/مقالات/ عرض الخبر

تاريخية الأرض الفلسطينية كمرجعية لتقرير المصير.. كتب: ماجد الشيخ

2014/04/05 الساعة 07:20 ص

«الصراع الأبدي» الذي وعدت به الحركة الصهيونية يهودها، باستنادها إلى الرؤى التوراتية كمرجعية للاستيلاء على الأرض الفلسطينية، ولاختراع الدولة، ومن ثم لإقامتها فيما بعد، استنادا الى وعد بلفور، مثل هذا الصراع وفي الحال الراهن تغيرت معالمه، وإن لم تتغيّر مرجعيّاته، رغم تراجعها في ظل تقدم مرجعيات سياسية رجراجة لم تحسم أمورها بعد؛ لأي الاتجاهات سوف تنحاز أخيرا: لمرجعيات «الصراع الأبدي» بمحمولاته الدينية التوراتية والصهيونية، أم لمرجعيات السياسة والاقتصاد والإجتماع، أم للاستدراك الراهن القائل بـ«إسرائيل دولة ووطنا لليهود» في سياق (بروباغندا) الإنفصال عن دولة فلسطينية مفترضة ما قامت ولم تقم بعد، على الرغم من اللغو الكلامي والوعود المعسولة والأوهام التي ما فتئت تزين للمفاوضات المجهضة إمكانية أن تقود إلى تلك الدولة العتيدة.
وإذ تطرح اليوم مسألة يهودية إسرائيل وبشكل أكثر إلحاحا من ذي قبل، فهي تطرح كنوع من الإبتزاز؛ إبتزاز الجانب الفلسطيني بتحميله «جمائل» أميركية تحت ادعاء أن واشنطن تسعى لتأمين وجود دولة فلسطينية إلى جانب «وطن اليهود» الإسرائيليين أو «دولة إسرائيل اليهودية»، ما يعني إنهاء حق العودة وطرح احتمالات طرد من تبقى من فلسطينيي الجليل والمثلث والنقب إلى «دولتهم» الفلسطينية، وهذا يعني عمليا البدء بـ «إنهاء» تظهير دولة إسرائيل كـ«دولة ثنائية القومية» أو «دولة كل مواطنيها» وقطع الطريق على إمكانية العودة الى ذلك مستقبلا. وفي هذا السياق يمكن إدراج الحديث عن فكرة أو أفكار التبادل للسكان ولأراض كنوع من ترانسفير مقنع .
وكانت «يهودية الدولة الإسرائيلية» قد وردت في خطاب للرئيس الأميركي جورج بوش عام 2003 خلال انعقاد قمة العقبة في حزيران (يونيو) قال فيه» إن من شأن قيام دولة فلسطينية ديمقراطية تعيش في سلام كامل مع إسرائيل أن يدفع إلى الأمام أمن وازدهار دولة إسرائيل باعتبارها دولة يهودية»، مع أن ذلك كان قد ورد في «إعلان استقلال إسرائيل» في أربعينيات القرن الماضي.
وهكذا تكون واشنطن والرئيس جورج بوش قد أديا «قسطهما إلى العلا» بطرح مشكلة «يهودية الدولة الإسرائيلية» بإضفاء «هوية متجددة» لم تطرأ على بال مؤسسيها يومها؛ إلاّ كنوع من تحصيل حاصل كونها «دولة يهودية» من الأساس، رغم وجود قسم من مواطني الأرض الفلسطينية بقوا مثل مخرز يفقأ عين كل من لا يرى أن أصحاب الأرض الفلسطينيين أولئك، هم خبز حياة خميرة الأوائل الذين سكنوا أرض فلسطين منذ الأزل، وإذ بها بعد أكثر من ستين عاما بحاجة إلى استدراك يعيد وصمها وتوصيفها كونها «دولة لليهود»، لا «دولة مواطنيها» محسوما منها من تبقى من «أغيار»، لا يحق لمن اقتلع من أقربائهم وأهاليهم عام 1948 العودة إلى ديارهم .. أي إلى المناطق التي نزحوا منها أو بقي يسكنها «الأغيار العرب»، ما يعني سحب البساط من القرار 194 وإنهاء حق العودة، وهذا تحديدا ما تسعى إليه المفاوضات كما في الذهن الإسرائيلي والأميركي، وعبر كل حلقات انعقادها، كما وعودتها للانعقاد مجددا.
إن الإعتراف بـ«إسرائيل دولة قومية لليهود»، على ما بات يطالب به الإسرائيليون والأميركيون الآن؛ لا يعني سوى التأسيس لما قد يؤدي عمليا إلى نفي وجود حق للشعب الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، مع ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك، من طرد من تبقى من أبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، حتى ولو سلم إسرائيليون أو أغلبيتهم بضرورة «الانفصال» عن «دولة قومية «للفلسطينيين لا تتجاوز مساحتها 22 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية، وهي دولة حكم ذاتي أكثر من كونها دولة مستقلة فعليا، دولة تابعة أو مرتبطة بحكم مركزي أو أكثر يتقاسم حكم الأرض الفلسطينية التاريخية، مع قوى «التقاسم الوظيفي» في دول أخرى مجاورة نزلت عن قوميتها إلى وطنية غير جامعة، عمادها العمل على الضد من وحدة وطنية مفترضة، فماذا يتبقى أمامها في مواجهة إملاءات خارجية، لا تنسجم في أهدافها مع أهداف تلك الدول المتمسكة بحدودها التاريخية التي كرستها الاتفاقات الدولية، وفقا لمصالح القوى الدولية «الحاكمة» والمهيمنة على مستوى النظام الدولي الذي لم نكن يوما فاعلين أو مؤثرين فيه بالمطلق، قدر ما كنا المفعول بنا وبحقوقنا وبأوطاننا، والمتأثرين به وبأهدافه التي انسقنا إلى «الايمان» بها و«الدفاع» عنها وكأنها أهدافنا القومية الكبرى أو مرامينا الوطنية الصغرى.
فلماذا يراد للفلسطينيين، ليس التخلي عن حدودهم التاريخية، بل التخلي عن تاريخهم وتاريخ أجدادهم قبل ان «يبصموا» على ضياع وطنهم التاريخي مرة وإلى الأبد؟!!

 

المصدر: صحيفة المستقبل
 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/56943

اقرأ أيضا