب بخطوات متطرفة من قبيل ضم غور الأردن والكتل الاستيطانية رسمياً إلى إسرائيل وقبل التوصل إلى أي اتفاق مع السلطة الفلسطينية.
وتزايد السجال في إسرائيل بهذا الشأن بعدما أبلغت مستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي سوزان رايس نتنياهو وكبار المسؤولين في حكومته إصرار الولايات المتحدة على أهمية العودة إلى طاولة المفاوضات.
وشددت رايس التي التقت حينها كلا من نتنياهو وعباس، على وجوب امتناع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من أية خطوات تفاقم التوتر بينهما. وقالت إن الولايات المتحدة تؤمن بأن السبيل الوحيد لبلوغ السلام الدائم هو المفاوضات المباشرة التي تقود إلى دولتين لشعبين.
وقد التقى كيري وعباس في العاصمة البريطانية للمرة الأولى منذ تفجير المفاوضات في أواخر الشهر الماضي، وبعد إعلان المصالحة مع حماس.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت أن الاجتماع يتعلق بالعلاقات الثنائية الأميركية الفلسطينية. لكن مسؤولاً أميركياً عاد وشدد على أن كيري أبلغ عباس أن "الباب لا يزال مفتوحاً" أمام محادثات التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين شرط أن يتخذ الطرفان الخطوات الضرورية للمحادثات. كما طلب كيري من عباس تجنب الإقدام على خطوات غير مفيدة.
وتحدثت مصادر أميركية أخرى عن أن كيري بحث مع عباس اتفاق المصالحة مع حماس وانهيار المفاوضات والعلاقات مع الولايات المتحدة، وطلب من الرئيس الفلسطيني مواصلة التمسك بالمفاوضات، مشدداً على مطالب واشنطن من كل حكومة فلسطينية وفي مقدمتها الاعتراف بإسرائيل. كما تناول البحث المساعدات الأميركية للسلطة التي تتراوح بين 440 و500 مليون دولار سنوياً.
كما التقي كيري في لندن، أمس، تسيبي ليفني، بحسب ما أعلن مسؤول أميركي.