سادت حالة من السخط والغضب بين مواطني الضفة الغربية وخصوصاً مخيم جنين، وذلك لمواصلة التنسيق الأمني بين عناصر أجهزة السلطة الفلسطينية والاحتلال "الإسرائيلي" والذي أفضى لاغتيال ثلاثة من المقاومين في جنين، تلك السياسية التي تعتبر بوابة كبيرة وخطيرة ولعبة تقودها السلطة مع الاحتلال ضد المقاومة لتكبيلها والنيل منها.
وكانت مصادر عسكرية في جيش الاحتلال أكدت أنها نسقت بالفعل مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلال عملية اقتحام مخيم جنين فجر- السبت الماضي - من أجل اغتيال حمزة أبو الهيجا.
وكان جيش الاحتلال اغتال بمخيم جنين -السبت الماضي- القائد الميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام حمزة جمال أبو الهيجا (22 عاماً)، والشهيد محمد عمر أبو زينة (27 عاماً) أحد مجاهدي سرايا القدس، والشهيد المجاهد يزن محمود جبارين (23 عاماً) أحد مناضلي كتائب شهداء الأقصى.
يشار إلى أن ثلاثة أجنحة عسكرية وهي سرايا القدس وكتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، حمّلت الاحتلال "الإسرائيلي" وأجهزة أمن السلطة المسئولية المشتركة عن جريمة استشهاد ثلاثة مقاومين بمخيم جنين شمال الضفة الغربية.
عبء كبير
يقول الشاب خليل فرج الطالب في جامعة النجاح بنابلس:" السلطة الفلسطينية أصبحت عبئاً كبيراً علينا، فالاعتقالات السياسية ترهقنا حتماً نحن كطلاب جامعات، كما سئمنا سياسة التنسيق الأمني التي تخدم الاحتلال "الإسرائيلي" في المقام الأول"، مشيراً إلى حالة الغضب والسخط التي عمت أرجاء الضفة الغربية جراء التنسيق الأمني الواضح بين عناصر الأجهزة الأمنية والاحتلال وخصوصا في جريمة اغتيال شهداء جنين ".
ويضيف فرج في حديثه، " قبل أيام كان هناك تشييع جثمان الشهيد محمد الحنبلي في نابلس، حيث قامت أجهزة السلطة باعتقال العديد من أبناء شعبنا الفلسطيني وحتى هذه اللحظة تقوم باعتقال العديد منهم"، لافتاً إلى أن الجريمة التي اعتقلوا عليها هي مشاركتهم في مسيرة تشييع الجثمان، مع أنهم لم يهتفوا بأي عبارة تمس بالسلطة لا من قريب ولا من بعيد.
ويتابع " شاهدنا كيف تم اغتيال ثلاثة من مقاومي مخيم جنين من قبل الاحتلال، بمساعدة السلطة، ونقول لكل متعاون مع الاحتلال خسئت فسنبقى على نهج المقاومة والشهداء".
روتين يومي
ويوضح المواطن أبو ربيع السعدي من مخيم جنين وهو شقيق القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" الشيخ بسام السعدي والذي اعتقل عدة مرات من قبل أجهزة أمن السلطة والاحتلال "الإسرائيلي" أن التنسيق الأمني أصبح روتيناً يومياً بالنسبة لأجهزة الأمن الاحتلال، مشدداً على أنهم يعانون الأمرين من تلك السياسة التي وصفها بالحمقاء.
ويبيّن السعدي أن الضفة الغربية وخصوصاً مخيم جنين يعاني من احتلالين احتلال سلطوي وآخر "إسرائيلي" لأن كل منهما يتبادل الأدوار في اعتقال وملاحقة المقاومين، مضيفاً " هذه الملاحقات والمداهمات لم تنه مقاومتنا ضد المحتل، لأن المقاومين يتجددون باستمرار فهي عبارة عن "مزرعة تفريخ" فجيل مقاوم يذهب ويأتي مكانه جيل آخر ".
وتابع " العمليات المشتركة بين الاحتلال والسلطة تؤثر على عمل المقاومة وتحد من إمكانيات المقاومين"، مطالباً بإنهاء ملف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وفك الارتباط بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال، لما مثله من حرف القضية الفلسطينية عن مسارها الصحيح، وإراقة دماء المئات من المقاومين.
رفض الاستجابة
دعا القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ خضر عدنان، كافة أبناء الشعب الفلسطيني؛ لعدم الاستجابة لاستدعاءات أجهزة مخابرات الاحتلال والسلطة في رام الله، مشيراً إلى أن الاحتلال " حاول اعتقال واستدعاء عدد من الشبان الفلسطينيين من بلدة اليامون غرب جنين شمال الضفة الغربية مساء، السبت الماضي لمشاركتهم في تشييع جنازات الشهداء الثلاثة في جنين.
وأكد الشيخ عدنان في تصريحات صحفية أن سلطات الاحتلال "الإسرائيلية" تعمل على تقديم استدعاءات للمواطنين لمراجعة مقراتها وعند وصولهم إلى هناك تبدأ بالتحقيق معهم ومن ثم تعتقلهم، مبيّناً أنه في حال لا يريد الاحتلال اعتقال أحد المواطنين تحضر إلى منزله وتحقق معه هناك ثم تنصرف.
وقال: "إن الحديث عن تعرض من لا يسلم نفسه لأجهزة المخابرات "الإسرائيلية" للخطر كلام غير صحيح فالاحتلال لا يمكن أن يصمد في مواجهة شعبنا الفلسطيني، ودعوتي لأبناء شعبي ولقادة الفصائل الفلسطينية بعدم الاستجابة لاستدعاءات الاحتلال وإفشال كافة مخططاته الرامية للنيل من شعبنا" نافيا الأنباء التي تناقلها عدد من وسائل الإعلام والتي تحدثت عن محاولة سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" محاصرة منزله بهدف اعتقاله
بوابة خطيرة
من جانبه، يؤكد الخبير الأمني كمال تربان أن السلطة تريد أن تُبقي نفسها في صورة الذل والهوان من خلال خدمتها للاحتلال "الإسرائيلي" في عملية التنسيق الأمني التي تعتبر بوابة كبيرة وخطيرة ولعبة قذرة تقودها السلطة بالضفة، مشيراً إلى أن الاحتلال يسعى من خلالها للبحث عن كل السبل للوقوف على كل ما يهدده في الساحة الفلسطينية.
ويوضح تربان، أن خطورة التنسيق الأمني تتمثل في أمرين وهو دل الاحتلال على المقاومين وتعريفهم بأسرار هؤلاء المجاهدين وتحركاتهم، والأمر الآخر يتمثل في حرمان المقاومة الفلسطينية من بيئة عمل آمنة تتمكن من خلالها تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وتدافع عن حرماتهم، مشدداً على أن التنسيق الأمني حد من عمليات المقاومة بالضفة الغربية بصورة كبيرة.
ويرى الخبير الأمني أنه لا بد من أن يتم النظر إلى جذور المشكلة في التنسيق الأمني لا إلى فروعها، والتي تتمثل في تآمر السلطة الفلسطينية على المقاومة لتحقيق مصالح خاصة.