خاص/ القدس للأنباء
بين زحمة الباحثين عن منافذ للرزق وندرة الفرص في إيجادها داخل الأزقة، يمتلئ مخيم البداوي بضجيج اللكنات المختلفة لصوت شخص واحد، شخص بملامح عديدة لوجه واحد، أينما تجمع الغيم السياسي يمطر ولو بعضاً من صراعاته عليه.
وفي ظلال الأزمة يفترش المعنيين بأمن المخيم اجتماعياً ومعيشياً فيء مراكزهم دونما تحريك ساكناً يذكر في ضبط الأمور للتخفيف من حجم الفوضى.
أبو الفدا
يشتكي أبو الفدا وهو ربّ أسرة من أبناء مخيم البداوي وصاحب بسطة خضار، من فوضى العمالة السورية في المخيم كما وصفها، حيث أن المضاربة داخل المخيم تضيّق عليهم معيشيا، في حين أن النازحين السوريين يمكنهم العمل خارج المخيم فضلاً عن استفادتهم من برنامج الهيئة اللبنانية للإغاثة المعنية بالسوريين النازحين، مضيفاً لمراسل "وكالة القدس للأنباء" "أن ذلك أثّر بطبيعة الحال على مدخول المحل بحيث أنني لم أعد أتحمّل إيجاره ما اضطرني إلى تحويله لمحل بقالة وإضافة بسطة لبيع الخضار في الطريق لتحسين مدخولي كي أتمكن من إعالة أسرتي".
شحادة (أبو زياد)
أمّا شحادة صاحب "مقهى البارد والبدّاوي"، وهو متزوج ويعيل أسرة من خمسة أفراد، فقد بنى مقهاه في جزئه الأكبر ضمن مساحة تعود لحي المهجرين "البيت الأبيض" حسب خارطة الأونروا للمجمع السكني - كما أشار شحادة لمراسل "وكالة القدس للأنباء" - وبناء على موافقة جميع أهالي الحي، مستكملاً حديثه "ولقد ساندني جميع أهالي الحي عندما كان هناك قرار بهدم المقهى".
واعتبر شحادة أن بناء المقهى في مكانها الحالي لم يضر أحدا، بل كان وما زال مصدرا لرزق عائلته، ومقصداً لكثير من شرائح المجتمع في المخيم من عمال ومهنيين وأساتذة ومهندسين ورياضيين، مؤكداً أن تنوع روّادها الاجتماعي إنما يشير إلى حسن إدارتها.
أمّا عن الجزء المبنيّ على الطريق الرئيسي للمخيم، يضيف شحادة "هناك عدد هائل من المخالفات في المخيم، والأغرب أن جزء منها مرتكب من قبل المعنيين في المخيم بإزالة المخالفات"، مؤكداً أنه على استعداد للالتزام بأي عملية إزالة للمخالفات في المخيم شرط أن يطبّق ذلك على الجميع دون استثناء.
محمود إبراهيم
فلسطيني نازح من اليرموك ويساهم في إعالة أسرته، يعمل على بسطة لعصير الليمون قدمها له أحد أبناء المخيم.
يقول إبراهيم "أنا لا أملك إمكانية دفع إيجار محل، والبسطة بالكاد تساعد على تأمين قوتنا اليومي"، معتبراً أن منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولة عن تراخي الأونروا في التعاطي مع أزمة الفلسطينيين النازحين من سوريا، مطالباً " منظمة التحرير بالضغط على الأونروا لتتحمل المسؤولية اتجاهنا كونها موجودة أصلاً لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وبقرار دولي".
مسؤول اللجنة الأمنية - أبو مصطفى
يفيد مسؤول اللجنة الأمنية أبو مصطفى لمراسل "وكالة القدس للأنباء" بأنه "خلال حملة قامت بها اللجنة الأمنية منذ عامين لإزالة المخالفات وتنظيم حركة السير، والتي شملت شوارع حيوية ورئيسية في المخيم من حيث حركة السير فيها على مدار الساعة كشارع السوق وشارع الهلال، لاقت الحملة ترحيباً وارتياحاً كبيرين لدى الأهالي وأصحاب المحال التجارية، تترجم ذلك من خلال مئات الاتصالات من الأهالي التي تلقتها اللجنة الأمنية للمطالبة بالبدء بأحيائهم. إلا أن ذلك لم يسمح باستمرار الحملة، مضيفاً أبو مصطفى "حيث أنه واجهتنا عقبات من بعض المرجعيات المتنفذة في المخيم في شارع أبو الفوز، وكان بإمكان قيادة الفصائل تبديد هذه العقبات، لكن ما حصل في الواقع أنه تمّ تمييع المشروع بأكمله من خلال عقد سلسلة من الاجتماعات المفرغة من أي قرار لاتخاذ خطوات عملية لحل العقبات".
وفي ردّ على سؤال لمراسلنا عن كيفية الحل لهذه المعضلة، يعتبر أبو مصطفى بأن العمل في القوة الأمنية يجب أن يكون كمؤسسة لخدمة الواقع الأمني بمفهومه الشامل للمخيم وأهله، محمّلاً قيادة الفصائل المسؤولية عن نوعية العناصر الذين يفرزون للعمل في القوة الأمنية من حيث خلفيتهم الإجتماعية والسلوكية.
كما طالب أبو مصطفى الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية والمجتمع المدني على حدّ سواء بإعادة النظر في استكمال المشروع بشكل عادل وسريع.
مأساة تضاف على لائحة أخواتها من المآسي التي يعاني منها القاطنون في مخيم البداوي على مختلف مشاربهم، في انتظار من يبدأ عملياً بمحوها تباعاً من سجلات الحياة اليومية لديهم.