/مقالات/ عرض الخبر

يوم الأرض.. كتب: افتتاحية الخليج

2014/03/31 الساعة 07:43 ص

ليس هناك ما يغيظ الجاني أكثر من تشبث المجني عليه بحقه . فهذا التشبث تذكير دائم للجاني بجنايته التي يريد أن يتخلص من تبعاتها وآثارها . وهي تذكير للعالم الذي يتفرج، أن هناك جريمة وضرورة تقويم الأمر حتى لا تصبح الجناية قاعدة ويتحول العالم إلى غابة . والاحتفاء بيوم الأرض الذي أصبح نهجاً متواصلاً منذ ثمانية وثلاثين عاماً للفلسطينين، يعكس قمة التصميم على استرداد الحقوق، وعلى رفض نتائج العدوان .
وقد يبدو للناظر البعيد وحتى للقريب غير المتأمل أن يوم الأرض ليس أكثر من طقس يمارس ولا يثمر شيئاً . وهو رأي يتعزز كلما تمعن المرء في السياسات والإجراءات "الإسرائيلية" فهي كما تقضم الأرض في الضفة الغربية وتبني عليها المستوطنات من أجل مسح كل معالمها التي تذكر بالتاريخ الفلسطيني، فلا تكل عن إعلان المناقصات لبيع أملاك اللاجئين الفلسطينيين في داخل فلسطين ،48 وهي الإجراءات التي تحرم الفلسطينيين المتواجدين في الضفة الغربية من إمكانات البقاء والاستمرار دفعاً لهم إلى الهجرة . وهي الإجراءات التي تسعى أيضاً لإطفاء الأمل لدى اللاجئين بإمكانية العودة، حيث لا مكان لهم .
ومعضلة المحتل أنه لا يتعلم من دروس التاريخ . فاغتصاب الأرض والبناء عليها لا يعطي حقاً له لا شرعاً ولا قانوناً . ولكن الأهم أنه لا يعطي حقاً له في عقول وأفئدة الناس المغتصبة أرضهم .
فالأرض تعادل الوجود ليس من حيث إنها مصدر الرزق فحسب وإنما لأنها محور تاريخهم وثقافتهم وطرق حياتهم وأنماط حزنهم وأفراحهم . والمحتل يظن خطأً أن تغيير معالم الأرض وملامحها من خلال بناء المستوطنات أو المناطق الصناعية يلغي وجودها . فالأرض لدى كل شعب ليست التراب والصخر الذي تتكون منه وإنما الذاكرة التي تمنح الإنسان هويته ومكانته .
الطريقة الوحيدة التي بإمكانها محو هذه الذاكرة وذلكم الحنين يتأتى من خلال الإبادة الشاملة كما فعل الأوروبيون في القرون الماضية في العالم الجديد . وقد يكون من سوء حظ الصهاينة أن اندفاعهم لتحقيق مشروعهم لم يجر في تلك الفترة . ومع ذلك، فهم لا يتورعون عن القتل وعن التطهير العنصري بالطرق المتاحة في عالم اليوم . الإبادة السريعة لا يتورعون عنها ليس تعففاً لأن من يقتل العشرات لا يهمه قتل المئات والآلاف والملايين . فحدود القوة يرسمها العصر الذي تعيش فيه . وهذه هي مشكلة الكيان الصهيوني لأن حدود القوة التي يعمل على إطلاقها لم تعد تخيف أحداً .
ولهذا فالاحتفاء بيوم الأرض يخيفه أكثر لأنه يذكره على نحو مستمر بأن الحقوق لا يمكن إلا أن تعود لأصحابها .
"لم تتمكن "إسرائيل" طوال سنوات النكبة من كيّ الوعي الفلسطيني، أو أن تمحو ذاكرته، لذلك سيبقى الصراع قائماً إلى أن يتم استرداد الأرض . وستظل الأجيال تحمل فلسطين في قلبها وذاكرتها، وهذا ما يقلق "إسرائيل" .

 

رابط مختصرhttps://alqudsnews.net/p/56569

اقرأ أيضا