من محطة إلى أخرى، ومن ميدان إلى ميدان يتدفق الدم القاني ليروي ثرى فلسطين المقدس، ففي كل يوم تشرق فيه الشمس وتغيب تودع فلسطين الحبيبة الشهيد تلو الشهيد وتعيش ذكرى رحيلهم المجيد، وكأن فلسطين بات مكتوبٌ عليها أن تتوشح ثوب العز والفخار على مدار ساعات الليل والنهار .
عشر سنوات مرت على رحيل الشهيد القائد ياسر أبو العيش، ولازالت ذكرى رحيله تبعث في نفوس رفاقه ومحبيه روح المقاومة والإقدام نحو الشهادة في سبيل الله، فلم تمنعه صواريخ الاحتلال عن مواصلة جهاده رغم ما أحدثته له من إصابة بالغة أدت لبتر ساقه وذراعه، فواصل شهيدنا القائد جهاده حتى الرمق الأخير، فكانت شهادته أسمى ما تكون رسالة لكل متقاعس متخاذل، وما أعظمها من رسالة مجبولة بدم شهيد أبى إلا ان تكون نهايته شبيهةً بقصة استشهاد الصحابي الجليل جعفر الطيار الذي أبى أن تسقط راية التوحيد من بين ساعديه رغم الطعنات القاتلة التي تعرض لها.
وأكد أحد القادة الميدانيين لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بلواء رفح " أبوعبيدة"، أن الشهيد القائد ياسر أبو العيش كان مدرسة في العلم العسكري والخبرة القتالية الفذة، موضحاً أنه عمل طوال فترة حياته القصيرة على تطوير وابتكار وسائل قتالية جديدة ونوعية لقتال العدو الصهيوني سواءً في تطوير الصواريخ القدسية أو العبوّات الناسفة.
وخلال إسهابه في الحديث عن مناقب الشهيد أبو العيش، قال أبو عبيدة :" الشهيد كان رمزاً للقائد الملتزم والشجاع، فكان (رحمه الله) لا يترك ثغراً فيه مرضاة لله إلا وسلكه، كما أشرف بنفسه على إرسال العديد من الاستشهاديين، وكان له بصمات واضحة في تخريج العديد من الدورات في كافة المجالات العسكرية"، واصفاً إياه بالرجل العسكري من الطراز الأول.
وأضاف " بكل صدق وأمانة نحن اليوم نفتقد لرجال أمثال الشهيد ياسر، لما كان يتميز به من عطاء وإخلاص وتفاني وإقدام على الشهادة دون تردد "، مؤكداً أن الشهيد أبو العيش واصل جهاده وقتاله لبني صهيون حتى بعد إصابته ببترٍ في ساقه وذراعه، الأمر الذي أصاب بني صهيون بحالة من الذهول والغيظ ودفع قادتهم تحريك جيشهم لاجتياح مخيم رفح خصيصاً لاغتياله.
واستطرد قائلاً :" الشهيد ياسر أذهلنا جميعاً، فلا زلت اذكر له اليوم الذي خرج فيه ممتشقاً سلاحه للتصدي وقتال جيش الاحتلال الذي اجتاح منطقة تل السلطان، فرغم بتر ساقه وذراعه بالكامل، وأخذ يطلق النار من سلاحه الذي كان يحمله بيد واحدة على الجنود ويتحرك على كرسيه من مكان لأخر ".
ويعتبر الشهيد القائد ياسر أبو العيش من مؤسسي النواة الأولى لسرايا القدس في جنوب قطاع غزة، حيث اشرف على إعداد وتدريب عشرات المجاهدين والاستشهاديين، كما يعتبر المخطط الأول لعملية "رفيح يام" والتي نفذها الاستشهاديين طارق أبو حسنين وأيمن الجزار.
وفي السياق ذاته أشاد أحد تلاميذ القائد أبو العيش، المجاهد "أبو بلال"، بما كان يتمتع به الشهيد القائد من صفات جعلته قدوة لجيل كامل من المجاهدين لازالوا على العهد ماضون، مؤكداً أنه كان مدرسة في العلم العسكري والخبرة القتالية الفذة التي اكتسبها طوال مشواره الجهادي ونقلها إلى إخوانه المجاهدين.
وبين أن الشهيد واصل العمل الليل بالنهار دون كلل أو ملل وكان يدعوا المجاهدون أن يخلصوا نياتهم لله رب العالمين حتى يسدد الله ضرباتهم .